كثيرون هم الذين كتبوا عن بلادنا وتحدثوا عنها إفاضة أو بما قل ودلْ، أجاد البعض وصدق البعض، والكثيرون كانت كلماتهم أقصر من قامة هذه البلاد السامقة. وعلى كثرة الورّاد والسقاة والثقاة على نهر هذا الوطن المثيرة للجدل فإن أعمق ما سمعته عنه وفيه، حينما سأل سائل الشيخ الدكتور حسن عبدالله الترابي عليه الرحمة والرضوان قائلاً: إن المتتبع ما تكتب وتقول وتحاضر في الدين والحياة والأفكار والتجديد يرى أن اجتهادك أكبر بكثير من هذه الجغرافيا المحدودة فأنت بمقدراتك على سعة العالم كله فلماذا هذا الإصرار على جغرافيا السودان وتجربته السياسية والفكرية؟

وعلى ما أذكر فقد ورد هذا السؤال في ندوة إن لم تخني الذاكرة بعد خروج الرجل من المعتقل عام ١٩٧٦. فأجاب بهذه الجملة الذهبية التي رغم قصرها أراها من أجمل ما كُتب في أدب الإحتفاء بالأوطان.
قال الشيخ باقتضاب: (في هذه البلاد المباركة تجدُ أن الأبواب مشرعة، والأمن مستتب، يأكلون من حلال أموالهم، يد موصولةٌ من الأرض إلى السماء، والنُطف غير متهمة)

أخي الشيخ الدكتور وأنت في عليائك والحال هذه الحال من الفوضى والتردي والإقتتال والسلب والاغتصاب هل تُرانا فرطنا في السودان أم أنه زهد فينا؟ وهل تأذن لنا سيدي بأن تكون هذه الكلمات الوضيئات هي الشفرة المتفق عليها للسودان القادم؟

التعليقات