وثق له: سراج الدين مصطفي
(1)
لمدينة عطبرة وقع خاص عند الشعب السوداني، فهي المدينة التي إندلعت منها شرارة ثورة ديسمبر المجيدة، وهي فعلياً من قاد جذوة التغيير، والتاريخ يحفظ لها بأنها مدينة نضالية لها إسهامها الواضح في الفعل السياسي ،وهي تعتبر واحدة من المدن الكبيرة في السودان وتلقب بمدينة الحديد والنار،و تعتبر مركزا صناعيا هاما في البلاد. بها رئاسة السكة الحديد الناقل الوطني بالسودان وورش السكة الحديد الضخمة التي منها جاءت تسمية مدينة الحديد والنار. ارتبطت مدينة عطبرة بخلفية تاريخية مشرفة والنضال ضد المستعمر فقد خرجت العديد من الأسماء والزعماء المناضلين من أجل الوطن. ، فهي قدمت وما أستبقت شيئاً، لذلك عزتها ومحبتها تكمن في إنها مدينة لا تعرف السكون وفي حالة ضجيج حياتي دائم، ولعلنا في لحظات كثيراً نردد في محبتها:
قطار الشوق متين ترحل
تودينا
نشوف بلدا حنان أهلا
ترسى هناك ترسينا
نسالم عطبرة الحلوة
تهدينا وترسينا
نقابل فيها ناس طيبين
فراقهم كان ببكينا.
(2)
من المؤكد أن أغنية قطار الشوق واحدة من الأغاني التي وجدت حظها من التدوال الكبير عند المستمع السوداني، وهي أغنية إرتبطت تاريخياً بمدينة عطبرة حينما ذكرها الشاعر المهندس (علي محجوب) مؤرخاً لحادثة وجدانية بعينها، ومن أشهر الفنانين الذين تغنوا بها إبن عطبرة الفنان أبو بكرالذكاروهو أول من تغني بها، ثم حسين شندي، والبلابل.. و البلابل اسهمن في ذيوع قطار الشوق عبر الأجهزة الاعلامية لوجودهن في الساحة الفنية،وهو اول من تغنى بها، ولعلها سانحة لأن نصحح خطاء تاريخي في خلط البعض ما بين كلمتي (نسالم- ونسائم) عطبرة و الأصح هي (نسالم).
(3)
أغنية (قطار الشوق) بما أحتوته من دفقة شجن عالية ولغة شعرية سهلة وسلسة ولحن بسيط يلامس شغاف القلوب ، إستطاعت أن ترفع من قدر شاعرها المهندس علي محجوب، ورغم وجود أغنيات أخري ولكنها كانت كافية لتؤرخ له كشاعر مجيد، والمهندس علي محجوب من منطقة المقل مركز مروي نشأ وترعرع في مدينة عطبرة ودرس فيها جميع المراحل التعليمية تخرج من معهد الكليات التكنلوجية ( كلية الهندسة الميكانيكية بعطبرة) والتي اصبحت نواة لكآفة كليات الهندسة لجامعة وادي النيل بعد أن فصلت إدارتها من معهد الكليات التكنولجية التي أصبحت جامعة السودان.
(4)
بدأ كتابة الشعر في سنة مبكرة شغل عنها بأعمال إدارية صاحبتها رحلة تلقي العلم التي لا زالت مستمرة رغم توليه لمناصب إدارية عمل بمؤسسة ماسبيو للأسمنت ( أسمنت عطبرة ) و نائباً لمدير مياه عطبرة … ظل علي محجوب المسكون بحب عطبرة لا يقوى على براحها وظل أسمه رهين للمدينة إلا أن طارت به أغنية قطار الشوق بفضل محبي عطبرة من المطربين وعشاقها إذ أن الاعلامي الفكي لمّا لم يجد الذكار بقربه بعامل الغربة أستاذنه طالباً من البلابل غنائها ولقد وجدت هوى في قلوب البلابل إذ بعثت فيهن ذكرى طفولتهن في مدينة عطبرة ثم جاء حسين شندي مأثوراً بسنوات الدراسة التي قضى جزءاً منها بمدينة عطبرة فغناها عشقاً بعد أن وقع أذن من المطرب بابكر الذكار يسمح له بترديدها لمدة ثلاثة سنوات ولكن ظل عشقه ممتداً وسكت عنه الذكار مقدراً حبه لعطبرة.
(5)
ويحكي عنها الشاعر علي محجوب(إن قطار الشوق استقت نجاحها من مجد عطبرة وهي مساحة المولد من الورشة ومن الأبرول، وريحة الطباشير في مدارسها… هي قطار الشوق.. وبطاقة حب لمدينة… كلماتها بسيطة لطالب سافر من أهله وساقه الحنين اليهم ومعلوم طبيعة العلاقات الأسرية في عطبرة اسر مترابط،و بفخر يسترجع ذكرياته حيث قال أنا ابن ثقافة القطر، والدي سواق قطار لمدة 40 سنة، أعرف المشترك، وقطار كريمة والاكسبريس، وحلفا وبورتسودان وقطارات النقل والزيوت والبضاعة والركاب.. وأعرف عمود السفر.. ومن كل تلك التكوينات والمشاهدات خرجت قطار الشوق من المخارط والورش الجديدة.
(6)
للشاعر علي محجوب أغنيات أخري غير قطار الشوق ولكنها لم تجد حظها من الإنتشار وعلل ذلك بقوله(انتشار الأغنية وذيوعها قوة إلهية، ويعتبر ذلك من أجل الأحاسيس التي يشعر بها الشاعر أن تمس القصيدة وجدان الناس، وتعد محطة قصيدة قطار الشوق من أشهر محطات قصائدي ، ويبدو أن قطار الشهرة لم تناله الأخريات.. ربما للبعد عن اجهزة الاعلام كما قال الشاعر فالبعد يؤثر سلباً.. وربما كما قال تقصير منهم في الوصول للناس.. ويزيد لكن هناك اخريات في الأجهزة القومية فيها الكثير.
نص الأغنية:
قطار الشوق متين ترحل
تودينا
نشوف بلدا حنان أهلا
ترسى هناك ترسينا
نسائم عطبرة الحلوة
تهدينا وترسينا
نقابل فيها ناس طيبين
فراقهم كان ببكينا
يا قطار الشوق متين توصل
حبيبنا هناك راجينا
متين نحضن عويناتو
متين يسرع يحيينا
يا قطار الشوق
دا ليل الغربة فيهو ودار
متين تسرع متين بتكمل
المشوار
عشان نلقى سيد الناس
ونطفي البينا من النار
نشوف عينيهو النعسانة
ولونو الزاهي كلو نضار
يا قطار الشوق حبيبنا هناك
يحسب في مسافاتك
ولو تعرف غلاوة الريدة
كنت نسيت محطاتك
وكان بدرت في الميعاد
وكان قللت ساعاتك
وكان حنيت علي مرة
وكان حركت عجلاتك
(توثيق: سراج الدين مصطفي)