قدمت حكومة الفترة الانتقالية يوم الأربعاء 21 أكتوبر وأحد من اسوا أيامها في التعامل مع المسيرات المؤيدة لها أو المعارضة طوال تواجدها في الحكم منذ توليها السلطة قبل عام .
باغلاقها للكباري وانتشارها الأمني الكثيف وسط الخرطوم ، والإيقاف والمنع من العبور ، والتصوير ، والإعتداء على الاعلاميين من بعض الأفراد ، كل تلك الأحداث تقود إلى أن يتحسس الناس شعار الثورة الذي كان وزرائها وولاتها و على رأسهم والي الخرطوم يرددونه في مواكب الثورة التي جاءت بهم إلى الحكم تحت رأية “حرية ، سلام ، وعدالة” .
ولأول مرة أمس شعر السودانيين أن تلك الشعارات ربما تكون قد تساقطت بعد أن قيدت الحكومة حركتهم ومنعتهم من اللحاق باعمالهم والذين كانوا ينون المشاركة في مواكب الأمس وجدوا أنفسهم غير قادرين للوصول إلى الخرطوم ، حيث كانت تنوي أسر الشهداء تقديم مذكرة تطالب بإلاسراع في العدالة وتصحيح المسار والقصاص ، بجانب لجان المقاومة التي قررت أن تقود موكبها لوسط الخرطوم ناحية القصر ، لكنها فشلت بعد أن منعت الأجهزة الامنية الجميع “معارضين ومؤيدين” الوصول إلى وسط العاصمة .
وما كان مخيف هو تراجع الحريات على مستوى الإعلام لدرجة التوقيف ، وأخذ الهاتف والتفتيش ، والإعتداء على أطقم القنوات ومنع الصحفيين من عبور الكباري ، في صورة أشبه ما كان يحدث قبل سقوط نظام البشير ، وهو ما أظهرته كاميرات قناة الحدث مع مراسلها في السودان سعد الدين .
ورغم أن الحكومة ممثلة في وزارة الإعلام قد أصدرت بيان ، قدمت فيه إعتذارها الرسمي ، وتحدثت من خلاله عن حق التعبير والتظاهر كحق ممنوح ومتفق عليه وفق القوانين والدساتير ، الا أن واقع الأمر كان يبدو غير ذلك وقد تم توقيف العديد من الشباب ونقلهم بعربات الشرطة إلى الاقسام ، ولم يسلم حتى الصحفيين من ذلك .
ويبدو أن الحكومة لم تعي الدرس من تجربة ثورة ديسمبر المجيدة التي ما كان لها أن تنجح لولا سلوك أجهزة النظام السابق في التوقيف والاعتداء على المحتجين وضربهم واعتقالهم ، الأمر الذي جعل خيار الإستمرار في الشارع أكبر من العودة حتى سقوط النظام .
الاَن وبعد أحداث الأمس والتي خرج والي الخرطوم وتحدث بانه يتحمل مسؤوليتها ، ستجد الحكومة انقسامات في المؤيدين لها ، وهو ما بدأ يظهر منذ موكب لجان المقاومة الذي اتجه لرئاسة الوزراء قبل شهر وتعرض إلى القمع.
وفي كل حراك تشهده العاصمة والولايات وفي كل تعامل مشابه ومنع وتعتيم ستجد الحكومة نفسها تفقد المزيد من المؤيدين لها .
والاَن ليس أمام حكومة الفترة الانتقالية غير أن تحاسب المقصرين والمنتهكين لحق الأخرين في أحداث موكب 21 أكتوبر وتقديمهم للمحاسبة بشكل عاجل أو أن ترمي بنفسها في حضن الديكتاتورية .

نقاط أخيرة :

إلى لجان المقاومة :
رحم الله شهيد شرق النيل الذي توفى في موكب أمس ويجب ترك الأمر للشرطة حتى تحقق وتقبض على الجناة إن كان منها أو خارجها يجب الوصول إليه وتقديمه للعدالة حتى لا تحدث الفتنة .

إلى مدير الشرطة :
الصحافة كما الشرطة وجميعنا نؤدي واجبنا ، لا يخرج الصحفي ليتصيد أفراد الشرطة بل ينقل الواقع ويتعامل وفق ميثاق الشرف المنصوص عليه وموضوع في الدساتير ، تعرض صحفيين للمنع من عبور الكباري في موكب 21 أكتوبر وتعرضنا نحن الى منع من تصوير الشارع الخالي أمام قاعة الصداقة وتم أخذ الهاتف من قبل ضباط كانوا أسفل كبري توتي وقاموا بمسح صور التقطناها للشارع الخالي تجاوبنا معاهم ولكن عليهم أن يعلموا أن الصحافة شريك وليس عدو وتفتيش الهواتف والصور يجب أن يتم وفق القانون .
أقول لك: لماذا لا تفتح خط تواصل مباشر مع الإعلام في مثل هذه الأحداث لينقلوا شكواهم ؟

إلى السيد وزير الإعلام :
في مثل هذه الأحداث التي تشهدها البلاد والتي تتطلب أن يتحرك الصحفيين والإعلاميين لتغطيتها ، لابد أن يتم التنسيق مع الاجهزة الأمنية حول الصحفيين والاعلامين لتسهيل تغطيتهم للأحداث ، وان يكون هنالك تنويرا كافياً ، وإن كان هنالك مناطق ممنوع الإقتراب منها يجب أن تحدد وأن يتم التوضيح للصحفي والإعلامي ، لا أن يمارس عليه أسلوب التخويف !

مخرج :
الجسر طويل….يحتاج للجميع حتى نعبر …لا يجب إغلاقه !

التعليقات