☆ التعليم في السودان له تاريخ طويل ومعقد، يمتد من العصور القديمة إلى العصر الحديث. هذا التاريخ يعكس تطور المجتمع السوداني وتأثره بالعوامل الدينية والسياسية والاجتماعية. من دور العبادة القديمة إلى المدارس الحديثة، كان التعليم دائمًا محورًا أساسيًا في حياة السودانيين. قال الله تعالى في كتابه الكريم: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) 《سورة العلق، الآية 1. في هذا المقال، سنستعرض تطور التعليم في السودان، بدءًا من العصور القديمة مرورًا بفترة الاستعمار وحتى يومنا هذا، مع التركيز على التحديات والإنجازات التي شهدها هذا القطاع الحيوي.

  • أولًا: التعليم في السودان

لا شك أن التعليم في السودان قديم جدًا، وقد عبر عن ذلك كثير من المؤرخين. وآخر علماء التاريخ الإنساني، شاري بوني، أشار إلى أن أقدم إنسان على وجه الأرض كان في السودان، وهذا دليل راسخ على وجود أول لبنات التعليم. كما أكدت كل كتب العلم على ذلك، وبالتالي فإن السودان هو الأصل في التعليم. والشاهد على ذلك تعدد اللغات واللهجات المنسية والحاضرة منها، والتي تطورت عبر الزمن.

  • ثانيًا: التعليم في العصور القديمة

اعتمد التعليم في السودان القديم على دور العبادة، سواء كانت مسيحية أو إسلامية أو أديان وضعية، وكانت هذه الدور هي نواة التعليم. أما في العصور الحديثة، فقد اعتمد التعليم بشكل رسمي على الأديان السماوية، ومنه انتقل عبر الحقب إلى التعليم الحديث حتى يومنا هذا.

  • ثالثًا: التعليم في فترة الاستعمار

في الحقب التي صاحبت الاستعمار، كان دور التعليم الحديث محصورًا على أبناء الزوات والذين كانوا أقرب إلى موالاة الحكام. أما الطبقات الدنيا، فكانت تعتمد على التعليم من قبل الخلاوي. مع تطور الأوضاع السياسية ورفع الوعي المجتمعي، بادرت جماعات في جعل التعليم هو المحرك لحياة الشعب الذي عانى من الجهل والأمية. حتى التعليم الذي كان يتلقونه كان عبارة عن مبادئ أولية، واستفاد منها متعطشو جهل الناس لتمرير أجندتهم. فصارت المطالبة برفع الوعي هي الضامن لاستمرار واستقرار عملية التعليم بالصورة الحقيقية، وعبرت عنه بظهور الثورة المهدية التي مهدت الطريق.

  • رابعًا: التعليم في فترة ما بعد الاستعمار

بعدها، أعاد الاستعمار بوجهه الجديد حيث عمل على إدخال التعليم الحديث (المدرسي)، حيث عمل على إدخال العلوم التربوية لمجابهة متطلبات تطور العملية التعليمية وإلحاق مجتمعاتهم بنهضة الأمم وجعلهم أمة رائدة في هذا المجال. عملت المدارس التعليمية على رفع الوعي الجمعي لدى المجتمع السوداني، حيث ظهرت مدارس تنادي بالتعليم للجميع، ومنها انتشرت المدارس في أنحاء السودان.

  • خامسًا: تدهور التعليم

تدهور التعليم من أبرز العيوب الجوهرية التي عصفت بالتعليم، الذي أصبح عالة على المجتمع. رغم وجود مدارس وجامعات ومعاهد عليا ومعاهد فنية، إلا أن المحصلة كانت صفرًا، وذلك بفعل الأنظمة الشمولية التي رأت في العملية التعليمية منافسًا شرسًا لها، مما حد بها إلى تدميره بواسطة المناهج الفاسدة التي تعمل على تدمير العقول أكثر من أن يستفاد منها في بناء الفرد ثم بناء المجتمعات ومنها إلى بناء الأمم، خاصة في الفترة من عام 1989م إلى يومنا هذا.

☆ في الختام: يمكن القول إن التعليم في السودان مر بمراحل متعددة، شهد خلالها تطورات وتحديات كبيرة. من التعليم الديني في دور العبادة إلى التعليم الحديث في المدارس والجامعات، كان الهدف دائمًا هو رفع مستوى الوعي والمعرفة بين أفراد المجتمع. ومع ذلك، فإن التحديات التي واجهها التعليم، خاصة في الفترات الأخيرة، تتطلب جهودًا مستمرة لإصلاح النظام التعليمي وضمان تقديم تعليم ذو جودة عالية لجميع السودانيين. كما قال الشاعر:

العلم يبني بيتًا لا عماد له ** والجهل يهدم بيت العز والشرف

☆ إن مستقبل السودان يعتمد بشكل كبير على نجاح هذه الجهود في بناء جيل متعلم قادر على قيادة البلاد نحو التقدم والازدهار.

التعليقات