علي مدار السنين، فشلت الدولة في توظيف طاقة الشباب من أجل تحقيق النهضة، خصوصاً في عهد النظام السابق، العمل علي توسيع انتشار المعاهد والجامعات في ولايات السودان المختلفه، من غير منهج تعليمي مرتبط بخطة استراتيجية لتوظيف مخرجات التعليم كمدخلات للانتاج والتنمية. كان الانتشار ده بيخدم أكثر اغراض سياسية، منها كسب اصوات الشباب في الانتخابات.
بل كمان تحولت النفرة التعليمية في عهد النظام السابق لمؤسسات رأسمالية، همها جمع المال والثروة اكثر من انتاج معرفة وأجيال متمكنه أكاديمياً. وعشان كده كانت المؤسسات التعليمية دي عبارة عن أسماء فقط من غير محتوي أكاديمي تعليمي متميز.
وحتي الشباب الاجتهد وتعب علي نفسو، حرم من ابسط حقوقو في فرص التوظيف، وكانت المحسوبية بتمثل اكبر عائق بينو وبين الحصول علي فرصة التوظيف المناسبه من أجل تغيير حياتو. وما اكتفت بي كده، بل حتي كمان طاردت من رضي بالأعمال الهامشية في اطراف الاسواق بالكشات ومصادرة الممتلكات.
ولمن اشتدت حرب الجنوب، استنفرت الدولة الشباب ديل، طاردت الغير راغبين (بالكشات) في المواصلات والشوارع والاسواق، واغرت الآخرين بالشهادة والجنة والحور العين.
في ظل ظروف وتحديات أسرية صعبه، اضطر الشباب للاغتراب والهجرة الشرعية والغير شرعية، وبدل يتم استثمار طاقاتهم في بلدانهم، استفادت دول تانيه من الطاقات المهدرة دي.
سقط النظام، وخرج الشباب بالآلاف في كل ولايات السودان معتقدين بأنو حانت الفرصة الحقيقة لنظام سياسي جديد يحقق طموحاتهم واحلامهم. وما زاد من نشوتهم ورفع سقف توقعاتهم خطابات الجنة الموعودة علي أرض السودان من فوق منصات نصبت في حقيقتها في ساحة الاعتصام كمنصات لسرقة الوعي وتغييب العقول.
جات قحت، ومارست الكذب والتضليل علي الشباب أولاً. أوهمتهم بأنها جات من أجل قضاياهم، ومن أجل العمل علي حلحلت مشاكلهم وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم المؤجلة. ووعدتهم بأن دم أخوانهم واصدقاءهم ماحروح هدر.
استغلت قحت الشباب وطلعت علي أجسادهم الملطخة بالدماء للصعود علي الكرسي. وفي فترة وجيزة من وصول قحت لكرسي السلطة، تكشفت عوراتهم واكتشف الشباب زيف الشعارات وأدركو بأنهم تم استغلالهم استغلال سياسي قبيح.
مشت قحت، وبقيت المؤسسة العسكرية الحيت الشباب بلسان قائدها ب (التحية لناس الرصة، الراسطات والسانات والتحية للناس الوقفت قنا)، وبعدها السانات والواقفين قنا شافو شعاع!!
السياسيين والدولة، في حالة استقرارهم، الشباب غايب عن ذاكرتهم. وفي لحظة “الزنقه”، الشباب هم (حامي الحمي) و (ضهر الدولة وسندها).
حاجة محزنه ومؤلمة، أنو ده مصير الشباب في بلادي. مصير بتحرك بين خانتين فقط؛ التهميش وقت الباردة والتسليح وقت الحارة.
كل الطلعو اليوم وتدربو وتسلحو لحماية بيوتهم وأعراضهم وأموالهم، ما نقدر نقول اكتر من أنهم (رجال). شباب ملان طاقة وحيوية. ما بتنقصو الشجاعه لحماية بلدو ولا بتنقصو العزيمة لبناء بلدو.
لكن لمتين حيفضل الكبير يغلط والصغير يتحمل نتيجة الغلط؟؟
لو كان توفرت للبلد دي قيادة حقيقة ومشروع وطني حقيقي، كانت نفرة الشباب اليوم حتكون نفرة زراعية، نفرة انتاج، نفرة بناء!!
الحرب دي لو ما بقت محطة أخيرة لتلاعب الساسة والقادة بالشباب وبمستقبلهم، يبقي السودان غاب تماماً عن المستقبل.
شيكاغو- ٤ / ٨ / ٢٠٢٣
التعليقات