سوف نضع حكومة حمدوك تحت المجهر وفي ميزان التقييم السياسي للاداء العام بعد مرور قرابة العام من تغيير النظام وأفتتح تقييمي بالقول السائد ( لا يستقيم الظل والعود أعوج )
كنت قد توقعت وتنبأت بفشل حكومة حمدوك منذ بداية تشكيلها ، وأنا لا أطلق الحديث علي عواهنه ، ولكن لدي الكثير من المعطيات التي بنيت عليها هذه التوقعات وإليكم الأدلة علي صدق ما ذهبت إليه من توقعات وهي :
في أول حديث له بعد توليه زمام الإمور في حكم البلاد تعهد حمدوك وإلتزم أمام الشعب السوداني بأنه سوف يختار الحكومة من ( التكنو قراط ، والكفاءات ، وأهل الخبرة والدراية والتأهيل ، ويبتعد عن المحاصصات الحزبية ، ويراعي مبدأ التخصصية العلمية والعملية والأكاديمية ) وفقا لأسس ومعايير ومواصفات وشروط تضعها لجنة محددة ومتخصصة ، وتعهد حمدوك وقال بالحرف الواحد ( بأنه لا يقبل أي وزير لا تتوفر فيه المعايير والمواصفات المحددة )
ولكن الشي المؤسف أن إختيار حمدوك جاء مخيبا للآمال والتوقعات وإختار أضعف وأفشل العناصر وضرب بجميع المعايير المتفق عليها عرض الحائط وتم الإختيار علي أساس المجاملات والترضيات والمحاصصات الحزبية وأختلت جميع الشروط الضوابط والأسس المطلوبة وأصدق دليل علي قولي هذا شهادة الإمام الصادق المهدي المهدي بأن هذه الحكومة حكومة محاصصات وتكونت من عناصر غير مؤهلة وكذلك حديث محمد عصمت رئيس لجنة الترشيحات في قوي الإجماع الوطني وأحد وأضعي هذه المعايير التي أخلت بها حكومة حمدوك
والشي الثاني هنالك شماعة وزيعة تحاول أن تعلق عليها حكومة حمدوك فشلها وهي أننا ورثنا تركة مثقلة بالخراب وخزينة خاوية من نظام دمر وخرب البلاد والإصلاح يقتضي وقتا طويلا فإنني إذا هذا الزعم أقول الأتي :
*أن حكومة حمدوك تحظي بظروف سياسية أفضل من التي حظيت بها حكومة الإنقاذ ومن هذه الظروف :
1 / لا عزلة دولية ، لا حظر ، لا عقوبات ، تدفق المساعدات
2 / توقف الحرب التي كانت تستنزف حكومة المؤتمر الوطني
3 / المفترض في حكومة حمدوك أن لا فساد ولا تبديد للمال العام وبالتالي توفير أموال البلاد
4 / وكان من المفترض أن تكون حكومة كفاءات وخبرات ومقدرات قادرة علي إنقاذ البلاد من الخراب والدمار
5 / أين ذهبت عائدات إيرادات البلاد ( الضرائب ، الجمارك ، الجبايات ، الرسوم ، وعائدات البلاد الأخري التي تغذي خزينة الدولة )
6 /أين الأموال التي كانت قد نوهبت في العهد البائد وتم إرجاعها إلي خزينة الدولة
7 / أين أموال المؤسسات التي حلت وأين أصولها ومقارها وعرباتها بجانب توفير تكاليف موظفيها
8 /معلوم أن المؤتمر الوطني كان يصرف صرفا بذخي ويبدد المال العام ، وكانت البلاد تعاني من الترهل الإداري وكثرة المؤسسات التي تقلصت في حكومة حمدوك أين العائدات من هذا التقليص الإداري والسياسي
9 / لماذا لم تستفيد حكومة حمدوك من تطبيعها مع المجتمع الدولي وتحقق مكاسب للبلاد من خلال ( أعفاء الديون ورفع إسم البلاد من قائمة الإرهاب وإلغاء كافة العقوبات بجانب تلقي الدعم والمساعدات الدولية )
10 / أصبحت البيئة السياسية السودانية صالحة لجذب الإستثمارات الدولية وجلب وإستيراد كل الأشياء التي كانت محظورة عن البلاد في حقبة النظام البائد
الملاحظ أن حكومة حمدوك فشلت في توفير أبسط إحتياجات المواطنيين ومقومات الحياة كا ( الخبز ( الرغيف ) ، المواصلات ، الوقود ، الغاز ) مع الغلاء الطاحن في أسعار السلع الضرورية مما إنعكس ذلك سلبا في معيشة المواطنين ، وأصبح المواطن يعيش في ظروف صعبة وفقر مدقع وكذلك شهدت البلاد تردي مريع في كافة الخدمات كا الصحية والتعليمية وخدمات الكهرباء والمياه وإصحاح االبيئة وغيرها من خدمات صارت معدومة تماما
كما هو معلوم فإن الشعب السوداني حينما ثار علي نظام الإنقاذ وأقتلعه كان السبب الرئيسي لهذه الثورة هو التدهور والإنهيار الإقتصادي وغلاء المعيشة وأزمات الوقود والنقود والخبز والمواصلات وغلاء المعيشة وإرتفاع الأسعار وتردي الخدمات ، والسؤال الذي يطرح نفسه هل حلت هذه الأزمات ومتي تحل ؟
الشعب السوداني لا تربطه علاقه حب مع قوي إعلان الحرية والتغيير بل تربطه مصالح ومعايش وخدمات ومطالب حياتيه متي ما تمت الإستجابة لهذه المطالب كفي الله المؤمنيين شر القتال وإن لم تحل هذه المشاكل فليذهب حمدوك وتذهب حكومة ( قحت ) غير مأسوف عليها ويجب أن نستلهم مقوله سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( ولينا علي الناس لنسد لهم جوعتهم ولنأتي لهم بحرفتهم وإن عجزنا عن ذلك إعتزلناهم ) أما الحديث الرائج عن أن حكومة حمدوك لا تملك عصا سحرية لحل مشاكل السودان فهذا حديث معيب فكيف تتقدم لقيادة البلاد وأنت عاجز وغير قادر وغير راغب ولا تملك مقومات أن تحل مشاكل البلاد ولماذا تصر علي أن تبقي في سدة الحكم وأن ليس لديك شئ تقدمه لهذا الشعب الذي أزاح البشير وأتي بك لتحقق تطلعاته وأنت تقف في نفس محطة فشل البشير ولم تبارحها إن لم تكون قد أدخلت البلاد في حالة أسوأ من التي كانت عليها في عهد النظام البائد
الأمر الخطير هو أن تتطلب حكومة حمدوك من الشعب السوداني أن يصبر علي تفاقم الأزمات لأنه صبر علي العهد البائد 30 عاما وعليه بالمزيد من الصبر علي الجوع والفقر ، وهذا أمر غريب وكما جاء في المثل الشعبي ( أن الجعان لا ينتظر فورة البرمة ) فبدل من أن تتصرف حكومة حمدوك وتحل مشاكل البلاد تطلب من الشعب المزيد من الصبر ، مع تفاقم المشكلة وفقدان الأمل في الحلول التي باتت لا تلوح في الأفق القريب
وأكثر ما أثار دهشتي وإستغرابي أن حمدوك قال أنه لا يمتلك برنامجا لحكم السودان وأن قوي الحرية والتغيير لم تعطيه برنامجا ، فهذه لعمري فضيحة كبري وتمثل قمة الفشل الذريع ، فكيف يتقدم شخص لحكم السودان وهو ليس لديه برنامج لحكم السودان ، وأن قوي الحرية والتغيير كذلك ليس لديهم برنامج ، غير برنامج إسعافي مرتجل وورقة إقتصادية قدمها الدكتور أبراهيم البدوي ، وهذا يدل علي أن قوي إعلان الحرية والتغيير تفأجات بالتغيير ولم تعد برنامجا متكاملا وبديلا ديمقراطيا مناسبا لحكم البلاد بعد زوال حكم الكيزان
والشئ المؤسف أن حزب الأمة القومي تقدم ببرنامج عمل متكامل وبديل ديمقراطي وفيه رؤية تفصيلية في كافة قضايا البلاد عرف ب ( مصفوفة الخلاص الوطني ) سلمت لحكومة حمدوك ، ولكن لم تناقش ولم تعتمد وتجاز من باب الغيرة والحسد لأن هنالك أحزاب لا ترضي أن يتم حل مشاكل البلاد علي يد حزب الأمة القومي وينطبق عليهم القول ( وذي علة يأتي عليلا ليشتفي به وهو جار للمسيح إبن مريم )
*وأيضا من المأخذ علي حكومة حمدوك هي :
حالة الفوضي في تنظيم المظاهرات وكل عشرة أفراد يمكنهم تنظيم مظاهرات ومواكب وقفل الطرق بالمتاريس ، مما سهل ذلك في الإختراق وأصبحت هذه المواكب مطية لكل المندسين وأصحاب الأجندات وخدمة أجندة الثورة المضادة
هنالك غياب كامل للتوعية والتنوير وسط الشباب والطلاب الثوريين ، وخاصة تجاه الشرطة والجيش ، والدعم السريع حيث ورثوا مشاعر كراهية وعداوة لهذه القوات النظامية جراء إنتهاكات كانت تتم في عهد النظام البائد ، وكان يجب علي قيادات قوي إعلان الحرية والتغيير أن توضح لهم الموقف من هذه القوات النظامية ومطالبتهم بعدم إستفزازها ومعاملتها ك شريك وحليف وليس عدو وأنها حامية للوطن والثورة والمواطن ( تحترم المواطنيين والمواطنيين يحترموها ) وتلتزم بالقانون والدستور ولا تتعدي علي الحقوق ولا تنتهك الحريات ، وأنو ما في دولة بلا جيش وشرطة ، ولابد من الإشادة بجيش وشرطة السودان وإنحيازهم للشعب وحماية الثورة والوطن وعزل الطاغية ومخالفة تعليماته
وحتي لا نحكم علي هذه الحكومة بالفشل دون أن نقدم مقترحات للحلول فإننا نتقدم بالأتي :
1 / ضرورة عقد مؤتمر دستوري جامع لمناقشة كافة مشاكل البلاد السياسية وملف العلاقات الخارجية
2 / ضرورة عقد مؤتمر إقتصادي عاجل يدعي له مختصون في الإقتصاد والزراعة والصناعة والتجارة والطاقة والتعدين وكافة مجالات الإقتصاد يخرج بقرارات وتوصيات تسهم في تطوير وإصلاح الإقتصاد
3 / حل الحكومة الحالية وتكوين حكومة من أشخاص مؤهلين ويتمتعون بالكفاءة والخبرة مع مراعاة مبدأ التخصصية والإبتعاد من المحاصصات الحزبية
4 / الإتفاق علي برنامج حكم وبديل ديمقراطي يعد بعد التوفيق بين البرنامج المطروحة ودمج جميع الأفكار والأراء والمبادرات في إطروحه وطنية واحده وصميمة ومتفق عليها من كافة الأطراف
5 / الإسراع في تشكيل حكومات الولايات وتعيين الولاة ، بحيث يتم الإختيار علي أساس السند والقبول الشعبي دعما لإرادة الشعبية في الولايات
6 / أن يقوم الوزراء الجدد بوضع السياسات البديلة وتنظيف الوزارات من بؤر الفساد أشخاصا وهياكلا ومؤسسات
7 / ملف الفساد وإزالة التمكين مازال العمل فيه يسير ببطئ شديد لا يتناسب من فداحة الأمر
8 / ملف قومية مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها وإرجاع المفصولين تعسفيا ورد المظالم وإنصاف المظلوميين هذا الملف لم ينجز مهامه كاملة إلي الأن
9 / ما زال شباب بلادي يعانون من العطالة وعدم توفر فرص العمل وما زال سدنة النظام البائد يتربعون علي عرش كافة الوظائف وإلي متي يستمر هذا الحال المائل
10 / الحل الأخير ( وأخر العلاج الكي ) وهو الدعوة لإنتخابات مبكرة وتعود السلطة إلي الشعب السوداني صاحب السيادة ليختار حكامه وفق إرادته الحرة النزيهة ، في حالة فشل الحكومة وإنسداد أفقها نحو حل مشاكل البلاد
*يأتي نقدنا لحكومة حمدوك من باب تقديم النصح وقصد الإصلاح ما أستطعنا إلي ذلك سبيلا وقيل أن النقد خير وسيلة للبناء عرفها الإنسان وقول سيدنا عمر بن الخطاب ( رحم الله إمرء أهدي لنا عيوبنا ) وقول الحكيم الشعبي ( أسمع ك
المقالات
التعليقات