حزب الامة، حزب مسئول، وقيادته قيادة مؤهلة، وذات مصداقية ومبدئية في مواقفها، وتقف على تجربة طويلة في العمل السياسي في الحكم والمعارضة، وعندها قدرة على التقييم واجتراح الحلول النافعة لكل المشاكل. ولذلك لن تنطلي عليها محاولات التخويف والتخوين، التي نشط وينشط فيها اليسار ويسوق معه الكثيرين من العوام وبعض أهل الأحقاد والمواقف المسبقة من دعاة العمل الأكاديمي، ممن لا يقول الحق ولا يتجشؤون الا مواقفهم المبطنة.
وحزب الامة، هو أفضل من يستفتي في أحوال الوطن والمواطن، لأنه يتمدد في كل خارطة الوطن وتقاسيمه الجغرافية والاجتماعية، وتأتي إليه المعلومات من كل شبر فيه، وهو الاعلم والأكثر احساس بأحوال الناس وما يكابدونه من معاناة مستمرة، نتجت بسبب عجز الحكومة الانتقالية عن بسط هيبة الدولة وتعزيز الأمن الاجتماعي، وعن توفير السلع الأساسية، وعن ردع فلول النظام القديم، حتى يكفوا أيديهم عن التخريب وزيادة معاناة الشعب.
حزب الامة ليس حزبا صفويا في مواقع قطاعات محددة من الوطن، وإنما هو من تربة هذا الوطن، ويتمدد في كل تفاصيله الرأسية والافقية ولذلك فهو الأجدر بمعرفة هموم وتطلعات وآمال المواطن. وهو حزب يمثل امتداد لتاريخ مليء بالتضحيات من أجل حرية الوطن ومصلحة المواطن، وله في ذلك سجلات ناصعة ولذا لا ترهبه الصيحات، كما انه خبير بخيل وأنشطة قوى اليسار القديمة والمتجددة.
دعوات حزب الأمة للإصلاح قد انطلقت منذ بواكير الثورة، وظل الحزب عبر قيادته يجددها كلما واجهت الثورة تحديات جديدة. وبعد أن بلغت مظاهر الفشل مداها، وحاصرت حكومة الثورة المشاكل، حتى كادت أن تشل حركتها، قرر الحزب تجميد عضويته وتبني الدعوة إلى مؤتمر عام لإصلاح قحت في أقرب وقت. ان الدعوة للإصلاح هي دعوة صادقة وقائمة على حقائق موضوعية وتنطلق من توجهات صادقة واحساس بالمسئولية تجاه الوطن وما يكتنفه من مهددات ماثلة في ظل فشل الحاضنة السياسية للتغيير.
سيواصل حزب الامة مساعيه في حشد كل الطاقات الوطنية وصولا إلى مؤتمر لإعادة التقييم والإصلاح. وقد جاء قرار الحزب الأخير بعد دراسات ومتابعات عميقة لأداء تحالف قحت، ولأداء الحكومة ولحال هذا التحالف المهترئ، والذي ريثما قرر حزب الامة تجميد عضويته فيه، ورفع صوته عالياً، واشار الى مواقع الخلل وأسباب الضعف، حتى تململت اغلب المكونات، وأصبحت تصرح وتنطق بالحق الذي انكروه سابقا على حزب الامة. والمتابعة يلاحظ تأهب عدد من مكونات قحت للقفز خارج سفينتها المليئة بالثقوب، وقد التحقت العديد من تلك المكونات بركب الإصلاح، وتبنت مع حزب الامة الدعوة إلى إجراء إصلاح كامل في حاضنة الثورة، إصلاحها شاملا يطال الهيكلة كلها ويستهدف إدارتها وتوجيهها وفق اسس العمل المؤسسي العادل والفاعل في إطار الأجندة الوطنية الملحة.
ولعل كل شاهد عادل يلاحظ أن مشروع حزب الامة للإصلاح أحيا الروح في كل الوطن، وفعل فعلته داخل القوى المكونة لتحالف الحرية والتغيير، فأفاقها من النوم الذي كانت تغط فيه، وسلط ضوء كاشف على مشهد قحت الرديء، فرأى كل من به رمد، وسمع كل من به صمم، عوار هذا التحالف ومدى عجزه وسوء إدارته للملفات الوطنية التي لا تقبل التأجيل، وقصوره عن القيام بواجباته، وخروجه عن الجادة في عدد من المحطات، وميله كل الميل لصالح أجندة خاصة بقوى سياسية محددة، صغيرة الأحجام قليلة الكوادر، ضعيفة الحضور في الشارع.
كما أن الموقف الوطني القوى والمسئول لحزب الأمة قد شجع الكثير من المجموعات المهمشة داخل هذا التحالف، وأخرى خارج التحالف، ورفع عنها سطوة اليسار، الذي استغل منصة الحرية والتغيير في توجيه الشارع وارادة الثورة لزجر القوى الوطنية الاصيلة ذات الحضور الفاعل في الشارع، فخرجت هذه القوي الآن، وصارت تصرح في الإعلام وتتسابق لتسجيل المواقف داخل وخارج تحالف الحرية والتغيير.
أصبحت الصورة الان واضحة وضوح الشمس. فكل مكون من مكونات قحت قد صار منقسما على نفسه وسيتواصل هذا الانقسام حتى يعود الجميع إلى حيث منصاتهم الأولية، أحزابا او وقوى مهنية ونقابة، أو مكونات مدنية او قوى ثورية مسلحة.
بكل الصراحة ما تبع موقف حزب الامة الأخير، يؤكد أن صرخة حزب الامة ما كانت من فراغ، وإنما كانت لأسباب موضوعية وأتت في مكانها وزمانها. وأنها محاولة صادقة ومسئولة قامت على رؤية متكاملة، وانتهجت منهجا محترما، وكان الواجب أن تقابل بالاحترام، وحسن التقدير، وأن يستجاب لها بالشكل اللائق، ولكن كما يقال الحرامي في راسو ريشة، والانتهازيون في كل الأزمان يظنون أن كل صرخة للحق هي عليهم، لذلك تسابقوا في نسج الأكاذيب حول موقف حزب الامة، وحول قيادته ورموهم بأبشع الأوصاف. وآراهم الان صمٌ وبكمٌ، أمام الانهيارات الواسعة داخل مكونات الحرية والتغيير، والتي تنذر بانهياره وسقوط سقفه على رأس اليسار وحلفائه، أن لم يتداركوا الأمر قبل فوات الأوان. لقد انشغل اليسار بغنائم الانتصارات وفرح بالتقاط قفاز الثورة واستخدامه أسوأ استخدام، فإن شغل عن مواصلة مهام الثورة واخذته العزة بالإثم فرفض قبول دعوات الإصلاح في قحت التي ظل يطلقها حزب الامة ورئيسه منذ بواكير ايام التغيير الاولي، واغراهم موقعهم المتحكم في التحالف، عن قبول دعوات الاصلاح لئلا يفلت من أيديهم المقود.
الآن صرحت الجبهة الثورية بسلامة موقف حزب الامة، وانقسم تجمع المهنيين على نفسه، وخرجت بيانات للمحامين والأطباء والمهندسين، فإن كشف الوجه الشيوعي الذي كان يدبر الأمور من خلف الستار، وتململت اعداد أخرى من مكونات تحالف قوى اعلان الحرية والتغيير، وكلها تشير إلى التحالف اليساري بقيادة الشيوعي؛ ولسان حالها يقول: أنقذوا سعد فقد هلك سعيد.
المقالات
عبدالله الصادق الماحي يكتب : ما كانت صرخة حزب الامة من فراغ

التعليقات