المتابع للاداء السياسي لقحت والاداء التنفيذي لحكومة الفترة الانتقالية يلاحظ فشل الحكومة والضعف المتزايد في اداء الحاضنة السياسية قحت وفقدانها لدورها المركزي كقائد للفترة الانتقالية وكضامن وحيد لتنفيذ كل اجندة الثورة الواردة بالوثيقة الدستورية، مما ادي الي فشل الحكومة في القيام بواجباتها وغيب هيبة الثورة وقاد لارتفاع السخط عليها وعلي حكومتها وادي الي التدهور الاقتصادي والي الفشل في تلبية حاجات الجماهير الملحة.
جاءت دعوة حزب الأمة القومي للقوي الوطنية التي شاركت في الثورة من اجل إصلاح قحت. وهي بذلك تعتبر موقف وطني موفق ومسئول، وقد اتي في وقته برغم تأخره الذي كان بسبب التلكؤ واستغلال بعض القوي الصغيرة في قحت لارادة الثورة وتوجيهها للتشويش علي المشهد الوطني وذر الرماد في العيون حتي تمكن لنفسها بالوظائف بالدولة وتمرر اجندتها السياسية وتقصي القوي السياسية ذات الثقل الجماهيري وصاحبة الخبرة في العمل السياسي وفي الحكم، في سلوك انتهازي يخلو من المسئولية ويجعلها المجرم والمسئول الاول عن غياب هيبة الحاضنة ثم انهيارها الوشيك مما ادي لفشل الحكومات المتعاقبة التي شكلتها هذه المجموعة الانتهازية في قحت.
جاءت دعوة حزب الامة القومي لاصلاح الحاضنة السياسية بعد إنتظار طويل وفشل متزايد ومتراكم في القيادة والسيطرة كان يرجي ان يكون كفيلا بعودة عقل المختطفين لقحت من هذه القوي الانتهازية والمتسلقة، فتدرك مدي عجزها وما ادي اليه من تشظي المنظومة الثورية وفقدانها لدورها المركزي في الثورة والدولة.
وجاءت الدعوة بعد هدر وقت غالي كان كفيلا باحداث نجاحات نوعية في اطار الدولة والحكم والثورة، وجاء بعد إستنفاذ كل المحاولات مع هذه القوي المتكلسة التي تهيمن بلا جدوي علي قرار قحت، والتي ظلت تصر في شذوذ وانانية واضحة علي الهيمنة والتنمر بوجه كل من يدع للاصلاح، برغم مظاهر الضعف المبذولة وبرغم هوان قحت الواضح وغياب دورها الذي لازمها منذ البداية وظل في تزايد مستمر. مما ادي الي مقاطعة عدد كبير من القوي الاساسية المكونة لقحت وقوي اخري جمدت نشاطها بالمجلس المركزي عندما لم يستمع لها احد مثل حزب الامة القومي، وثالثة اعلنت الخروج الكامل من قحت وكفرانها ومعاداتها لكل المشهد مثل الشيوعي، بالاضافة لمكونات ثورية اخري انقسمت علي نفسها في مواجهة هذا التيبس في المواقف وعدم التجاوب مع كل مساعي ونداءات الاصلاح كتجمع المهنيين.
اما قوي الكفاح المسلح التي كانت جزء اصيل من الحاضنة الثورية وشاركت في احداث الثورة عند انطلاقها الاول الي ان نجحت، فقد طلقت قحت في وقت مبكر عندما اكتشفت ألا خير في قحت وان القرار والمال بيد عسكر الإنتقالية في ظل هوان قحت، فخرجت منها بلا استئذان وتجاوزتها بلا احترام، وذهبت وتحاورت مع العسكر في جوبا وعادت باتفاقات فوق رأس قحت وفوق ارادة الجميع، ولم تقف عند ذلك الحد بل واصلت في ازدراء قحت بفرضها مكون جديد هو مجلس شركاء الانتقالية الذي تجاوزت به الجميع بما فيهم قحت ولم تجد قحت بد في ظل ضعفها وهوانها المسبب إلا القبول بعطية مزين فيه، لتكون مجرد مكون واحد في اطار حاضنة جديدة بديلة لها، بعد ان فقدت دورها بسبب هذه المجموعة الشاذة، وقد كانت من قبل الكل في الكل، وكان يمكن ان تظل هي الكل في الكل اذا تواضعت تلك القوي الفاجرة وإستمعت لنداءات الامام الصادق المهدي عليه رحمة الله وقبلت بمشروع الاصلاح الذي اطلقه حزب الامة القومي ونداءات قوي اخري كثيرة منذ اكثر من عام ونصف ظلت مساعيها تصطدم بجدار فولاذي صنعته هذه القوي الفاجرة.
إن ما اصاب قحت من هوان وغياب لدورها القيادي بالدولة، وما ادي لتفرق مكوناتها حتي اصبح وزن المكون الذي بقي فيها اقل من عشر وزنها عند التكوين ان لم يكن اقل من ذلك، وتسأل عن ذلك قوي سياسية محددة ومعروفة هي حزب المؤتمر السوداني وفصيل التجمع الاتحادي والبعث، وتسأل عنه قيادات أخري محددة في أحزاب صغيرة اخري يمكن تسميتها، من بينها علي السنهوري ومحمد ضياء الدين واخرين مزورين لارادة القوي الاصيلة.
تنادت كل القوي الوطنية وهبت مسرعة ملبية نداء الاصلاح الذي اطلقه حزب الامة في مواجهة الذين زوروا ارادة هذه الاحزاب والقوي المختلفة وتواطئوا مع الذين اختطفوا ارادة الثورة ووظفوها لشراء الذمم، حتي أن الثورة التي تمخضت لم تلد الا فاراً تمثل في ولاة ووزراء ليس لهم ادني كفائة ولا ارادة ثورية مما قاد للفشل المبذول في كل اوجه الاداء العام.
القوي الثورية والسياسية والمدنية التي اجتمعت في دار الامة مؤخراً والتي مازالت تجتمع، قد اعادت الهيبة للحاضنة السياسية واكدت مصداقية الدعوة وشجاعة المدعوين وتنوعهم وكثرتهم وأهليتهم للقيام بالدور المطلوب. مطلوب من هذه القوي ان تواصل العمل ليل نهار دون التفات لاي اصوات شاذة، وعليها ان تفرض مشروع الاصلاح وتخرج للشارع وتخاطبه بالحقيقة، وعليها اجبار تلك القوي الفاجرة علي الالتئام معها في انجاز الاصلاح، او عزلها ومحاسبتها لخيانتها العهد الثوري وروح الثورة ولانانيتها وحرصها علي استمرار مصالحها الخاصة علي حساب الثورة والنظام الديمقراطي وعلي حساب كل الوطن ومستقبله ومطلوب منها ان ترسل نداء للحزب الشيوعي للالتحام في مشروع الاصلاح المعلن.
وخيراً فعل حزب الأمة القومي ومعه كل القوي المشاركة التي لبت الدعوة، عندما توافقوا علي انشاء لجنة فنية للقوى السياسية المكونة للحرية والتغيير من كل الحضور علي كثرتهم. وخيرا فعلوا عندما تركوا الباب مواربا لدخول اي مكون ثوري واي مكون حرم في السابق من المشاركة في الحاضنة حتي من بين الذين لم يشاركوا في الانقاذ، وخاصة الذين عزلتهم قوي الشر والانانية في قحت القديمة مثل لجان المقاومة.
وخيرا فعل حزب الامة القومي عندما اطلق صافرة البداية للجهود الجادة والصادة للاصلاح ثم سلم الدور لأهل الحق ليختاروا هم الشكل المناسب للاصلاح ويكتبوا جميهم علي قدم المساواة مشروع الاصلاح الشامل ويفصلوا اليات تنفيذه، فأكد أنه صادق وجاد في توجهه نحو الاصلاح الشامل لقحت كواحد من كل قوي الثورة بلا ادني تمييز عنهم، وهذا هو فعل الكبار الذي ظل يطلع به حزب الامة القومي عبر التاريخ.
المقالات
التعليقات