في خطوة منزوعة العقل والفطنة السياسية علي ضوء سير محكمة مدبري إنقلاب الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م، يعيد الكيزان تجميع شعثهم في محاولة لالتقاط الأنفاس والالتقاء مجدداً، بمؤتمرهم الوطني والشعبي والمشائين بينهما بالشر بأوكار الجهل وسوء الظن والمنحطين من سواقط القوي السياسية الأصيلة.
الحمد لله الذي وحد السودانيين في مواجهة الكيزان في ديسمبر ٢٠١٨ الي أن هزموا وولوا الدبر، وعمت الحرية، وبدأت تتمدد دولة الحقوق رويداً رويدا برغم العثرات هنا وهناك، إلا ان الكيزان حمقي ولا ينظرون بعين البصيرة ولا يرون الحق المبين ومازالوا يهيمون في مؤامراتهم واحلامهم البائسة.
والحمد لله الذي وحد مجموعات الجهل والانتهازية، في مواجهة الشعب السوداني بمدنييه ونظامييه، حتي ظهروا وبانوا كلهم لكي يتم التقاطهم الواحد تلو الآخر، ليذوقوا العذاب الذي اذاقوه للشعب مدة ثلاثين عام من حكم الفساد والإستبداد والقتل.
قدرنا في السودان أن يكون من بيننا من لا عقول لهم ولا ضمائر من كيزان وجهلاء وانتهازيين، أخذوا فرصهم كاملة في الحكم، وكان اداؤهم سيئاً وقبيحاً، غسل كل دعاوي الطهر والعدل ومخافة الله، التي رفعوها كقميص عثمان لوقت طويل وتكسبوا بها وحدهم تاركين الشعب للموت بالفاقة والمرض وبسجونهم وبيوت اشباحهم داخل الوطن، أو غرقاً علي ظهور الصحاري والمحيطات هربا من الوطن الذي احالوه لجحيم.
الكيزان لا عقول لهم ولا ينفع معهم إلا الزجر والحسم والسجون، لأنهم لا يؤمنون بقيم الحرية والعدالة، ولا يعترفون بدولة الحقوق والواجبات، ولا يؤمنون بالعيش في إطار التعدد ولا يخضعون إلا لدولتهم التي يفصلونها علي مقاسهم وحدهم. ولو كان بهم حكمة ورشد لصححوا ادائهم خلال المدة الطويلة التي حكموا فيها وحدهم، (فانها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور).
ولذلك ليس مستغرباً خروجهم بالأمس بعد أن استقامت دعاوي الإتهام مباشرة في مواجهة منفذي الانقلاب ووضحت تفاصيل جريمة الانقلاب علي النظام الديمقراطي، وتأكد الكيزان أن الجريمة لا محالة طائلة أعناق كل الذين شاركوا ونفذوا انقلابهم في ٣٠ يونيو ١٩٨٩.
وبرغم ما ظهر من مخاطبات من قادة المؤتمر الشعبي والمؤتمر الوطني وكل المشائين بالسوء وكل سواقط القوي الاصيلة، بعيد خروجهم من محكمة الانقلابيين، إلا أن هذا الأمر قد كان مدبراً ولم يكن تلقائياً، ولا علاقة لذلك بوقائع المحكمة والتي استغلوها فقط كمناسبة لشد انتباه الناس ليتابعوا ما يقولون.
ما حددته المحكمة لا يفوت علي أغبي الاغبياء فضلاً عن فطنة العاملين بالسياسة، لكنهم خرجوا وتجمعوا علي إثر رفع إسم السودان من قائمة الإرهاب الامريكية، وما صاحب ذلك من عودة للزخم الدولي دعماً لحكومة الثورة وما حدث من انفتاح وفرص جديدة لعودة التماسك داخل مكونات الحكومة من مدنيين ونظاميين، وفيما بين مكونات تحالف قوي اعلان الحرية والتغيير، ادي الي تفاقم معاناة الناس، وتفرق واختلالات في معادلة الحكم وفشل رئيس الوزراء حمدوك.
واضح أن الكيزان كانوا قد أعدوا العدة ومعهم نظاميين، للانقلاب علي حكومة الثورة في يوم الاحتفال بيوم انطلاقها في ١٩ ديسمبر القادم، ومعهم الجهلاء والمشاؤون بالشر والسواقط، تحت دعاوي الثورة التصحيحية لثورة ديسمبر المجيدة، مستغلين فشل حمدوك والحاضنة السياسية، كأساس موضوعي للانقضاض علي الحكومة وثورة الشعب، ليقتلوا الأمل الذي ولد في عيون الشعب بعد ثورته العظيمة.
لكن رفع إسم السودان وما تبعه من ظهور لارادة جديدة، قد غير أجواء الإحباط، وأعاد الأمل وفتح الفرص امام القوي السياسية لتعيد توحيد اهدافها وتصويب اراداتها نحو الاهداف الكبري، وفتح الآمال في امكانية تشكيل حكومة قادرة علي العبور برغم عظمة التحديات.
رفع إسم السودان من قائمة الإرهاب الامريكية فتح فرص جديدة مهمة يجب علي القوي السياسية التقاطها والتعامل معها بمسئولية، في اعادة الدعم لحكومة الثورة، واعادة الزخم للشراكة بين المدني والعسكري، والإسراع في إقالة الحكومة القائمة، وتشكيل حكومة جديدة، برئيس وزراء جديد، ووزراء من أهل الكفاءة والسياسيين وليس التكنوقراط، والانطلاق في تنفيذ كل بنود الوثيقة الدستورية كمجموعة واحدة، وإعلان رئيس وأعضاء المجلس التشريعي، وإطلاق مواعيد الانتخابات المحلية.
هذه الاجراءات من شأنها اذا انجزت كلها أن تطلق إرادة الثورة في الدولة وتشغل الجميع بواجباتهم، وتقفل الباب نهائيا أمام أي مغامر وطامع في الانقلاب علي ثورة ودولة الشعب من النظاميين والسياسيين.

التعليقات