الخرطوم : أحمد جبارة
مرة أخرى يضع رئيس الوزراء د. عبدالله حمدوك نفسه في رهان مع الشعب السوداني ، إذ تعهد بعودة الاموال المنهوبة والمهربة خارجيا إلى البلاد ، مؤكدا بعد عودتها ستوجه لتنمية وإستقرار البلاد ، وقال حمدوك الذي تحدث في _ ورشة محاربة التدفقات المالية غير المشروعة – إن بلاده ملتزمة بمتابعة ومراجعة التدفقات المالية غير المشروعة ، كما قال ، إن الحكومة ملتزمة أيضا بإرجاع كل الأموال المنهوبة والمهربة خارجيا، بجانب توجيها لتنمية وإستقرار البلاد ، فيما يتمدد السؤال ، حول إمكانية عودة الاموال المنهوبة ، وماهي الكيفية التي تعود بها ؟ وهل الاموال المنوبهة خارجيا ستعود إلى خزينة الدولة ؟

بيع الوهم
و تقدر الاموال المنهوبة بالخارج بنسة “٦٤ ” مليار دولار ، وذلك بحسب – القيادي في قوى الحرية والتغيير محمد عصمت – والذي قال ، إن ذات المبلغ يمكنه أن يغطي مديونية السودان ويوفر ٩ مليارات دولار ، بجانب أنه يمثل احتياطياً نقدياً مثالياً للبنك المركزي، منوهاً إلى وجود اتجاه عالمي لمعاملة أموال الشعوب المنهوبة كمعاملة الأموال القذرة، على حد قوله.
لكن وزير المالية السابق إبراهيم البدوي قال ، إن هنالك جهات تبيع الوهم للشعب السوداني في ممارسة أشبه ما تكون بممارسات البشير ونظامه منها ما تكرر في الآونة الفائتة عن وجود ٦٤ مليار دولار في البنوك الماليزية في – إشاره منه لحديث عصمت – وزاد ، الرقم كبير للغاية وحالياً يقوم فريق مختص تم تشكيلة لاستعادة الأموال المنهوبة بالخارج بالتأكد من مصداقية هذا الرقم، وأضاف ، لكن إذا ثبت أن هذا الرقم محاولة لبيع الوهم للشعب السوداني فنقول لبائعي الوهم وفلول النظام البائد إن الشعب السوداني واعٍ وسيحرس ثورته ولن يسمح لكم بخداعه كما في عهد الإنقاذ البائد، مشيراً إلى تلقيهم وعوداً من الأمم المتحدة وجهات دولية أخرى للمساعدة واتخاذ الخطوات القانونية اللازمة لاسترداد الأموال المنهوبة.

تعهدات التغيير
القيادي بقوى الحرية والتغيير ساطع الحاج قال في وقت سابق ( للجريدة ) : إنهم سيعملون جاهدين لإستعادة جميع الأموال المنهوبة سواء التي كانت خاضعة ضمن الشركات الخاصة لجهاز الأمن، او التي كانت خاضعة للمؤتمر الوطني المحلول، والتي تم تهريبها لدول أوربية او دول آسيوية او خلافه، وهذا كله سيتم العمل على إعادته وإسترداده، ووفقاً لساطع ، فإنه ستتم محاسبة اي شخص ارتكب جريمة فساد مالي منذ العام 1989 وحتى اليوم، وهذا مايؤكد عليه النائب العام السابق والذي شكل العديد من اللجان لمحاسبة رموز الفساد وإستعادة الأموال المنهوبة، و يضيف ساطع ، بالرغم من تعيين النائب العام، والذي لم يكمل ثلاثة شهور إلا انه أنشأ العديد من اللجان، لكل رموز النظام السابق ولكل من اساء للسودان في استعمال السلطة .

وصفة للإسترداد
في السياق ذاته ، يقول الخبير الاقتصادي هيثم محمد فتحي ، إن استرجاع الأموال المنهوبة في الخارج يأخذ وقتاً طويلاً، على اعتبار أن العملية تمر عبر عدة مراحل وعدة جهات ، وهي الإجراءات القضائية والإجراءات الدبلوماسية ، ويضيف فتحي في حديث خص به ( الجريدة ) اذا كانت الاموال بالخارج تشمل المنظمات المالية المختصة في البحث عن مراكز الأموال فإن البدء في مرحلة إعادة الأموال قد يستغرق بين عامين إلى خمس سنوات وربما أكثر ، وراى فتحي أن التصالح هو الحل الأمثل لعودة تلك الأموال وأن السير في طريق استرجاع تلك الأموال عن طريق القضاء أمر شاق وغير مؤكد ، مشددا على ضرورة تكوين مفوضية الفساد واسترداد الأموال العامة لتقوم بالتنسيق مع الأجهزة العدلية والاستفادة من العلاقات الدبلوماسية للتعاون مع السودان لاسترداد هذه الأموال .

رسمالية طفيلية
الخبير القانوني صالح محمود أكد على أن القانون الدولي سيسمح بإسترداد هذه الاموال إلى دولها بعتبار أن هنالك تجارب عديدة حدثت مع بعض الدول التي كانت تحكم من دكتاتوريات وانظمة شمولية نهبت اموال شعوبها ، حيث عادة هذه الاموال -بحسب محمود -‘إلى شعبها بعد مساعدة من القانون والمواثيق الدولية ، وقال محمود في حديثه مع ( الجريدة ) إنه في الحقيقية هنالك اموال ضخمة تم نهبها للخارج تخص رموز النظام السابق واسرهم والمغربين منهم ، واصفا هولاء الرموز بالرسمالين الطفيلين ، والذين دخلوا في السودان من دون ايدلوجية ، مؤكدا في الوقت ذاته إن هذه الاموال هي اموال ملك للشعب السوداني وأن الشعب السوداني يحتاجها ، داعيا الحكومة إلى ضرورة البدأ في حصر المتورطين في هذه الاموال المنهوبة ، بيد أنه استدرك قائلاً ” لكن بعض البنوك تحتفظ بسرية الاسماء “لافتا إلى أن هذه السرية الان انتفت في ظل القانون الدولي ويمكن أن تحدد هذه الاسماء ، مشيرا الى أن هذه البنوك تتخوف الان من أنها تتهم بإخفاء ثوارات الشعوب ، الامر الذي يساعد في إسترداد هذه الاموال لدولها بسهولة .

تعطيل متعمد
في ذات السياق ، قال القيادي بالحزب الشيوعي كمال كرار ، إن حديث حمدوك عن تعهده بإسترداد الاموال المنهوبة بالخارج ، سيكون حديث في الهواء فقط حال لم تصحبه أفعال ، داعيا إلى ضرورة أن يتم تكوين اليه لمتابة هذه الاموال ، بجانب أن تخاطب الامم المتحدة والانتربول ، وتسأل كرار ، لماذا تأخر الحديث عن إستراد الاموال المنهوبة ؟ قبل أن يجيب بالقول ، هنالك تعطيل متعمد من الذين يحكمون البلاد ، معتبرا إنهم الذين ينادون بالمصالحة الوطنية الان وذلك من أجل تأخر عودة هذه الاموال ، ولفت كرار في حديثه (للجريدة) إلى أن إسترداد الاموال من الخارج ليست بالعملية الصعبة لجهة أن هنالك وسائل وطرق يمكن إن تتبعها الحكومة والتي -بحسب كرار – هي التعاون مع المنظمات الدولية والدول التي توجد بها الاموال المنهوبة .

خطوة حميدة
ويرى أكثر من مراقب ، أن حديث حمدوك عن الاموال المنهوبة خطوة حميدة وإيجابية وطال انتظارها ، مستدركين ، لكن الحديث لوحده لا يكفي ، مطالبين بأن تكون هنالك إرادة سياسية فعلية لاسترداد أموال الخارج والداخل لجهة أن أموال الفساد لا تحول فقط إلى الخارج، فقسم منها موجود في الداخل وربما في الحسابات المصرفية الداخلية، متسائلين ، لماذا لا تلاحق ؟.
الجريدة

التعليقات