‎‏الذين يتحدثون عن ان ⁧‫حميدتي‬⁩ صادق او انه “لا يكذب ابدا” بحسب ما يتداول بعض افراد النادي السياسي ويحاولون تصويره كرجل مبدئي ومؤخرًا كبطل سلام ⁧‫السودان‬⁩ بدون طموحات شخصية في السلطة كما صرح احدهم مؤخرا، يحاولون غسيل تاريخ الرجل واعادة تقديمه بما يخالف تاريخه، والواقع الذي يعيشه ويشاهده كل السودانيون اليوم، بشكل عبثي ومهين لألام ومعاناة شعب كامل  تسبب فيها هذا المجرم. هم مرتزقة سياسة لا يختلفون في اي شي عن مرتزقة حميدتي من حملة السلاح.
‎‏حميدتي كاذب محترف وقاتل محترف ومجرم محترف ومرتزق محترف. ظهر اول امره مع حملة نظام البشير في تجنيد المجرمين في مليشيات الجنجويد للحرب في دارفور في ٢٠٠٣. ولم يلبث ان اعلن ان تمرد على المخلوع البشير ليعلن انشقاقه ويوقع مذكرة تفاهم مع حركة العدل والمساواة في مارس ٢٠٠٦ ثم يوقع اتفاق مماثل مع حركة تحرير السودان قيادة عبد الواحد في يونيو ٢٠٠٧، ويهدد باجتياح نيالا التي حاصرتها بالفعل قواته في اكتوبر ٢٠٠٧. وتمت تسوية تمرد حميدتي هذا  في مطلع ٢٠٠٨ بشرائه مرة اخرى، ليعود حميدتي الي حظيرة البشير مقابل صفقة تم رشوة حميدتي فيها بمبلغ مليار جنيه سوداني (كانت تعادل 440 الف دولار حينها) بالإضافة الي نصف هذا المبلغ لشقيقه عبدالرحيم وإدراج 3000 من رجاله في الجيش النظامي مع الوعد بتدريب وترقية 300 منهم لرتب الضباط. لاحقا تم اعادة تلميع حميدتي في سياق تنازع نظام البشير مع موسى هلال ومجلس الصحوة الثوري وتم تسميته كقائد لقوات الدعم السريع التي كان اول ظهورها في قمع انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣، التي توقف فيها المتظاهرون ولكن الدعم السريع اطلقت عليهم النار بالرغم من ذلك كما وصف المشهد تقرير هيومان رايتس ووتش حينها. حصدت الدعم السريع ارواح اكثر من ٢٠٠ شهيد في اول ظهور لها في المدينة. ثم واصلت ملء سجلها الوحشي من خلال حملة “عمليات الصيف الساخن” التي تم الإعلان عنها في دارفور وجبال النوبة في ٢٠١٤ والتي ادت الي تدهور خطير في الوضع الإنساني إلى بشكل فاق كل التصورات والحدود منذ بدء الصراع في عام 2003. أعلنت بعثة الأمم المتحدة إلى دارفور حينها أن عدد النازحين داخليا في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2014 تجاوز 215000 مع عدد غير معروف من الضحايا وعدد من القرى التي تم نهبها وإحراقها بالكامل. وبشكل مقارن، فاق حجم الجرائم التي ارتكبتها الدعم السريع في الأشهر الثلاثة الاولى من عام ٢٠١٤، كل ما تم ارتكابها من فظائع في السنوات العشرة السابقة من حرب دارفور.
‎‏واصل حميدتي صراعاته الداخلية مع مجرمي نظام البشير في تنافسهم على من هو الاكثر اجراما، فدخل في صراع مع احمد هارون ومع قيادات الجيش التي ظلت تنتقد وجود مليشيا حميدتي خارجها كقوة منفصلة تابعة لجهاز الامن حينها، وانتصر على الفريق اول عصمت عبدالمجيد عبدالرحمن وزير الداخلية الذي اتهم مليشيا حميدتي بالتفلت الامني في دارفور حينها لتتم اقالته لاحقا ثم اجباره على مغادرة البلاد، وفرض نفوذه لدرجة اجبار نظام البشير على اعتقال رئيس الوزراء الاسبق الصادق المهدي على اثر انتقاده لمحاولات فرض وتقنين وجود المليشيا.
‎‏لاحقاً،  فقد حميدتي الحليف الاكبر له في صفوف النظام (طه عثمان الحسين) مدير مكتب البشير، ومهندس مشاركة حميدتي وقواته في قمع انتفاضة سبتمبر ٢٠١٣ بكل تلك الوحشية الموثقة. تمت اقالة طه الحسين في ٢٠١٧ ثم لحقه حليف حميدتي الاخر عبدالغفار الشريف (مدير الامن السياسي في جهاز الامن وكادر امن الحركة الاسلامية في قطاع الطلاب الذي اشرف على جرائم النظام الوحشية ضد الحركة الطلابية واشهرها جريمة اغتيال الشهيد محمد عبدالسلام، طالب جامعة الخرطوم في ١٩٩٨)، في مطلع ٢٠١٨. واحتمى المجرمان من بطش نظام المخلوع في صراع وحوش الغاب، بنفوذ الامارات التي عملت على اطلاق سراحهما وانتقلا بعدها للاقامة فيها في اعلان رسمي للعمالة مكتملة الاضلاع التي شملت ولا تزال حميدتي وقواته. تزامن ذلك مع اجازة برلمان الكيزان لقانون قوات الدعم السريع في ٢٠١٧ والذي وضعها تحت قيادة الجيش السوداني، الامر خلق تخوفا لدى حميدتي، الذي شهد تعامل نظام البشير مع موسى هلال الذي انتهى في السجن وهو ما دفعه للانحياز للتغيير عندما هدت جحافل الثورة اركان النظام. التحق حميدتي من جهة وقيادة الجيش من جهة اخرى بقاطرة الثورة، صحبة راكب بعد ان اصبح انتصارها امرا واقعا، وثوارها يحاصرون مباني القيادة العامة. فرض حميدتي نفسه كنائب لرئيس المجلس العسكري، مستندا على سلاحه في رفع طموحاته. ثم راودته احلام المزيد من السلطة فقام بنقض العهد باغلاق صفحة الماضي، وساهم بقدر وافر في التحريض على مجزرة فض الاعتصام والتخطيط لها وتنفيذها، بتحريض مباشر من الامارات التي كانت قد بدأت تتخوف حينها من قوة المطالبة بحكم مدني يملك كل قرار البلاد وينهي حالة العمالة الكاملة التي استمرأت التعامل عبرها مع السودان. تراجع شريكا الجريمة تحت الضغط العالمي والاقليمي، ومضى الامر الي توقيع اتفاق سياسي، وقع عليه حميدتي نفسه ليدشن الفترة الانتقالية كحل وسط يكسر انغلاق مسار التحول. فرض حميدتي وبمعونة شريكه انذاك وغريمه الان البرهان نفسه كنائب لرئيس مجلس السيادة الانتقالي بدون اي مرجعية قانونية او دستورية متفق وتم تبرير ذلك بانه ترتيب داخلي في مجلس السيادة. ولكن ترتب على ذلك الترتيب الداخلي، ترتيبات بروتوكولية استغلها حميدتي الي اقصى حد في توطيد سلطته خصوصا في تعامله مع الجهاز التنفيذي. استغل حميدتي منصبه هذا في التحايل على الاجراءات الاقتصادية، وتمكين وزيادة نفوذ امبراطورية الدعم السريع المالية، فانخرط في تهريب الذهب وتجارة العملة والاستيلاء موارد الدولة ومؤسساتها بل حتى الاراضي والبيوت. واستعان في ذلك بالبيضة والحجر في التلاعب بتحالفاته مع المدنيين من جهة ومع الجيش من جهة اخرى، بينما استمر في ذات الحين في توطيد علاقاته الخارجية كفاعل سياسي مستقل عن جهاز الدولة. وساعده في ذلك الصراعات داخل المعسكر المدني الذي لم يستحي بعض من هم فيه من الاستعانة بنفوذ العسكر – جيشا ومليشيا- لتحقيق طموحاتهم السياسية.
‎‏لم يلبث حميدتي طويلا قبل ان يعود الي عادته في نقض العهود ليشترك بشكل كامل في تخطيط وتنفيذ انقلاب ٢٥ اكتوبر ٢٠٢١ الذي انهى مسار الانقلاب. واندفع فور اكمال الانقلاب الي التجول الدبلوماسي للترويج له وتعضيد اركانه، فسافر من فوره الي روسيا عشية بدء غزوها لاوكرانيا معلنا عن دعمه لروسيا، ثم تجول بين دول الخليج لحشد الدعم لانقلابهم وتسويق بيع البلاد مقابل توفير الدعم لما اسموه (اجراءات تصحيحية) وهو انقلاب مكتمل الاركان. ثم بدأ المنافسة بينهم وبين شركائه في جريمة الانقلاب على غنائم جريمتهم، فبدأ في البحث عن حلفاء جدد ووجدهم في نفس بعض المدنيين الذين استعان بهم واستعانوا به في تقلبات الفترة الانتقالية، فاستعان بهم لتبرير محاولته الاستيلاء على السلطة ثم اشعال الحرب بعد ذلك، تحت مبرر قتال الكيزان، الذين خرج من رحمهم!
‎‏انخرط حميدتي في حربه، فاحتل مرتزقة ميليشياه البيوت ونهبوها واغتصبوا النساء ودمروا المنشآت المدنية بينما هو وابواق اعلامه يتحدثون عن الحكم المدني واستعادة الديمقراطية، وتحدث عن انسياب الاغاثة الانسانية وتوفير احتياجات المواطنين، بينما جنده ينهبون مخازن صندوق الغذاء العالمي وبقية منظمات الاغاثة اينما وجدوها، وقع في جدة اكثر من عشرة اتفاقيات لوقف العدائيات لم يلتزم باي منها، تحدث عن انهاء دولة التمييز وتأسيس دولة المواطنة والمساواة واحقاق حقوق الهامش، بينما قواته تقتل خميس ابكر وتمثل بجثته وسط صيحات الاستعلاء العرقي ثم تعمل سلاحها وسط مجتمع المساليت تقتيلا وابادة وترشيدا على اساس عنصري واثني، اعلن عن استعداده للقاء البرهان بحسب وساطة الايقاد، ليتعلل في اللحظة الاخيرة متهربا من اللقاء بظروف تقنية منعت وصوله الي جيبوتي، لكن هذه الظروف المُدعاة لم تمنع وصوله في ذات الحين الي اديس ابابا، حيث استغل تهافت قادة جبهة تقدم ل (حمدلة السلامة له) وتوقيع اتفاق معه في ٢ يناير ٢٠٢٤. وحتى هنا لم يترك حميدتي عادته في نقض العهود وعدم الالتزام بها، فاستمرت مليشيته تعيث فسادا ونهبا وترويعا في قرى الجزيرة التي احتلها قبل ايام قليلة من اتفاقه مع تقدم، بعدما وقع مع حمدوك على اتفاق يلزمه بتحسين الظروف الانسانية وبعدها بشهر بالضبط قام بقطع الاتصالات الهاتفية والانترنت عن كافة انحاء السودان ليقطع اخر شريان حياة يعيش عليه السودانيين ويتم عبره تنسيق الاغاثة الانسانية.
‎‏ولكن لم يكفي هذا الاستعراض السريع لمسيرة حميدتي في المجال العام، والذي يخلو من تفاصيل كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، وهو معلوم بالضرورة لكافة المشتغلين في العمل العام، لاقناع قادة الحرية والتغيير بخطل سعيهم لاقناع الناس بالقوة بان حميدتي رجل سلام وانه يسعى لتحقيقه في السودان بدون مطامح شخصية! محمد حمدان دقلو (حميدتي) وكما يخبرنا عنه تاريخه محض كاذب محترف، ومجرم محترف، وقاتل محترف، ومرتزق محترف! لم يأمن له احد الا لدغه!

التعليقات