:: دائماً ما أبحث في أخبار السبت عما يسعد النفس، وذلك على أمل أن تأتي كل أيام الأسبوع بما يسعد أيضاً، فالتفاؤل من نعم الله، ولا يلقاها إلا ذو حظ عظيم.. ورغم أن أخبار السبت الفائت كانت تضج بالتظاهرات والاعتقالات وغيرها من معكرات، إلا أن حواراً أجرته – الحراك السياسي – مع الحبيب محمد زكي، السكرتير الخاص للراحل المقيم الإمام الصادق المهدي وسكرتير الإعلام والعلاقات الدولية، كان فيه ما يسعد النفس..!!

:: لقد أوصى الإمام الصادق قبل وفاته بتحويل سكنه الخاص إلى (متحف)، هذا حسب حديث الحبيب زكي.. رحم الله حكيم الأمة، والوصية أمانة في أعناق كل أبناء الوطن، وليس فقط الأنصار وجماهير الحزب.. نعم، فالدول وشعوبها دائماً ما تحتفي بإرث وآثار رجالها الذين سطّروا سيرتهم بأحرف من نور الصدق والإخلاص والطهر والنقاء في دفاتر التاريخ.. وحكيم الأمة أحدهم، وتنفيذ وصيته دَيْنٌ على كل أخيار البلد..!!

:: وبالمناسبة، في أرشيف الزاوية مناشدة قديمة، ويجب تجديدها.. فمع دار حكيم الأمة، فإن منزل صانع استقلال بلادنا يجب أن يكون مُتحفاً أيضاً، كما متاحف ناصر والسادات ومحمد نجيب بمصر، ومتحف عمر المختار بليبيا، ومتحف يوسف العظمة بسوريا.. كانت بيوتهم، ولكن لم ترثها أسرهم بعد وفاتهم، بل ورثتها شعوبهم، وذلك بتحويلها إلى متاحف توثق سيرتهم في دفتر التاريخ..!!

:: ولعلكم تذكرون الوثيقة التالية: (السيد بشير النفيدي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، علمت من السيد الحاج مضوي بموضوع المائة جنيه الأولى، وهي باقية دَيْنَاً عليّ، والآن أرجو أيضاً أن تسلفني مائة وثلاثين جنيهاً، وتكون الجملة علي (230) مائتين وثلاثين جنيهاً، وسنبدأ التسديد إن شاء الله في منتصف هذا العام، وأكون لكم من الشاكرين جداً، والله ولي التوفيق، وآسف لإزعاجكم.. المخلص إسماعيل الأزهري، الأربعاء 19/2/1964)..!!

:: الأزهري، رمز الاستقلال ورأس الدولة، يستدين من مواطن، ليُكمل بناء منزله.. ولهذا، عاش زعيماً ومات عفيفاً.. ليبقى – في قلوب الناس – عظيماً.. إنها وثيقة تاريخية توثق نقاء الزعيم الأزهري.. كان يستدين من صديقه الراحل بشير النفيدي ليقضي حاجة أسرته، ومنها بناء هذا البيت العريق.. وكل هذا الكفاف والعيش الشريف وهو على رأس الدولة وكان مسؤولاً عن سلطة البلاد وثرواتها..!!
:: ولو لم يكن زعيماً، بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ، لامتلك كل منازل الخرطوم بلا ديون.. فالأزهري آثر أن يكون زعيماً للنُّبل والنقاء كما حال السواد الأعظم من شعبه.. ولأنه أخلص للمليون ميل مربع بقلب مخلص، لم تحدثه نفسه بامتلاك متر منها بغير حق.. ولذلك، كان – ولا يزال – الاقتراح بتحويل هذا البيت الكبير إلى متحف ومؤسسة ثقافية، وذلك بعد تمليك الأسرة منزلاً أو منازل تليق بعظمة الزعيم وأحفاده..!!

:: على كل، تخليد الزعيم والإمام والمحجوب وعبد اللطيف والماظ – وكل العظماء – مسؤولية الشعب.. وما على الحكومة إلا تهيئة المناخ، بحيث يتم تكريم كل البيوت العريقة، وما فيها من مقتنيات وخطابات وصور وكُتب، بحيث تكون متحفاً ومركزاً ثقافياً ومعرفياً لأهل السودان وضيوفهم.. أقول قولي هذا في خضم معارك البحث عن الرغيف، حتى لا يُقال ذهب ضنك الحياة بكل أشياء أهل السودان، بما فيه وطنيتهم وفخرهم بوصايا جدودهم..!!