الخرطوم: هدى شريف
المجموعة القصصية الأخيرة للكاتب هاشم محمود حسن (الانتحار على أنغام الموسيقى)، عمل فني بذل فيه الكاتب مجهوداً جباراً ومقدراً، في حل مشاكل المرأة بصورة عامة، وتحديداً المرأة العاملة.
المجموعة صدرت حديثاً عن دار النخبة للنشر والتوزيع، وتضم عدداً من القصص القصيرة، تحكي بعضها عن مشاكل المرأة بصفة عامة، ويطغى عليها الجانب الاجتماعي الإنساني بشكل كبير، في سرد قصصي لمشكلات مجتمعية، تحدث في الواقع العربي والأفريقي بشكل يومي.


يحاول الكاتب في تلك المجموعة أن يوثق إلى أن الحياة الاضطرارية المفروضة على الإنسان في ظرف من الظروف، تُعد نوعاً من الانتحار، لكنه انتحار مقنن بالبطء على وقع الموسيقى.
بسهولة وبساطة أسلوبه في السرد، القائم على عدم الإسهاب الممل ودون تعقيدات لغوية، أنجز هاشم المجموعة التي تضم إحدى عشرة قصة، يشبه فيها واقع الحياة بالنوتة الموسيقية، التي قد تتأقلم عليها أو تجبرك على التعايش معها، رغم رفضك لها بدوافع كثيرة.


اهتمام هاشم بالمرأة وتناول قضاياها لم يبعده عن تاريخ بلده إرتيريا، الذي يبدو أن الكاتب مغرمٌ به حد الإدهاش، وظهر ذلك في أعماله التي أنتجها منذ صدور عمله الأول (الطريق إلى أدال)، وانتهاء بمجموعته (الانتحار على أنغام الموسيقى)، مما جعله كاتباً يعشق الوطن وتاريخ بلاده بصورة غير طبيعية، أثرت على جميع كتاباته، وخطه الذي انتهجه وجعلت منه روائياً مميزاً.
التاريخ الإرتيري هو البطل المحوري في أعمال هاشم محمود، من خلال توثيق نضال شعب إرتيريا ضد الاستعمارين الإيطالي والإثيوبي، من ناحية أخرى يقدم هاشم محمود الرواية في قالب أدبي فني ممزوج بروح المقاومة، ونضالات شعب بلاده، ويعكس حياة اللجوء والتشرد، ومدى قوة وعزيمة الإنسان الإرتيري، يصنف ككاتب ثوري من تيار الحداثة، لكنه مغرم بتوثيق التاريخ.


أعمال هاشم كفيلة بتعريفك عن بلاده ومدنها وطبيعتها وطبائعها ونضالها، من آدال إلى تقوربا إلى أسمرا، إلى البارود الذي تجرأ الكاتب على وصمه بالعطر.
هاشم المولود في إرتيريا مولداً ونشأة، إلى القاهرة نشراً وإبداعاً، إلى الخليج العربي عملاً وإقامة، استعصى الروائي هاشم محمود على الجغرافيا أن تحيد سرده عن التاريخ الذي اختطفه في أعماله، ليكون رائد تيار الحداثة القادم من بلاده، وإن استتر بعباءة التاريخ مهما باعدته الجغرافيا.
هاشم محمود كاتب مفتون بحب الوطن، حكى تاريخه وجسد معاناة شعبه، وكل ما عاشه فترة الثورة الإرتيرية بكل تفاصيلها، وثار بأدبه على الأوضاع الخاطئة، تظل ارتيريا العمود الفقري لجميع أعماله.
الكاتب والروائي والقاص هاشم محمود، المتابع لمسيرته أنه يصعد بقوة، خاصة بعد حصول روايته (عطر البارود) على جائزة أفضل رواية أفريقية طبعت بجمهورية مصر العربية للعام 2019م، ووضعته تلك الجائزة في تحدٍ مستمرٍ في كل ما هو جديد النسبة.

التعليقات