عوافي
لهث أب وهو يحمل بين كتفيه طفله الصغير باحثا عن عﻻج ينقذه من الرحيل للدار الآخرة برغم انها مثوى الجميع إلا أن الأب يتشبث بحياة ابنه و يفعل ما يمليه عليه الحب ليظل راكضا ثﻻثة أيام بحثا عن عﻻج لطفله متجوﻻ بين كل صيدليات العاصمة المثلثة دون فائدة ترجى إلى أن ألقى الطفل برأسه النحيل على كتف والده مودعا الدنيا كأنه يرمق أباه بنظرة وداع ولسان حاله يقول: ( ابي لم تقصر معي لكنه قدري أن أصاب في بلد انعدم فيها الدواء، وفي زمن ارتفع فيه الدوﻻر، وفي جائحة منعت اقرباءك واصدقاءك في دول المهجر من بعث عﻻجي لاعيش بين احضانك فترة اطول).
قضية انعدام الدواء التي بدأت منذ ثﻻثة اشهر منصرمة أودت بحياة الكثيرين خاصة أصحاب الامراض المزمنة الذين يأتون الصيدليات بحثا عن العﻻج ويقفون في صفها لمدة يوم كامل وبعدها يخبر انه نفد وعليه الحضور يوم غد باكرا ، نعم يقف لساعات طوال برغم مرضه ليقال له إن عﻻجه قد نفد !!
كل ذلك يؤثر علي وضعه الصحي وﻻ يخفى علينا موت الكثيرين من اصحاب اﻻمراض المزمنة لانعدام عﻻجهم المتواتر وقد ﻻ يكون صف طلب الدواء واضحاً للعيان لكنه واضح في صفوف صلوات الجنائز التي اصبحت فوق المعدل الطبيعي !! وهنا ﻻ مجال لاتهام كورونا بسبب الوفاة وانما هو انقطاع جرعة الدواء التواتري .
وتشير بعض اﻻقاويل أن هنالك تﻻعبا من بعض تجار الدواء واعتبار ان الدواء سلعة وعلى المستورد أي الشركات متابعة ومراقبة القنوات بما فيها الشركات الوسيطة منعا للتﻻعب نعود ونشير إلى الرأي المرجح والفطن بمتابعة موقف السوق وارتفاع اﻻسعار الطردي لسعر الدوﻻر، فإذا اعتبرنا ان الدواء سلعة تجارية تتأثر بالدوﻻر وهذا شئ طبيعي، فبرغم دعم الدولة لشركات الدواء
اﻻ أن ارتفاع الدولار هو السبب وراء ذلك
لأن الشركات تشترى الدولار من السوق الموازي بسعر يتجاوز ١٢٠جنيه وعندما تستورد يفرض عليها المجلس الأعلى للصيدلة والسموم تسعيرة بنك السودان ٤٧.٥ للدولار وهذا في العام الماضي و ٥٥ هي تسعيرة ٢٠٢٠ مما أدى إلى عزوف بعض الشركات عن الاستيراد الكامل واستيراد القليل فقط بحيث يحفظ لها حق الوكالات التجارية العالمية وترتب علي ذلك خروج بعض الذين يعملون في سوق الدواء من خارطة السوق السودانى.
نغلب علي امرنا ونعود ونعلق كل ما يصعب حله علي شماعة الساعة(كورونا) !! بالطبع فقد أثرت علي كل منتجات الصناعة واﻻقتصادية العالمية بما فبها الدوائية
باعتبار أن الدواء سلعة تجارية تأثرت بقلة التصنيع وبالتالي ندرة في التوزيع حيث أن كثيراً من الدول المنتجة أصبحت تعمل للاكتفاء الذاتي وعدم البيع إلى الخارج، كما أثرت كورونا على توفير المواد الخام للتصنيع المحلي الذي لعب الدوﻻر به دورا ﻻ يستهان والله المستعان.
كسرة:
ناضل صيادلة الجيش الأبيض بوقفات احتجاجية صامتة أمام دور الحكومة لحل مشكلة انعدام الدواء ، كما توقفوا عن تقديم الخدمة لساعات على مدى ثﻻثة أيام سابقات غير أن الأسلوب اﻻخبر فاقم في الأزمة أكثر من إسهامه في حلها بالرغم من أن هناك محفظة حكومية لدعم السلع الاستراتيجية بما فيها الدواء مع توفير مدخلات إنتاجه،
ولكن ما زلنا في انتظار البترول !!!!.
التعليقات