1
في الوقت التي تحاصر فيه الكورونا الشعب السوداني ولا يوجد فيه أجهزة تنفس (بطول البلاد وعرضها 400 جهاز تنفس اصطناعي لأربعين مليون نسمة)، في الوقت الذي يلهث فيه وزير الصحة للحصول على 76 مليون دولار لمجابهة كارثة الكورونا التي تطرق الأبواب، في الوقت الذي يستجدي فيه المعاشيين معاشاتهم التافهة فلا يجدونها من صندوق التأمينات الاجتماعية، في مثل هذا الوقت تأخذ الحكومة سبعين مليون دولار من الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي لتتبرع بها للشعب الأمريكي فدية لجريمة لم يرتكبها الشعب السوداني قط.. أي والله صدقوا أو لا تصدقوا.!!
2
نشرت هذه الجريدة أمس تحت عنوان “الحكومة تُسدّد تعويضات المدمرة (كُول) من أموال الضمان الاجتماعي)، الخبر التالي (شرعت حكومة السودان في تسديد التعويضات المتفق عليها مع الحكومة الأمريكية لأسر ضحايا المدمرة (كُول) خصماً على أموال الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي، وتم توفير سبعين مليون دولار كسلفة مستردة، تسددها وزارة المالية للصندوق في وقتٍ لاحق، وتفيد متابعات (اليوم التالي) أن شراء المبلغ المذكور تم بسعر السوق الموازية، سعياً إلى الالتزام بالاتفاق الذي تم مع أسر ضحايا المدمرة، وتغطية الاشتراطات المتفق عليها مع الإدارة الأمريكية.
يذكر أن الجهاز الاستثماري للضمان الاجتماعي يتبع لوزارة التنمية الاجتماعية، ويستثمر عوائد أموال الصناديق الاجتماعية في عدد من البنوك والمصانع والمستشفيات ويمتلك عقارات وأراض عديدة في مواقع مميزة وعالية القيمة.).
هل هذه الحكومة مجنونة أم مستهترة أم غبية، الشعب لا يجد أجهزة تنفس، فكيف تأخذ من أموال المستضعفين المعاشيين الذين لم يصرفوا مرتبات شهرين، أي والله، لتسديدها لأمريكا منتظرة سراب رفع العقوبات.!!
3
هذه الحكومة (تشحد) خبز شعبها وبنزينه وجازه ولا تكاد تجد ما يحفظ ماء وجهها بين الأمم، هذه الحكومة منحت شركة الفاخر امتياز تصدير الذهب بدعوى أن خزائنها فارغة ولايوجد بها 28 مليون دولار لشراء القمح، فكيف جاز لها وبأي ضمير أن تأخذ من أموال المعاشيين وأموال الضمان الاجتماعي للعاملين والموظفين للتبرع بها للشعب الأمريكي؟. ترى ما داعي العجلة، وهل أمريكا متفرغة اليوم للسودان لتناقش رفع العقوبات عنه إذا سارع بالسداد الآن؟
4
70 مليون دولار تشتري الآلاف من أجهزة التنفس لتنقذ الآلاف من أرواح السودانيين، وتنشئ مئات المستشفيات الميدانية. العالم كله ترك كل شيء وراءه وركّز كل همه في حشد الموارد لإنقاذ ضحايا كورونا الذين تتصاعد أرقامهم على رأس الدقيقة، فكيف تهدر الحكومة مواردها الشحيحة في هذا الوقت لأجل عيون أسر ضحايا كول!!. من اتخذ هذا القرار الغبي، ليس في ضميره ذرة إنسانية وانتماؤه لهذا الشعب مشكوك فيه.
المقالات
التعليقات