(1)
إلى الأستاذ والمبدع الطيب عبد الله أينما كان :-
لطالما فكرت في كتابة رسالة على صفحتى في الفيسبوك إلى الأستاذين الطيب عبد الله وعوض بابكر البصير، فعوض بابكر المتجذر في الذاكرة الثقافية والاجتماعية في ربوع السودان و( المنسى) من الدوائر الرسمية على الرغم أن قام به عوض بابكر البصير من نحت في عالم الثقافة والإبداع والحفاظ على الذاكرة الثقافية وإدخارها للمستقبل لم تقم به مؤسسات كاملة، كان من المأمول أن تنهض بشأن الثقافة والإبداع وصرف عليها الشعب ولم تنهض حتى بنفسها دعك عن الإبداع والثقافة، ونهض عوض بابكر البصير في رحلة ماراثونية ولم يمل أو يكل في التوثيق لمرحلة ثقافية واجتماعية مهمة ولرموزها وسوف اعود لعوض بابكر البصير فهو مبدع وصديق وإنسان جميل .
(2)
احتل الطيب عبد الله منزلة خاصة في الغناء السوداني، وهو صاحب حضور ومدرسة متفردة ومميزة وإنسان شفيف ومبدع ابتسم سلوكه بالرقة والأناقة، لم تبدر منه إساءة إلى أحد وأعطى ولم يأخذ إلا القليل من هذه البلد ويستحق التكريم، وهنا أود من صميم قلبى أن أشكره وأعبر عن تقديري وامتناني له بكلمات وسطور موجزة وان أعبر عن الأثر الطيب الذي خلفه في نفسي وعند جيلي وأصدقائي وأهلي والناس في بلادي من الذين أحبوه ولا يزالون .
إني أشكر له صنيعه وعفته ونزاهته وإبتعاده عن الأنظمة الشمولية التي سامت شعبنا وأوردته موارد العذاب والهلاك لا سيما أنه ولد بمدينة من المدن التي يشدني الحنين إلى رحابها ( شندي) .
(3)
إبداع الأستاذ الطيب عبدالله ممزوج بالحزن والغربة والحنين والحب والشجن وبكاء الحظ العاثر واللوعة والتصوف ولوم النفس والانكسار في عوالم الأحبة ولامس وجدان الناس وميل السودانيين للحزن والحنين وأصبح حالة ومشروعا عاما أكثر منه حالة خاصة .
بنى الأستاذ الطيب عبد الله مشروعه الإبداعي والثقافي بعيدا عن السلطة والسلطان وفي قرب واغتراب إيجابي منتج للإبداع ولامس أوتارا عميقة عند كثير من السودانيين والسودانيات وربما أن تحطم الطبقة الوسطى التي احتضنت إبداعه وترييف المدن وتصحر الريف وانضمام قطاعات عريضة من الطبقة الوسطى كالمهنيين إلى متاعب الحياة اليومية وأحزان الغلابة وانقطاع حبل مشاريع الاستنارة عن قلب المدن يضع مشروع الأستاذ الطيب عبد الله الإبداعي في حالة جديدة مختلفة عن حاضنتها التي احتوت ذلك الإبداع في الستينيات، السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي .
(4)
درجت لعدة سنوات من الغربة والمنافي أن اشارك أصدقائي بهذه الصفحة من الفيسبوك أغنيات الأستاذ الطيب عبد الله الشجية ( عود لينا يا ليل الفرح )، ( أرض الحبيب)، ( يا غالية يا نبع الحنان)، ( السنين) ( بمقدمة بنان العامرية لقيس بن الملوح) ( نمد الإيد ونتسالم) ( ويخلق من الشبه أربعين للراحل والمبدع عز الدين هلالي) ( ليالي الغربة لقامتنا الكبيرة هاشم صديق ) ( والله مسكينة المحبة تمشي لناس ما بتقدر ) ( أندب حظي أم آمالي ) وغيرها، وها أنذا أشاركم هذه الخاطرة حتى نحتفى مرة أخرى بالأستاذ المبدع الطيب عبدالله، عرف الطيب عبد الله باحترام الذات والأدب والأناقة في مظهره مثل أغانيه ولم يشاهد واقفا بباب السلاطين ولم يغن لهم وتناول خبزه وعيشه الكريم في أرض الله الواسعة حينما ضاقت أرض الوطن .
بث أحزانه وشوقه وحنينه إلى كل بيت وعشه من عشش الغلابة في كل حي وطريق في نهارات وأمسيات الناس يخفف عناء المواصلات ووعثاء السفر ورهق ووحشة الطريق وكم تمنيت أن اراه يشرب قهوة في شارع النيل ويلتقى الديسمبريين من شباب الثورة والنساء السودانيات في أرض الحبيب .
و الأستاذ الطيب عبد الله كان معنا داخل وخارج الوطن حضورا بهيجا والنوارس مهما تغيب تعود إلى الشواطئ ورمال وجروف النيل.
التعليقات