الخرطوم: أحمد جبارة
لاشك أن هنالك ضعف إداري ومالي في هياكل السلطة ، أدى إلى الاعتداء على المال العام ، كما أن ذات الاعتداء على المال العام ناتج عن غياب المحاسبة والعقوبات الرادعة ضد كل من يتلاعب به ، ولان السيطرة على المال العام مهمة وتساعد في الإصلاحات الاقتصادية التي تصب في إستقرار الاقتصاد ، كان لزاما على وزير المالية د. جبريل إبراهيم أن يتعهد بالسيطرة عليه ، فهل ينجح في ذلك ؟ وهل هنالك عقبات ستقف حجر عثرة أمامه ؟ وماهي الكيفية التي يمكن أن يسيطر بها جبريل على المال العام ؟
توجيهات جبريل
بالأمس شدد وزير المالية د. جبريل إبراهيم على ضرورة ضبط الصرف وأن يذهب لبنوده المخصصة له ، وناقش إبراهيم خلال اجتماعه بالإدارة العامة للموازنة، المشاكل التى تواجه إدارة الموازنة مع الوزارات والمؤسسات الحكومية فى أوجه الصرف مما ينعكس على تنفيذ الموازنة، وأكد على أن لاتنازل للمالية عن المال العام وشدد جبريل على أن تعد الميزانية مبكرا ، وأن تكون بإيرادات حقيقيه حتى يتم الإيفاء ببنودها، وأن تصل تحويلات الولايات فى موعدها ، وأطلع الوزير على المشكلات التى تواجه متابعة الميزانية وغياب المعلومات عن الوحدات بالوزارات، ووجه بأن تكون هناك شبكة واحده تساعد الوحدات فى متابعة المخصصات وبنود الصرف بالإضافه الى أنها تعطى مؤشرات للميزانية القادمة مما يساعد إدارة الموازنة على عمل تقريرها.
تعهدات سابقة
لم يكن جبريل وحده الذي أطلق تعهدات بشأن السيطرة على المال العام ، فقد سبق و أن شرعت وزيرة المالية والتخطيط الاقتصادي السابقة ، في وضع الترتيبات المتعلقة بتحقيق ولاية الوزارة على المال العام، ، وعقدت وزير المالية المكلف د. هبة محمد علي أحمد والمدير العام لجهاز المخابرات العامة الفريق أول ركن جمال عبد المجيد أحمد وقتها اجتماعاً أكداء فيه أهمية الالتزام بروح التعاون ما بين كافة مؤسسات الدولة لتعزيز الإيرادات للنهوض بالإنتاجية والتنمية تحقيقاً لأهداف ثورة ديسمبر المجيدة ، وقدمت هبة في الاجتماع تنويراً حول خطط الوزارة الإصلاحية والإجراءات المتعلقة بجميع الشركات والهيئات العامة التي قالت إنها تفوق الـ(600) شركة وهيئة حكومية، فيما خص الاجتماع الشركات التابعة لجهاز المخابرات العامة والتي تبلغ (15) شركة من ضمنها شركة السبيكة للذهب للإستفادة منها لبناء مخزون إستراتيجي من الذهب ، وناقش الاجتماع سبل التعاون المشترك بين وزارة المالية وجهاز المخابرات العامة و هيئة الأمن الاقتصادي، مركزاً على أربعة محاور؛ القضاء على الفساد، مكافحة التجنيب، تأمين المعلومات، وخطة الحكومة لتكوين قوة طوارئ مشتركة لدعم وتأمين الاقتصاد السوداني.
شعار سابق
يقول عضو اللجنة الاقتصادية لقوى الحرية والتغيير التجاني حسين ، إن شعار سيطرة وزارة المالية على المال العام أمر طرحته اللجنة الاقتصادية منذ لقائها بالوزير السابق إبراهيم البدوي ، منوها إلى إنها قدمت شرحا وافيا للمالية فيما ينبغي عليها أن تسيطر على المال العام ، وقال التجاني ، إن السيطرة عليه يعني تجنيب التجنيب ووضع كل الاموال المجنبة إلى وزارة المالية ، مضيفا أن الشركات العسكرية والامنية والرمادية التي تم تأسيسها بأمر وزارة المالية لابد أن تخضع إلى ولاية المال العام ، لافتا إلى أن المحصور منها أكثر من ٤٦٠شركة وليست لوزارة المالية عليها رقابة ولاتورد لها إيرادات ، مؤكدا أنها تمارس اعمال تجارية وزراعية وأن إيرادتها لم توضع في ميزانية ٢٠٢١ .
مطالبات مهمة
وفي رده على سؤال (الجريدة) حول ماهي الكيفية التي يمكن أن يسترد بها المال العام ، قال التجاني ، أن يصدر مجلس الوزراء قرار وأضح يإقاف التجنيب في كل المؤسسات وأن يطالب بتوريد كل الاموال المجنبة من هذه الشركات إلى خزانة المالية ، كما شدد حسين على ضرورة أن يصدر مجلس الوزارء قرارا بضم الشركات التي تم تأسيسها بواسطة وزارة المالية إلى الولاية العامة للمال سواء كانت شركات عسكرية أو مدنية ، وأن يتم تعين كفاءات إدارية لإدارة الاوصول والاموال التي تم إستردادها بواسطة لجنة إزالة التمكين ، وطالب حسين بضرورة أن توقف وزارة المالية كل الاعفاءات الضريبية والجمركية التي اعطاءها النظام السابق إلى المنظمات والشركات ، وأن لايبقي إلا ماهو معفي من الجمارك من قانون الانتاج والمدخلات الزراعية والصناعية لجهة إنها تساعد في تخفيض اعباء المعيشة على المواطن .
عقبات في الطريق
أستاذ الاقتصاد بجامعة السودان د.عبدالمنعم المهل يذهب في حديثه لـ(الجريدة) إلى أن السيطرة على المال العام تواجها عقبات كثيرة أبرزها عقبة المكون العسكري الذي يسيطر على شركات كثيرة وفي ذات الوقت يشكل لب الحكومة ، لذلك بحسب المهل فإن مواجهته تحتاج إلى نصح من مجوعات أشخاص وليس وزير المالية وحده ، مطالبا بضرورة وضع منهجبة ودراسة للشركات التي تجنب ، كذلك بحسب -الخبير الاقتصادي- فإن الشركات والمنظمات المختلفة والتي لها اهداف نبيلة وسامية تمثل عقبة على وزارة المالية لجهة إنها تعفى من الضرائب والجمارك في وقت تحوم حولها شبهات فساد وهو الامر الذي يجعل المال العام بعيدا عن وزارة المالية ، داعيا إلى ضرورة معرفة اين يذهب التجنيب ، ولماذا التجنيب ، مؤكدا أن وزارة المالية تحتاج إلى عملية ضبط لوقف التجنيب وذلك عبر حوسبة كاملة للنظم المختلفة ، وطالب المهل بضرورة عودة المؤسسات الحكومية التي تم تجيرها بطرق ملتوية في العهد البائد لوزارة المالية ، وقال المهل ، إن جبريل سيواجه عقبات كثيرة ، مشددا على ضرورة أن يتحالف مع بعض الوزراء وذلك لكي يدعموا موقفه في مجلس الوزراء والمجلس السيادي عند طرحه المطالبة بالمال العام ، داعيا إلى طرحه بطريقة تدريجية حتى يقنع العسكر ، وأن لايواجهم بحدة حتى ينجح في السيطرة على المال العام .
خطوة صحيحة
بالنسبة للمحلل الاقتصادي د. ياسر العبيد ، فإن خطوة وزير المالية د.جبريل تصب في الإتجاه الصحيح لولاية وزارة المالية على المال العام ، والتي بحسب العبيد غابت لفترة طويلة الامر الذي قاد إلى امراض جانبية مثل التجنيب واضعف مؤسسة القطاع المالي الرسمي ، مشددا في حديثه لـ(الجريدة) على ضرورة إدارة الامر بصورة منهجية وذلك لتسهل عملية التقييم والقياس ومراجعة الاداء المالي السابق ، ويكون توطئة لعملية الاستقرار المالي العام ولاصلاح الاقتصادي وازالة كافة التشوهات في هيكل الاقتصاد الكلي والحد من تدهور المؤشرات الكلية للاقتصاد عن طريق خفض التضخم ووقف انهيار وضعف الجنيه السوداني بحيث يكون عبر خطة محكمة من خلال برنامج مالي راشد والحرص على رفع قيمة الناتج المحلي بموارد حقيقية مع التركيز على القطاع الحقيقي في الاقتصاد ، وتابع ، كذلك لابد أن يعمل وزير المالية على تهيئة البيئة الداخلية المالية والاقتصادية واثبات حسن النوايا مع المؤسسات المالية الدولية والاقليمية نحو نمو مستدام والبعد عن الاداء الضعيف الذي لايحقق اهداف التنمية والاستقرار ، وشدد العبيد على ضرورة التحكم في الموارد وضبط الإيرادات والضرائب وغيرها وذلك لخلق التوازن الموجب في ميزان المدفوعات بكل مكوناته وفق رؤية واضحة تحقيقا لعلميات التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
التعليقات