فارق توقيت عجيب، المواطن السوداني في أي مكان، داخل أو خارج البلاد يكابد وضعا حرجا وتنقبض أنفاسه في كل لحظة يتذكر فيها أنه بعيد عن بيته جبرا لا اختيارا،

والغالبية في أوضاع مادية مذلة لا يجدون ما يقيم أود أسرهم وتنكسر أعينهم عندما تلتقي بأعين أطفالهم الجوعى والعراة الحفاة.

هؤلاء السودانيون تلدغهم (عقارب) الساعة وهي تمضي كأنها جبال تتحرك ببطء وتثاقل كبير، وفي المقابل فإن الفاعلين الممسكين بزمام الأمور يستوي عندهم اليوم بالأسبوع بالشهر بالسنة، قادرون على الإنتظار و مط البال بلا نهاية.. ما يجب أن يُفعل اليوم قابل للإرجاء للشهر المقبل، أو حتى صرف النظر عنه مهما كان مصيرياـ فتكون الصورة شعب يقتله الإنتظار بلا أمل، يقابله ممسكون بتصاريف الحال لا ينتظرون شيئاـ يستوي عندهم الماضي والحاضر والمستقبل، و “الفورة مليون”.

هذا أخطر ما تواجهه البلاد حاليا.. غياب الفعل حينما يكون الفعل مصيرا لشعب بأكمله و وطن.

سأضرب مثلا بوجه واحد من أزمة لها ألف وجه..
المبادرات التي تصطنع لحل الأزمة السودانية، التي تتجول بين دول ومدن العالم، وآخرها المفاوضات المرتقبة في سويسرا، هي كلها مبادرات خارجية لدول ومنظمات لا تعاني من أزمتنا السياسية لكنها تحاول أن تشاركنا في حلها.

في المقابل نحن –السودان– أهل الوجعة غير معنيين إلا بالرفض أو التثاقل في التعامل معها، ولكأنها هي أزمة من يقدمون المبادرات لا نحن.

إذا رفضنا -مثلا- الذهاب إلى سويسرا، وتعطلت هذه الفرصة وفشلت، فلا يعني ذلك لأن في خاطرنا بديل أو فكرة أخرى لحل مشكلتنا القاتمة. بل نعود إلى السكون والانتظار المقيت في انتظار فاعل خير يقدم مبادرة أخرى.
وقد لا تأتي مبادرة، أو تأتي من دولة أو منظمة بعد ثلاثة أشهر أو ستة أو عام كامل ويستمر الاعتراك فوق جثة الوطن.

لماذا لا يجتمع شمل السودانيين إلا بفعل فاعل غير سوداني؟
لماذا ينتظر شعب السودان أن تشرق شمسه من أفق غيره؟
مثل هذه الحال لا يدلل إلا على العطل الكبير في تقويمنا الوطني، ليس في مستقبلنا ما ننتظره بما يكفي لنجتهد في صنعه.
ومن هنا الخطر..

الخطر ليس في الحرب ، فهي مهما طالت ستنطفيء جمرتها ولو بالزمن و تلاشي القدرة على الإحتراق الذاتي.
لكن الخطر أن لا يكون للأمة السودانية غد تنتظره.

حديث المدينة الأحد 4 أغسطس 2024 ما

التعليقات