التهاني للشعب السوداني بما تم من مراحل نحو رفع إسم السودان من القائمة الأمريكية للدول الراعية للإرهاب. الا ان رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب الأمريكية هو برنامج (process). نعم بدأ ولكن لم تكتمل كل حلقاته بعد. وهو اسحقاق وليس منحة أو كرم أمريكي طالما أن النظام الذي ارتكب الجرائم بحق السودانيين قبل الامريكيين قد سقط بارادة الشعب السوداني وحده.
لكن الشعب يرفض إبتزاز ترام المعهود وكل شروطه التي تقاصرت مؤقتا والي حين فقط، من التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، الي دفع شوية ملاليم بحسابات الإقتصاد الأمريكي. وكل ما يخشاه شعبنا أن يكون وراء هذا القرار تعهدات ممهورة من حمدوك والبرهان والتزامات قاسية وأثمان باهظة ربما يكون أقلها المبلغ المعلن الي الان والتطبيع.
وأري أن حمدوك تعجل في اعلان امر لم يكتمل ودقس أيضا وشرب المقلب عندما رضخ لابتزاز ترام وسيدفع السودان بسبب ذلك أثمان باهظة ليس مبلغ ال٣٤٠ مليون دولار فقط، وإنما الاهم والاخطر هو إقراره بارتكاب الشعب السوداني لجريمة لا ناقة له فيها ولا جمل.
ولو أنه كان سياسياً ذكياً وثورياً أصيلاً لاقنع ترام بأهمية استلام علي عثمان والبشير وكل قادة جهاز أمنهما كخبطة سياسية نوعية يمكن ان تضيف لعوامل ترجيح كفة فوزه في الانتخابات الامريكية لدورهم في حوادث سبتمبر. وسوف يكون الشعب السوداني أكثر سعادة بتسليمهما الي ترام ليصنع منهم حفلة شواء او كفتة. ولكان ذلك أفضل خيار لنا وللامريكان من دفع المال ذلك الخيار البليد الذي خرب الإقتصاد وأشعل سوق الدولار بالسوق الأسود واطلق اجنحة التضخم فاكل كل مدخرات الأسر.
ألم يكن الأفضل والأحق أن تذهب تلك الأموال لتوفير أبسط إحتياجات الشعب من الخبز والوقود والدواء التي انعدمت الآن تماماً.
ولو أن حمدوك ومستشاريه كانوا من أهل العقول والسياسة لانتظروا بضع أسابيع فقط حتي يسقط ترام ويعلن فوز بايدن، كما تشير استطلاعات الرأي الامريكية، والذي يتوقع أن يرفع اسم السودان من القائمة الشريرة فوراً وبلا أدنى مقابل من السودان.
وأقول للذين بيعون العشم والأوهام ويحاولون إعادة تسويق حمدوك ويصورونه بالرجل الخارق، كما كانت تفعل الأنظمة الدكتاتورية، ليتقوا بأس الشارع الذي وصل ذروته، أقول لهم لن يكفي رفع إسم السودان بهذا الثمن الكبير في معانيه شفيعاً لكم وحمدوك لأكثر من أيام فقط. وستدور عليكم الدوائر الي ان تستقيلوا او تجبركم الشوارع اجباراً وليس ذلك ببعيد.
إن ما يعايشه الشعب من المعاناة نتيجة فشل الحكومة ورئيسها في القيام بواجبات الحكم، وما حدث من إحباط في حمدوك نتيجة إكتشاف تواضع قدراته السياسية والاقتصادية، سيبقي هو الوقود المستمر لتزايد خروج الشارع عليه. ولن يتحمل الشعبدأكثر مما تحمل. ولن يسعف الوقت حكومة حمدوك الي ان يصل الدعم الدولي المتوهم.
ان من اكثر الاشياء إيلاماً ان تتحول جهود كل الجوغة حول حمدوك من العمل الجاد لاسعاف حال الوطن والمواطن الي اللهثان والاجتهاد لتزيين صورة ووجه حمدوك ومواراة عوراته وعجزه وقلة حيلته. ولعل الاعلان اليوم المستعجل ياتي في ذات الصياغ المعهود. لكن المؤكد لن يصلح العطار ما افسده الدهر.
أما أميركا في عهد ترام من المتوقع ان تواصل في ابتزازها ومطالباتها بالمزيد من التعويضات طالما أن حمدوك قد أقر لها بمسئولية الشعب السوداني وليس الكيزان عن كل الجرائم التي ارتكبها نظام الكيزان وامتداداتهم الدولية. والاعتراف سيد الادلة.

التعليقات