كان الشيء الوحيد الذي يكدر حياتنا في مدرسة وادي سيدنا الثانوية هو حشرة الفسّاية، التي تتكاثر في الخريف وتمشي على جلدك وهي “تفسي” سائلا كيميائيا يسبب اكياسا مائية (بقاقات) هنا وهناك في جسمك، وكثيرا ما كنت استيقظ من النوم لأجد أذني اليمني اكبر من اليسرى، وحواجب العين متورما، وما عدا ذلك كانت المدرسة آمنة من جميع النواحي، رغم انها كانت بلا أسوار خارجية، فجميع الناس في وادي سيدنا كانوا إما طلابا او عاملين في المدرسة، وكان هناك حي للعمال مساكنه من الحجر ومطلية باللونين الأبيض والأزرق، أما بيوت المدرسين فكانت واسعة وفخمة وبها حدائق واسعة مخضرة على الدوام، لأن فريقا من عمال الحدائق كان يعني بالنجيل والأشجار والزهور، وكانت بمسجد المدرسة الفخم حديقة رائعة البهاء متخمة بورود زاهية وكنا نجلس فيها لاستذكار الدروس عصرا
كانت حصص الرياضة مخصصة للجمباز واللعب على المتوازي والحصان الخشبي، على ان يمارس الطلاب السباحة ولعب جميع أنواع الكرة في وقتهم الخاص، وكان أستاذ حمدي يعطي ارشاداته فقط بالإنجليزية اثناء تمارين الرياضة، وكانت هناك قاعة بها كافة تجهيزات الجيم gym لبناء الأجسام والعضلات، وكنت بدون فخر من أميز الفاشلين في الرياضة والرياضيات، وكان أبناء داخليتي (أبو قرجة) يلعبون كرة الدافوري مع جيراننا في داخلية جماع، وكانوا يستعينون بي ك”تمامة عدد”، ويوكلون لي حراسة المرمى، وكنت خلال اللعب معنيا بحماية نظارتي، لو اصطدمت بي الكرة ولم تدخل المرمى خير وبركة، ولو تم تسجيل هدف أيضا خير وبركة، وكانت المدرسة تنظم ما بين ديسمبر ويناير من كل عام منافسات العاب القوى الأولمبية (جري والقفز العالي والمستطيل وبالزانة والحواجز والسباحة والغوص diving والجلة والقرص والرمح الخ) وتتنافس الداخليات للفوز بالبطولة، فيشارك جميع الطلاب في هذه اللعبة او تلك لحصد الدرجات لداخلياتهم، ولا بأس من أن أكتب مجددا عن تجربتي في سباق الضاحية، حيث كانت سيارة المدرسة تنزل المتسابقين قرب قرية سيرو ليجروا لمسافة بضعة كيلومترات، وقررت المشاركة على أمل الفوز، واختفيت بين شجيرات على بعد نحو كيلومتر واحد من نقطة النهاية، وعند ظهور طلائع المتسابقين بدأت في الجري، ووصلت نقطة النهاية وجاء ترتيبي ال27 من بين 32 متسابقا ومع هذا نلت من التصفيق ما لم ينله الفائز الأول عثمان عبد اللطيف السنهوري رحمه الله (من أبناء أقجه في دنقلا وكان حارس مرمى المدرسة وموهوبا في الشعر الحلمنتيشي ومن اشعاره: الشهادة سبب القراية/ وفي النهاية أجيب التريس -الدرجة الثالثة grade 3- بلحن: يا ال هواكم أذى في البداية، وأختها: يا ال هواكم بقى لي جريمة)

التعليقات