رحم الله العميد شرطة علي بريمة، الذي مات متأثرا بعدة طعنات بالسكين أمس، وحسب بيان الشرطة فقد كان المرحوم بريمة على رأس قوة من الاحتياطي المركزي تتولى حماية (نعم قالوا حماية) المتظاهرين أمس، ولم يقل البيان كيف يقتل ضابط رفيع الرتبة وعلى رأس قوة من نحو 300 شرطي ومعه فريق من الضباط بعيدا عن أعينهم؛ هل يقصدون ان يقولوا إنه تم اختطافه ثم قتله بعيدا عن الأنظار؟ ولكن كيف يحدث ذلك؟ فالمنطقة التي قتل فيها (الجزء الجنوبي من شارع القصر) كان بها آلاف المتظاهرين وعلى بعد أمتار منهم مئات رجال الشرطة؛ وهكذا افتضح ان الحكاية “فيها إن”، أي ان هناك من دبر قتل بريمة لتلبيس التهمة في الثوار في سياق سيناريو اتهام الثوار بالخروج عن السلمية ومن ثم استدراج الثوار الى دائرة العنف، لأن الانقلابيين يدركون أنه ليس بمقدورهم هزيمة الحراك الشعبي الثوري إلا بالحرب المفتوحة، وأراد الله لعسكر الانقلاب المزيد من الانفضاح فقد كان الثوار هم من قبضوا على المتهم بقتل بريمة
الحراك الثوري لتنزيل شعار الدولة المدنية الى الأرض عمره اكثر من ثلاث سنوات ورغم كل البطش والتقتيل والتعذيب الذي تعرض له الثوار منذ أواخر عام 2018 لم يحدث قط أن لجأوا الى العنف، وخلال الحراك ضد نظام البشير وقع العديد من رجال الأمن في قبضة الثوار عندما تركهم زملاؤهم وفروا هاربين ولم يتعرض أي منهم لمجرد الضرب، وقبل أيام قليلة عثر المتظاهرون في موقف شروني على شرطيين يختبئان في غرفة صغيرة بعد ان انفصلوا عن مجموعتهم، وكان الرجلان مرعوبان، ولكن الثوار اعطوهما الماء لغسل وجهيهما وعاملاهما بكل احترام وتركاهما ينصرفان في سلام
وما يؤكد أن اغتيال بريمة كان مدبرا هو أن الإعلان عن وفاته كان بمثابة “كلمة السر” فبعد دقائق معدودة من الإعلان تدفق العسكر على مناطق تجمع الثوار في بحري وام درمان والخرطوم وكأن الأرض انفتحت عنهم فجأة، وظهرت مركبات الجيش في حلة حمد وتقاطع المؤسسة في بحري ثم في شروني وبالقرب من حديقة القرشي في الخرطوم وفي بانت غرب وشارع الشهيد عبد العظيم (الأربعين) في أم درمان وغيرها من المواقع وشوهد أفراد جيشنا “الحارس مالنا ودمنا” وهم يحاولون دهس المتظاهرين بعرباتهم ويطلقون نيران الترويع من الدوشكا، ولأن الانقلابيين يخافون من الاعلام فقد هاجموا بالأمس وللمرة الثانية مكتب قناة العربية واقتادوا كلا من الصحفيين إسلام صالح ووائل محمد الحسن الى جهة غير معلومة، بينما هجمت ثلة منهم على الزميلة شمائل النور واوسعوها ضربا وشتما بالقرب من حديقة القرشي في الخرطوم، وكتب الله النجاة للصحفيين عثمان فضل الله وبكري خليفة اللذين تعرضا لمحاولة دهس بعربات الجيش أيضا بالقرب من حديقة القرشي
ويوما بعد يوم يتضح ان عسكر الانقلاب ماضون في مخططهم لجر المتظاهرين الى دائرة العنف، فالعميد الهائج الطاهر أبو هاجة لا يفوت يوما دون ان يبرطم ويحذر وينذر، ثم انضم نقيب يدعى سر الختم السالمابي الى المقدم الحوري في جهد طرح القوات المسلحة كحزب سياسي في الساحة في مواجهة القوى المدنية، فقد كتب السالمابي هذا مقالا في جريدة الجيش الرسمية في 6 يناير الجاري بعنوان “الأمر تعدى السلمية”، ويعني هذا ان قرار نفي السلمية عن الحراك الشعبي تم اتخاذه لإيجاد الذرائع لجعلها حربا مفتوحة بين الجيش والقوى المدنية
آخر فضائح الانقلابيين تجلى في هبوط طائرة تابعة لشركة بدر كانت في طريقها الى تركيا اضطراريا في مطار الأقصر في مصر وفور هبوطها هناك صعد ضباط الأمن المصريون الطائرة واعتقلوا المصري حسام منوفي الذي كان ضمن الركاب (وهكذا يواصل البرهان الهبوط غير الاضطراري تلبية رغبات الكفيل السيسي)

التعليقات