لا اعرف الأستاذة أمل هباني إلا من خلال كتاباتها، وهي كتابات في معظمها شجاعة ومتقدمة، كما أعلم عنها مناهضتها القوية للإنقاذ التي عانت بسببها السجن والتعذيب والاضطهاد.
مؤخرا كتبت الأستاذة أمل هباني بوستاً ضد تعددية الزوجات ، واوصت فيه النساء اللاتي مورس ضدهم التعدد ولا يقدرن على تحمل تبعات الطلاق بالاستعانة بصديق عند ذهاب الزوج للزوجة الجديدة. قامت الدنيا ولم تقعد على الاستاذة، ومورس عليها الشتم والاقذاع ممن يعرفونها ولا يعرفونها ، و تعرضت هي وأسرتها لأبشع انواع التكالب والتنمر، وكل ذلك باسم الفضيلة والدين والشرف والأخلاق السودانية.
الواضح إن الأستاذة أمل هباني ترى في التعدد خيانة زوجية، وتراه شكلا من أشكال الدعارة المقنعة، وبوستها ينطلق من غضب شديد تجاه هذه الممارسة ومن استخدام أسلوب الصدمة في مواجهتها، إذا فسرناه بما فسره به الأغلبية ، ولكن هناك من رأي أنها تدعو في الاستعانة بصديق للمواساة وتطييب الخاطر .
الشاهد في كل هذا أن الأستاذة أمل لم تنطلق من منطلق شخصي كما يحاول البعض أن يفسر ، وانها عبرت عن رايها هي وليس رأي مؤسسة او جهة رسمية، وأنها كتبت ما كتبت في صفحتها الخاصة ، وأنها لم تشتم أحدا أو تعرض به، فكيف كان حال شاتميها من الداعين للدين والفضيلة والأخلاق بل وبعض مدعيي التحرر ؟!
شتم هؤلاء الأستاذة أمل شتماً مقذعاً جارحاً ، وفتحت عشرات بل مئات البوستات باسمها تمتليء بمقذع القول وساقطه ، ولم يسأل اي واحد من حماة الدين والفضيلة والأخلاق السودانية هؤلاء نفسه في توحشه ما علاقة الدين والفضيلة والأخلاق بهذا الشتم المجاني وهذا الإفحاش وهذا الفجور في مواجهة فرد لم يسيء إليهم ؟! وما علاقة ذلك بالمجادلة باللتي هي أحسن والاعراض عن فحش القول التي يدعو لها دينهم ؟!
أما بعض مدعي التحرر فيكفيهم خزياً أن لا موقف لهم واضح ومعلن من تعدد الزوجات كممارسة قميئة ومتخلفة ومتوحشة، ذات آثار اجتماعية ونفسية ممعنة في السوء، وأنهم يدعون النساء المتعدد عليهن للطلاق ومواجهة استيقما المجتمع دون أن يجراؤا على الدعوة لتجريم التعدد ومحاكمة مرتكبيه وتحميلهم مسؤولية جرائمهم وسفههم. بل يزيد الطين بلة ان بعضهم يصيغون قوانين أحوال شخصية (للمسلمين) اي على أساس الدين في بلد ترفض فيه وثيقتهم الدستورية اي تمييز بين المواطنين على أساس الدين أو النوع أو أي سبب اخر ، وان البعض الثالث يجاهر بكل مخالفاته للعرف والدين لدرجة التباهي، ثم يأتي ليشتم الاستاذة أمل هباني مع الدهماء، فتأمل.
في رأيي أن تعدد الزوجات جريمة وتخلف ووحشية، لا تقل عن استرقاق البشر أو تعذيبهم ، ولا تبرير له اطلاقا في عالم اليوم إلا أن يكون تعويضا للرجال المقهورين من الدولة والحكام عن قهرهم بقهر شريكات حياتهم وأمهات اولادهم ، أو لكي يحس الواحد منهم بفحولته البهيمية وتميزه الاناني وسلطته المزيفة وساديته المريضة ، ثم يتحجج بالدين . وأحمد للاستاذة امل وقوفها ضد هذا الجرم وهذا التهديم الحقيقي للاسرة، حتى أن خانها التعبير أو أرادت الصدمة. واقول انها تستحق الإشادة لفتحها باب النقاش ، ويجب محاورتها بالحسنى وبالمنطق وتفسير أقوالها بالنية الحسنة ، إذا كانت هناك فعلا اخلاق ونية حسنة .
أما شاتمي الأستاذة أمل والمتكالبين عليها فيكفيهم من الخزي غرق من يدعون الدين والفضيلة منهم في وحل سفههم واسفافهم واقذاعهم وشتمهم، في مخالفة واضحة لاي اخلاق وعرف ودين، أو انكسار من يدعون التحرر والتقدم منهم أمام سيطان التخلف وسيوف الرعاع، في شهادة صارخة على الجبن والكذب والنفاق .
المقالات
التعليقات