الخرطوم : أحمد جبارة
وجدت خطوة إجماع الحكومة على تسليم الرئيس المعزول للمحكمة الجنائية ترحيبا واسعا في الاوساط السياسية والأسافير ، ففي الوقت الذي يرى فيه البعض أن الخطوة مهمة وتصب في تحقيق العدالة الانتقالية ، اعتبر البعض الاخر أن تسليم البشير يعالج المظالم التاريخية التي لحقت بأهالي دارفور لجهة أنهم سيرون البشير يحاكم بتهمة الجرائم التي ارتكب في حقهم ، مطالبين في ذات الوقت أن يكون القرار تنفيذي وليس حديث للإستهلاك الاعلامي .
أجماع الحكومة
بحسب عضو مجلس السيادة الانتقالي محمد حسن التعايشي فإن الحكومة الانتقالية ستسلم المطلوبين إلى محكمة الجنايات الدولية ، موضحًا أن الحكومة اتخذت القرار بالإجماع ، وأكد التعايشي في حفل إعلان منظمة ريناس بقاعة الصداقة بالخرطوم ، أن الحكومة ستتعاون مع المحكمة الجنائية بلا سقوفات ودون وضع أي قيود لتسليم مطلوبي المحكمة الجنائية ، وأضاف محمد حسن التعايشي: “أوكد أن هذا الأمر لا تراجع فيه وأقول ذلك وأنا على ثقة أن الحكومة الانتقالية وافقت بالإجماع على تسليم مطلوبي المحكمة الجنائية”.
لماذا التسليم؟
تسليم البشير للجنائية يأتي في وقت ، وصل فيه وفد من المحكمة الجنائية الدولية نهاية الأسبوع الماضي إلى الخرطوم حيث دخل في مباحثات مع وزارة العدل والنيابة العامة للوصول إلى تفاهمات حول كيفية تسليم مطلوبي المحكمة الجنائية الدولية ، وهو ذات الامر الذي جعل الحكومة تعجل بالموافقة على تسليم البشير للمحكمة الجنائية .
خطوة متأخرة
القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار يذهب في حديثه لـ(الجريدة ) إلى أن خطوة تسليم البشير للجنائية تأخرت كثيرا لجهة أن تحقيق العدالة في الجرائم التي ارتكبت في دارفور تحتاج إلى عدالة سريعة وأن أسر الضحايا في لهفة وإنتظار لتحقيق العدالة ، لكن كرار عاد ليقول ، أن تأتي متاخرا خيرا من أن لاتاتي ، واصفا الخطوة بالمهمة ، وطالب كرار بضرورة تسليم القائمة المكونة من “٥١” قيادي بالنظام السابق وليس البشير وحده ، كما طالب بضرورة تسليم كل مرتكب للجرائم ولم تشمله الجنائية ، وشدد كرار على ضرورة أن يكون التسليم ليس قرارا فقط بل يجب – بحسب كرار- أن يكون موضع التنفيذ.
خطوة شجاعة
فيما يقول المحلل السياسي رأشد التجاني ، إن تسليم البشير للجنائية كان أحد مطلوبات تنفيذ إتفاقيات السلام ، لجهة أن قوى الكفاح المسلح كانت تمسكت بتسليم البشير للمحكمة الجنائية ، واعتبر رأشد الخطوة بأنها تصب في تحقيق مسار العدالة الانتقالية التي كانت أحد شعارات ثورة ديسمبر المجيدة ، وأصفا الخطوة بالشجاعة ، ويتفق رأشد مع كرار في تأخر الخطوة ، مشددا في حديثه لـ(الجريدة) على ضرورة تنفيذ القرار حتى تأخذ العدالة مجراها ويرى أسر الضحايا أن العدالة تنفذ في الواقع .
ضغوط محلية
رئيس حزب البعث السوداني والقيادي بقوى الحرية والتغيير يحيى الحسين كشف في حديثه لـ(الجريدة) أن تسليم البشير جاء بناء على ضغوط من قائد قوات الدعم السريع الفريق حميدتي لجهة أنه يريد أن يسلم أحد الذين يشكلون له ازعاج وهو زعيم المحاميد موسى هلال ، وقال يحيي إنه ليس مع تسليم البشير للجنائية لجهة أسر الضحايا تريد أن ترى البشير يحاكم في السودان ، وتوقع الحسين أن تكشف خطوة تسليم البشير للجنائية تفاصيل جديدة عن الابادة التي ارتكبت في دارفور باعتبار أن البشير هو الذي امر بتنفيذ هذه الجرائم .
مطلوبات العدالة
من جهته يقول استاذ العلوم السياسية بجامعة امدرمان الاسلامية بروف عبده مختار ، إن تسليم البشير للجنائية خطوة صحيحة باعتبار أن البشير ارتكب جرائم لا يمكن أنكارها بدليل أن قوات اليوناميد والعالم أجمع يشهد على ذلك ، مؤكدا في حديثه لـ(الجريدة) أن تسليم البشير يعد أحد مطلوبات العدالة التي طالب بها الشعب وأسر الضحايا ، لافتا إلى أن تسليم البشير هو مصير كل مجرم ارتكب جرائم في حق شعبه ، كما أعتبر مختار أن أسر الضحايا أنتظرت كثيرا لترى هذا القرار. قاطعا بأنهم لايمكن أن ينتظروا أكثر من ذلك ولا يمكن أن ينتظروا إلى ما لانهاية .
رغبة التسليم
لكن المحلل السياسي الاخر الفاتح محجوب ينظر لتصريحات المسؤولين الحكوميين حول تسليم البشير للجنائية ، بأنها لا تعني بالضرورة تسليم عاجل للبشير للجنائية بقدر ما هي إعلان عن جاهزية الحكومة لتسليم البشير للجنائية إن رغبت هي في ذلك ،وأضاف ، بالطبع توجد عقبات كبيرة قبل تسليم البشير لكن التصريحات سياسيا مقبولة وتتفق مع اتفاقية جوبا والتي تم الاتفاق على تسليم البشير للجنائئة فيها ، وعليه بحسب الفاتح الذي تحدث لـ(الجريدة) ينظر إلى تصريحات المسؤولين الحكوميين حول التسيلم باعتباره من مسلمات الاتفاقية ، وتابع ، كذلك يوجد دوما فرق كبير بين الواقع الذي يجعل من أمر التسليم أمر غير مرحب به حاليا حيث أن المحكمة الجنائية غير مستعدة لاستلام البشير حاليا خاصة وأنها لا زالت عاجزة عن اثبات تهم الإبادة للمتهم الأصل في هذه القضية وهو السيد علي كوشيب ، مؤكدا أنها لا تريد الآن استلام البشير بل تريد من الحكومة الانتقالية أن تساعدها في جمع أدلة تصلح لاتهام السيد كوشيب الذي قامت كل دعاوي الإبادة حوله .
التعليقات