مازالت الدولة تسير باضعف الايمان من القوة والفاعلية المطلوبة والمنتظرة بسبب التعثر والتاخير في اكمال مؤسسات الحكم والفشل في الوصول الي حاضنة سياسية متوافقة وقادرة علي دعم نظام الحكم ودعمه سياسياً وموضوعيا بالبرامج والتوجيه اللازم.
عودة الجبهة الثورية للعمل السياسي داخل الوطن بعد اتفاق سلام جوبا، وفشل قحت في جمع وتوحيد القوي الثورية علي برنامج واحد، وفشلها في توظيف الإستعداد الثوري العالي لصالح أجندة الثورة، مضافاً الي ذلك فشل رئيس الوزراء حمدوك لأكثر من عام في القيام بأهم وظائف رئيس الوزراء؛ لإنعدام الخبرة السياسية وعدم الإلمام الكامل بالواقع الوطني المعقد، لغيابه عن الوطن لاكثر من ثلاثة عقود، بالإضافة لتواضع مقدرات الاقتصادية، مما أدى الي الانهيار الإقتصادي الذي يدفع ثمنه المواطن دون أي بصيص لأمل في الخروج من ذلك في وجود حمدوك.
كذلك الأخطاء الجسيمة التي ارتكبها حمدوك وزادت من تعقيد المشهد الوطني المليئ أصلاً بالمشاكل الموروثة من عهد الإنقاذ وما قبل الانقاذ، والتي حدثت بسبب تواضع مقدرات حمدوك الإدارية وتردده ووسوء تقديراته ووقوعه لقمة صائغة لاحندة اليسار وأهل الأجندة مما ادي به لاتخاذ قرارات خاطئة ابعدت منه القوي السياسية وافقدته التعاطف الجماهيري الكاسح الذي حظي به ايام الثورة، وأدت تلك الاخطاء لإشعال الفتن وانفجار المشاكل بشكل متواتر كاد أن يودي بانهيار الدولة لولا لطف الله وتدخل العقلاء من القادة الوطنيين الافذاذ وعلي رأس هؤلاء كان الإمام الصادق المهدي شفاه الله وأعاده الي الوطن عاجلاً وبلا شك في ان وجوده مهم جداً الان حتي يتم تسكيل المشهد الجديد بسلاسة لما عرف به الحكمة والرؤية وما يحظي به من إحترام وتقدير عند الجميع.
كل هذه الوقائع يمكن أن تمثل فرص ومُنح عظيمة إذا تم تقييمها من قبل الفاعلين الجدد بالمشهد بشكل مسئول وشجاع ووضعوا لها الحلول الأنسب والأفضل بناءً علي التقييم الجاد والشجاع والأمين.
موضوعياً لم تعد قحت مؤهلة بعد كل ما حدث فيها من انهيارات وعجز عن القيام بالمهام الموكلة لها، بسبب الخيانات وتكلس بعض مكوناتها وما شهدته من محاولات هيمنة البعض علي قرارها. ولم تعد قحت تمثل الجهة الوحيدة التي تقرر بشكل الحاضر والمستقبل بالفترة الانتقالية. وأعتقد جاء الوقت أن تنتقل القوي الفاعلة بالمشهد الي إقامة تشكيل سياسي بديل لقوي إعلان الحرية والتغيير مع الإبقاء علي الوثيقة الدستورية كمرجعية هادية للعمل والابقاء علي قحت كواحدة من مكونات المنصة الجديدة وقوي الثورة ممثلة في لجان المقاومة كجزء من التشكيل الجديد.
هذا التحالف الجديد يجب ان يتكون من القوي الفاعلة بالمشهد الان والتي موضوعياً اصبحت هي المسئولة من نجاح الحكومة ونجاح كل الفترة الانتقالية المتبقية ولا داعي لضياع الوقت في البكاء علي الاطلال. واهم المكونات في هذه المنصة الجديدة القوي السياسية والقوي الثورية وما تبقي في قحت بالاضافة الي لجان المقاومة والجبهة الثورية والقوي النظامية الشريكة في الحكم.
والمطلوب الآن وبشكل عاجل أن تذهب هذه المنصة الجديدة الي إعلان نفسها والي الدخول في حوارات عميقة تبدأها بعمل تقييم أمين وشجاع لتجربة التغيير منذ ديسمبر مروراً بتجربة الحكم الانتقالي الفاشل لأكثر من عام وتوظيف نتائج ذلك التقييم لتصحيح المسار الوطني كله بما في ذلك مسار الحكم الانتقالي حتي تصل البلاد بسلام الي قيام انتخابات حرة ونزيهة في نهاية الفترة الانتقالية ويتم تسليم الحكم الي حكومة منتخبة من الشعب.
ومن المهم أن ينطلق العمل في كل تلك المهام بالتوازي وليس بالتوالي والسلحفائية التي شاهدناها ومازلنا نشاهدها في عهد حكومة حمدوك. وأهم المهام التي يجب تنفيذها ذكراً وليس حصراً وفوراً الاتية:
اولاً: إختيار رئيس وزراء جديد، مع الالتزام لجعل حمدوك رئيسا او نائباً لرئيس لمجلس السيادة بعد نهاية مدة البرهان كما ورد في نصوص الوثيقة الدستورية ان يتولي رئيساً مدنيا في النصف الثاني للانتقالية الي قيام الانتخابات.
ثانيا: العمل علي تنفيذ كل ما ورد بالوثيقة الدستورية من أهداف قبل إنطلاق الحكومة الجديدة وأداء القسم ومن ذلك تشكيل المفوضيات التسعة واعلانها، تشكيل المجلس التشريعي وانطلاق اعماله، تشكيل المحكمة الدستورية واعلانها..
ثالثاً : كتابة وإجازة برنامج الحكومة الانتقالية في المدة المتبقية داخل التحالف الجديد ورفعه الي المجلس التشريعي.
رابعاً : اعلان الرئاسة واللجنة العليا للمؤتمر الدستوري وتحديد مهامه وتوقيتات انجازها.
خامسا: اعلان نتائج تحقيق احداث فض اعتصام القيادة واعلان محكمة احداث ميدان القيادة العامة.
سادساً : تحديد سلسلة المؤتمرات القومية وتشكيل رئاستها واللجان المسئولية من اقامتها وتوقيتاتها.

التعليقات