كان والدي رحمه الله ينشف ريقنا مع قدوم الخريف في كوستي، ويكلفنا بالصعود الى السقف لفرش الرقيطا في جزء من البيت عرشه بعيدان القنا والحصير، وتفقد الأوبرايت في الجزء المسقوف بالزنك، ثم نبدأ مرحلة عجن الاسمنت والرمل واستخدام المسطرين لسد شقوق الحيط، بعد غرز مسامير وصنع شبكة أسلاك كي يثبت الاسمنت على الحائط، وفي جميع بيوت السودان في المنطقة المدارية هناك طقوس شفهية وحركية قبل وعند حلول الخريف، وكما لاحظ بعض ظرفاء واتساب فإن المشهد قبل هطل المطر: الواطة كاتمة…داك برق قبلي… ألحق بدت تنقط…
أمك صبت…
ثم يبدأ العويل: لموا المرتاب .. جيبوا الحلة.. ختوا الجردل…جيبوا الهدوم من الحبل .. الكهربا قطعت…الحيطة وقعت… الدبليو سي اتهدرم.. يا بت ما تكوركي….بكرة مافي مدرسة .. وبعد وخلال نزول المطر: افتحوا المجرى….
جيبوا الكوريك….فتشوا الطورية… يا ولد ما تفجخ…يا بت بتنزلقي…ألحق دقت الدلجة…
ومن ظريف ما هو متداول عبر واتساب ان المتزوجين في الدول الشبعانة يتمنون لبعضهم البعض “أحلام سعيدة”، بينما عندنا يكون الاستعداد للنوم: هوى يا بخيت قفلت باب الحوش ودخلت السراير و الطربيزة وقفلت الباب بالترباس ومليت الصهريج؟ ما تكون خليت الهدوم مشرورة تقوم تجي كتاحة ولا ود حرام يخمخمن… انبوبة الغاز اتاكدت انها مربوطة تمام
ما تعرف نفسك مواطن عادي ولا بوليس ولا غفير ولا وزير ري..
وفي جميع دول العالم وعند نزول المطر ترتفع المظلات/ الشمسيات فوق الرؤوس، أما عندنا فالناس تسير و”الجزمة” في اليد بل القدم، والبنطلون والسروال مرفوع لفوق، وتكاد تصيح فيهم: يا جماعة المطر بينزل من فوق ما من تحت!!
هاتوا طقوسكم للخريف واستعدادات ما قبل النوم
المقالات
التعليقات