الخرطوم : أحمد جبارة
في خطوة اعتبرها مراقبون بأنها خطوة في طريق النهج الصحيح ، خرجت الحكومة بخطة لتحديد اولوليات العمل خلال الفترة المقبلة في نواحي الاقتصاد والسلام والعلاقات الخارجية والأمن وقضايا التحول الديموقراطي ، وبحسب بيان لمجلس الوزراء ، فإن وزراء الحكومة دخلوا مُنذ الخميس الماضي في اجتماع مغلق، بمقر أكاديمية الأمن العليا، لمناقشة أولويات الحكومة الجديدة التي أُعلن عنها في 8 فبراير الجاري ، وتلا وزير الاعلام المتحدث باسم الحكومة حمزة بلول مساء السبت بيان حول نتائج الاجتماعات التي قال إنها اتسمت “بروح إيجابية من العمل الجماعي والمجهود الذهني لإحكام تصورات الحكومة الانتقالية لتحقيق مهام ثورة ديسمبر المجيدة”.

خطة الحكومة
وبحسب البيان فإن الخطوة ركزت على المحور الاقتصادي باعتباره أهم مشروعات المرحلة ، وشدد البيان على ضرورة سيطرة الدولة على صادر الذهب بحيث يتولى بنك السودان المركزي شراءه بأسعار البورصة العالمية وتصديره مع التعجيل بإقامة بورصة سودانية للذهب، علاوة على توفير الخدمات الأساسية مياه الشرب ومجانية التعليم العام ، كذلك ركز البيان على توطين صناعة الدواء لتغطي 60% من الحوجة في العام الأول ودعم برنامج العلاج المجاني ليشمل الأدوية لكافة الأمراض المزمنة والرعاية الصحية الأولية وحالات الحوادث والإصابات والطوارئ بالإضافة لبرامج المراكز القومية ، وأشار الى تمكين النساء في الشأن العام وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. مع استكمال مشروعات الكهرباء والنفط بنسبة زيادة 50%. والتوسع الأفقي والرأسي في الزراعة المطرية والمروية.

مرتكزات السلام
وفيما يتعلق بملف السلام فإن البيان قال ، إن الحكومة تخطط لتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ اتفاق جوبا وفقا لمواقيته المتفق عليها مع إقامة مشاريع توفير الأمن وخدمات المياه والصحة والكهرباء والتعليم والاتصالات في المناطق المتأثرة بالحروب، وإعادة اللاجئين والنازحين طوعاً إلى مواطنهم الأصلية. ، كما اشارت الخطة إلى إستئناف التفاوض مع الحركة الشعبية لتحرير السودان (شمال) بقيادة عبد العزيز الحلو والتواصل مع حركة تحرير السودان (قيادة عبد الواحد محمد نور) وذلكاستكمالاً للسلام، بجانب إطلاق حملة قومية للتبشير به .

إستراجينة شاملة
وفيما يتعلق بالأمن تم الاتفاق على استراتيجية أمن وطني شامل وفق عقيدة وطنية خالصة للدفاع عن الوطن والنظام الدستوري تهدف إلى تكوين جيش قومي مهني محترف وموحد مع اصلاح جهازي المخابرات العامة والشرطة وإنشاء جهاز الأمن الداخلي علاوة على تأمين الحدود ونزع السلاح والتسريح وإعادة الدمج وحفظ الأمن عبر القوات المشتركة مع محاربة التهريب وحماية المدنيين ، وفي محور العلاقات الخارجية تخطط الحكومة للتفعيل دور السودان في المحافل الدولية واستعادته مع إعطاء أولوية وخصوصية للعلاقة مع دولة جنوب السودان ودول الجوار بما يخدم السلام والأمن والتنمية، والعمل على نزع فتيل الأزمة مع إثيوبيا مع تأكيد سيادة السودان على أراضيه وضمان أمنه المائي.

خطوة مبشرة
القياي بقوى الحرية والتغيير الطيب العباسي يقرأ خطة الحكومة من عدة زوايا ، إذ وصف الخطة التي وضعتها الحكومة للمرحلة المقبلة بأنها مبشرة مستدركا ، لكن كان يفترض أن تكون هنالك اولوية قصوى في البداية لمعاش المواطن وصحته وذلك عبر تاكتف وزراء الطاقم الاقتصادي بحيث اي وزارة تضع خطة تهدف إلى تحسين معاش المواطن . وفيما يتعلق بملف السلام اعتبر العباسي ، أن السلام أمر محسوم وذهبت فيه الحكومة لخطوات بعيدة ، مؤكدا أن الخطة ستقود إلى الاسراع في تكملة السلام مع قوى الكفاح المسلح والتي لم تلحق بإتفاقية جوبا ، وشدد العباسي في حديثه (للجريدة) على ضرورة إتخاذ قرارات ضرورية وسريعة لمنظومة النظام السابق في المصارف والبنوك لجهة إنها مازالت تتحكم في مفاصل الاقتصاد ، لافتا إلى إنها السبب الرئيسي في الضايقة المعيشية التي تشهدها البلاد ويعاني منها المواطن .

خطة غامضة
وليس ببعيد عن العباسي فإن القيادي الاخر بقوى الحرية والتغيير بشرى الصائم عد خطة الحكومة بأنها خطوة في طريق العمل الصحيح لجهة إنها كانت تناقش بشكل جماعي مع الوزراء المعنيين بالتنفيذ ، وعاب الصائم على الخطة عندما وصفها بأنها غامضة ولم يشارك فيها المواطن باعتباره موضع التنفيذ ، مشددا في حديثه (للجريدة) على ضرورة أن تنفذ على ارض الواقع وأن لا تكون مجرد أحلام ، مؤكدا أن الخطة اعتمدت على سياسة التحرير الاقتصادي وسياسة البنك الدولي والتي بالنسبة لهم في قوى التغيير مرفوضة ، وأضاف، كذلك الخطة اعتمدت على مورد وأحد” الذهب” وهو الامر الذي يجعل الحكومة بعيدة عن التنمية لجهة أن الذهب سيوظف في حل الازمات اليومية التي يعاني منها المواطن .

خطة صارمة
يقول المحلل السياسي الفاتح محجوب ، إن خطة الحكومة الانتقالية الجديدة قد لا تكون كلها قابلة للتطبيق بسهولة فمثلا توفير أموال إتفاقية السلام في جوبا لا زال عسيرة لجهة أن شركاء السودان يرفضون تمويل الاتفاقية طالما أن حركتي الحلو وعبد الواحد هما خارج السلام وخارج اتفاقية جويا للسلام ، وتابع ، كذلك الحديث حول زيادة إنتاج الدواء وزيادة مساحة الارض الزراعية او زيادة الانتاج الزراعي يخضع هو الآخر لأشياء يصعب التحكم فيها ، وأستدرك ، لكن مع ذلك مجرد إجتماع مجلس الوزراء للاتفاق علي كيفية تسيير العمل يعتبر بادرة ممتازة جدا لجهة أن مجلس الوزراء السابق شهد إختلافات كبيرة بين الوزراء وتراشق إعلامي طال حتى رئيس مجلس الوزراء نفسه وهو الامر الذي قاد لاحقا لاعفاء بعض الوزراء وتجميد عمل بعض الوزارات المهمة ، وقال محجوب (للجريدة) : إن التركيز على الالتزام الصارم بخطة موحدة يعتبر قضية مهمة جدا لنجاح مجلس الوزراء بغض النظر عن نجاح الخطة في تحقيق كامل أهدافها ام لا .

خطوة عملية
ويرى مراقبون أن نجاح خطة الحكومة يعتمد على توفير الإرادة السياسية والرغبة الجادة في إصلاح الإختلالات الاقتصادية من قبل وزراء الحكومة ، مشددين على ضرورة أن لا تنشغل الحكومة بقضيتي معاش الناس فقط لجهة أن هنالك قضايا أخرى تعتبر أساسية مثل إستبعاد رموز النظام السابق من الخدمة المدنية ومحاسبتهم على الجرائم التي انتهكوها طيلة فترة حكمهم باعتبارها قضايا حركت الجماهير في الشارع ، بجانب أنها مطالب شعبية وأجبة النفاذ ، وأكد ذات المراقبون أن الخطة التي سيعتمد عليها حمدوك ستكون خطوة لبداية نجاح الفترة الانتقالية ، كما أنها ستكون خطوة عملية في تحقيق أولويات الفترة الانتقالية والتي ابرزها ملف السلام والامن والسياسية الخارجية ، وهنا يستبعد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة امدرمان عبده مختار ، أن تنفذ خطة الحكومة في ملف العلاقات الخارجية لجهة أن السياسة الخارجية للفترة الانتقالية ليست في يد الحكومة المدنية بل يسيطر عليها المكون العسكري في مجلس السيادة ، وأضاف مختار (للجريدة) إذ كان حمدوك يريد أن ينفذ برنامج متوازن في العلاقات الخارجية عليه أن يضع حدا لتدخل المكون العسكري في مجال السياسة الخارجية ، مؤكدا أن المكون العسكري ظل يقوم بعديد من الزيارات أبرزها ، زيارة الفريق البرهان إلى يوغندا ولقائه بالرئيس الإسرائيلي ، فضلا عن عديد من الزيارات .

التعليقات