العمدة : قلنا للحكومة اولادنا واولاد الرحل يتعلموا في مدارس واحدة.. والوليد كان اتربا مع اخوه ما “بكتلا”
مسؤول الاستخبارات : جئنا واستلمنا مواقعنا بعد تغيير الطاقم القديم بحسب رغبات أهل المنطقة
المدير التنفيذي : اعطوني فرصة وكان فشلتا سوف أرحل
تقرير : مصعب الشريف
تعني نيرتتي بلغة الفور “القطعة المغسولة والنظيفة الخالصة” نسبة لنظافة المكان وروعته …
المدينة الواقعة غرب السودان على بعد امتار من جبل مرة، تسحرك تلك البقعة بجمالها الطبيعي، الذي لا يحتاج الى تزيين مثلما تزين العروس عند زفافها ، تلك الجميلة التي زورناها لأول مرة زينتها حكماتها بهتافات الثورة وغناء الماضي وأناشيد المحبة والسلام، كانت كمن قيل فيها ؛ ” مع لونك الأسمر لا بدره ولا أحمر” الإ أنها تمردت على القول، فهي ليست سمراء بل خضراء ذات طبيعة تجعلها ان تكون مدينة سياحية تشبع الناس من رهق السفر إلى الخارج وتكاليفه كمنطقة سياحية ذات طبيعة سودانية مخلوطة برائحة الطبيعة ، يقترب منها الجبل وسحب الخريف تغطي سماءها، واما امطارها فهي مثل صاحب المنزل لا تحتاج إلى استئذان للهطول.
أرض الاعتصام :
عقب وصولنا إلى مدينة نيرتتي كانت أرض الإعتصام هي أول محطاتنا.. وبهتاف “حرية سلام وعدالة” و “شهدانا ما ماتو عايشين مع الثوار”، إستقبلنا أهالي نيرتتي عند أرض الإعتصام الذي قرر ان يكون في الطريق الرابط بين نيالا و زالنجي، فكان سوق المدينة هو المكان الذي أُقيم فيه .
لم يكن الإعتصام مختلفاً عن القيادة العامة، فوجدان الناس مشترك، وتمسك المطالبة بالحقوق كان واحداً، والساحة تعُجُ بالمواكب، منذ المدخل وحتى “الترس” الأخير… تستقبلك زغاريد النساء وأشعار الحكمات والميارم ، وخيمة النازحين، ومبادرة شارع الحوادث والعيادة، ولجنة الخدمات والعديد من الخيم التي تعبر عن إنسان المنطقة وما يريد تحقيقه. الأمن كان المطلب البارز للأهلي وهو حديث الجميع، إن كان مزارع أو راعي، تاجر بضائع أو مشتري. عبرت عن ذلك تلك اللافتة التي تستقبلك عند بداية دخولك للاعتصام كتب عليها “حرية سلام وعدالة والأمن خيار الشعب”.
وقد تركزت المطالب في الامن، الكهرباء،إقالة الطاقم الموجود من قائد الشرطة والجيش والمدير التنفيذي، الخدمات الصحية، توفير قاضي ووكيل نيابة بالمنطقة، ومنع لبس الكدمول و إستعادة أراضي زراعية كان المتفلتين أخذوها منهم وجعلوها مقام لهم بحسب حديث الأهالي هناك.
صوت الأهالي :
قالت وهي تخاطبني: “وليد ماعنده كبير ما بتطاطئ راسا”، وأوضحت أن المشورة وإحترام رأي الكبير هي ما يجمع الاهلي، وهي واحدة من حكامات الاعتصام. فكان لابد من البحث عن كبير القوم وهو خادمهم، و عندما إستطلعنا كبار المنطقة تحدث لنا الشرتاي أو العمدة، وهو كبير المنطقة ومترأس وفد المفاوضات من الجانب الأهالي ،وجدناه يجلس على سجادة يمسك بسبحته وحوله عدد من المشايخ، لم يرفض أن يتحدث لنا فقال في مدخل حديثه حول الحلول؛ “قلنا للحكومة ده كان دايرين تحلوا مشاكل بلدنا لازم تجمعوا السلاح من الجميع وتفتحوا الشوارع وتمنعوا الكدمول” ، واضاف “لانو ما يعرف بالكدمول يلبسه المجرم ليخفي الملامح” . وابان العمدة: “لو ما أولادنا و أولادهم قريناهم مع بعض مشاكل ما بتحل، الزول كان درس مع اخوه بحصل بينهم محبة وما بقتل اخوه” .
و حول طبيعة الأحداث بالمنطقة، أبان العمدة؛ ان الأحداث تأتي من طرف معروف وهم مجموعة تستخدم مواتر، وهم يعلمون تحركات القوات المسلحة، تأتيهم تلفونات فيهربون عند طواف القوات العسكرية. وطالب العمدة الحكومة الجديدة بجلب قوات من خارج الولايات الخمس وان لا يكون لها ارتباط بدارفور.
بدورها تحدثت ممثلة المرأة بالمنطقة، عن أحوالهن كنساء وسط الظروف المعقدة، حيث اوضحت بتول محمد إبراهيم انهم يعانون كنساء من التعديات الجنسية والضرب والشتم من قبل المتفلتين. وقالت بتول؛ “مطلبنا الاول هو الامن، نحتاج إلى تامين الزرع، نحن نحتاج تامين الشارع والمزرعة طوال فترة الموسم وما بعد الموسم” . وزادت: “انها لا تستطيع مرافقة بناتها معها الى الزرع لانها تخشى ان يتعرضن للضرب والقتل والاغتصاب” ، وقالت؛ ان الحكومة السابقة كانت تساند المتفلتين، وانها تعرضت للاعتقال لانها تحدثت عن تعرضها لاغتصاب في الماضي، مؤكدة أن الحالة النفسية للنسا المغتصبات تصبح غير جيدة وانها لا تحصل على رعاية طبية، وشكت بتول من النقصان الذي يصاحبهم كنساء في المنطقة.
بدوره تحدث المزارع علي عثمان محمد مؤكداً أن الحكومة السابقة أضرت بالمنطقة حيث قامت بإحراق مزارع البرتقال وإتلاف اكثر من ١٣ مليار شجرة برتقال، وقال ان المنطقة تنتج الكثير من البرتقال، واوضح انه منذ 2016 وحتى الان خطف اكثر من 40 مزارع و أوضح ان الحكومة لا تستجيب للمطالب ولا تحرك بلاغات بالإعتداء على المزارعين.
أما ممثل اللاجئين لم يكن مختلف الحديث، وطالب الحكومة بفتح المسارات للمنظمات لمساعدتهم في الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعيشونها.
القوات الأمنية :
القوات الأمنية ناب عنها مسؤول الإستخبارات الجديد و الذي جاء نتيجة لرغبة الاهالي في تغيير طاقم القوات الأمنية المتواجد بالمنطقة، وقال النقيب هجو عبد الباقي ان القوات العسكرية تقوم بتمشيط المنطقة لضبط المتفلتين وجمع السلاح وتنفيذ قانون الطوارئ فيما يتعلق بلبس الكدمول وحمل السلاح. و أوضح ان المطالب والتعبير عنها هي حق لكل شخص ان يطالب به.
و أضاف أنهم جاؤوا و إستلموا عملهم بعد تبديل الطاقم القديم وعملوا على تأمين المزارع عبر قوات مشتركة و العمل على حسم أي تفلتات تشهدها المنطقة. و أكد هجو أنهم لا ينحازون إلى أي جهة و ان القوات المسلحة تعمل كمنظومة واحدة، مطالباً أهالي المنطقة بمختلف مكوناتها بالعمل معاً لتحقيق الأمن و الإستقرار. وقال ان هنالك قوة عسكرية مشتركة جاءت بالفعل واستلمت مواقعها وبدأت في تنفيذ المهام التي أوكلت لها.
وحول التعامل مع قوات الكفاح والتي توجد على بعد حوالي 10 كيلومترا عن المنطقة، قال أن الوضع حالياً مستقر ولا يوجد مشاحنات او إحتكاكات معاهم، متمنياً أن تصل الأطراف إلى سلام حتى تنعم البلاد والمنطقة بكامل الاستقرار.
بدورها أكدت الشرطة انها تقوم بواجباتها التي يجب عليها أن تقوم بها وفق القانون.وفيما إذا كانت توجد بلاغات تتعلق باعتداءات جنسية، أوضحت ان البلاغات من هذا النوع نادر ما قد تأتي اليهم، بسبب أن الاهالي هنا لا يفضلون الذهاب إلى الشرطة وانهم يفضلون ما يعرف “بالجودية”
اما ممثل الدعم السريع، أكد على تأمين المنطقة مطالباً من الأهالي الخروج للزراعة والذهاب إلى الأماكن التي يزرعون فيها لكي يقوم بتامينها، منوها أنه لا يمكنه تأمين الخلا ككل مالم يكن هنالك مزارعين.
المدير التنفيذي :
المدير التنفيذي الجديد صبري يعقوب وصل إلى نيرتتي و إستلم مهامه بالمحلية، و أول ما بدأ به هو ساحة الإعتصام هناك حيث يجتمع حتى الخصوم. ووسط تلك الجموع خاطب المدير التنفيذي الحشود المعتصمة مؤكدا لهم عن حرصهم في تحقيق المطالب التي قام من أجلها الإعتصام، مؤكداً على تكوين قوات مشتركة لتأمين المنطقة تتكون من 300 عربة عسكرية
وطالب المدير التنفيذي خلال مخاطبته المواطنيين بإعطاءه فرصة لمعالجة المشكلات الحالية في المنطقة و وعد بقوله : “في حال عجزت عن حلها أوعدكم بمغادرة هذا المنصب” و أضاف ان الأمن مسؤولية جماعية لذلك يجب على أي مواطن بالتبليغ الفوري لأي ظواهر متفلته، و أكد أنه تم شحن بوابير الكهرباء من الخرطوم ستصل للمنطقة خلال اليوم أو غداً، بالإضافة إلى شحن الآليات الزراعية للمزارعين .
سلمية نيرتتي :
قدمت نيرتتي نموذج للإحتجاج السلمي وسحرتنا بسلميتها كما سحرتنا بجمالها وشلالتها، وقد جعلت الأهالي تأتي إليها على ظهور اللواري والبكاسي مساندين لقضية أهالي نيرتتي. وقبل أن نودع تلك الرقعة الخلابة كان قد وصل المولد المخصص للكهرباء، بالإضافة إلى القوات الأمنية.
سلمية الحراك ظهرت منذ مدينة نيالا في كتلة العمل المدني بدارفور وتنسيقية لجان الفاشر والأهالي في نيرتتي، جميعهم منحونا الأمل في أن يظل الوطن يسع الجميع.
التعليقات