لقد تعرضت الوثيقة الدستورية للكثير من الخروقات والتجاوزات والتعديلات وعدم التنفيذ لأهم بنودها نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : عدم الإلتزام بإكمال هياكل السلطة الإنتقالية المهمة : كا المجلس التشريعي ، والذي من مهامه سن القوانيين والتشريعات ومراقبة أداء مجلس الوزراء ومساءلته وسحب الثقة منه في حالة التقصير في أداء واجبه ، وهذا المجلس كان ينبغي أن يكون بعد ثلاثة أشهر من التوقيع على الوثيقة الدستورية ، والتي مضى عليها عامان كاملان ، ولم يتم تكوين المجلس التشريعي

وكذلك نصت الوثيقة الدستورية على تكوين 12 مفوضية قومية مهمة لم تكون إلى الأن ، نذكر منها : مفوضية الإنتخابات والتي من مهامها : التحضير للإنتخابات من جميع مراحلها ، كا التعداد السكاني ، والسجل الإنتخابي ، وقانون الإنتخابات ، ومراقبة وإدارة العملية الإنتخابية ، وأيضا لم يتم تكوين مفوضية مكافحة الفساد ، وإن تم الإستعاضة عنها بلجنة إزالة التمكين ، والتي لم تستطيع القيام بالمهمة ، ووجدت الرفض من كافة مكونات الحرية والتغيير وخاصة حزب الأمة القومي ووزير المالية وعدد من خبراء القانون التابعين للحرية والتغيير ، وأيضا خرقت الوثيقة الدستورية فيما يتعلق بالإصلاح القانوني ، والذي تم النص في الوثيقة على تكوين عدد من المؤسسات القضائية ك : المجلس الأعلى للقضاء والذي يختار : رئيس القضاء والمحكمة الدستورية والمحكمة العليا ، وكذلك المجلس الأعلى للنيابة العامة والذي يختار : النائب العام ، ونجد أن هذه المؤسسات القضائية لم تكون إلى الأن ولا يوجد إي مبرر لعدم تكوينها

وكذلك تم الإخلال بشروط ومعايير إختيار الوزراء ، إذ نصت الوثيقة الدستورية على معايير ( الكفاءة والتأهيل والخبرة العملية والمقدرات الإدارية والنزاهة ) ولكن نجد أن الإختيار تم بصورة فيها تجاوز لهذه المعايير مما كان له الأثر البالغ في الفشل الذريع الذي لازم حكومة الفترة الإنتقالية منذ تكوينها وإلى يومنا هذا

ومن الخروقات أيضا التأخير في تشكيل حكومات الولايات وتعيين ولاة ولايات مؤقتين ، وعدم إنعقاد مؤتمر الحكم المحلي الذي يحدد شكل الحكم في الولايات ومستوياته سوي كان ولائي أو إقليمي بجانب إصدار قانون لحكم الولايات يحدد سلطات وصلاحيات الوالي وينظم العلاقة بين الولايات والمركز

كذلك نصت الوثيقة الدستورية على عقد العديد من المؤتمرات المهمة ولم يعقد منها سوي المؤتمر الإقتصادي والذي تأخر كثيرا ولم تنفذ معظم توصياته ، وأيضا لم يعقد المؤتمر القومي الدستوري الجامع ، ومؤتمر السلام ، وإصلاح الخدمة المدنية ، والعلاقات الخارجية وغيرها من مؤتمرات مهمة ، وكذلك كان ينبغي أن تقام مؤتمرات عقب تكوين المفوضيات ال 12 ولكن المفوضيات لم تكون بعد وبالتالي المؤتمرات لم تعقد

وأيضا من الخروقات التي تمت علي الوثيقة الدستورية أنها نصت على ( إنشاء وتكوين آليات للإعداد لوضع دستور جمهورية السودان ) ولكن هذه الآليات لم تكون بعد ، وكل المواقيت المحددة لتنفيذ الكثير من بنود الوثيقة الدستورية لم يتم الوفاء بها ، وإذا أخذنا مثالا في ملف السلام والذي نصت الوثيقة الدستورية على إكمال ملف السلام في فترة لا تتجاوز الستة أشهر الأولي من عمر الحكومة الإنتقالية والأن تدخل الحكومة في عامها الثاني وملف السلام لم يكتمل ، بل تم توقيع سلام جزئي لم توقع عليها عدد من حركات الكفاح المسلح ، وكذلك بعض الأقاليم لديها تحفظات كا الإقليم الشرقي والشمالي والوسط

لقد أدخلت إتفاقية سلام جوبا العديد من التعديلات علي الوثيقة الدستورية نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر : تمديد أجل الفترة الإنتقالية من ثلاثة سنوات إلى أربعة سنوات وأن هذه التمديد جعل بعض حركات الكفاح المسلح التي لم توقع على سلام جوبا تطالب بالتمديد لعام أخر وبالتالي يصبح عمر الحكومة الإنتقالية خمسة سنوات قابلة للتمديد وتعطيل الإنتخابات ورشحت أخبار عن أن الحرية والتغيير تطالب بتمديد الفترة الإنتقالية لعشرة سنوات ، ونصت الوثيقة الدستورية على أنه ( لا يحق لرئيس وأعضاء مجلس السيادة والوزراء وولاة الولايات وحكام الأقاليم الترشح في الإنتخابات العامة في الفترة التي تلي الحكومة الإنتقالية) ولكن تم التعديل في هذا البند و إستثناء قادة حركات الكفاح المسلح الذين يشغلون مناصب في الحكومة الإنتقالية من الترشح في الإنتخابات القادمة وهذا الحق حرم منه الأخرون ، وأيضا نصت إتفاقية سلام جوبا على قيام وتكوين مجلس شركاء الحكومة الإنتقالية والذي أصبح الأن عبارة عن حاضنة جديدة للحكومة بديلا لتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير ويعتبر هذا المجلس عبارة عن مجلس تشريعي مؤقت يقوم بهمام المجلس التشريعي القومي المزمع قيامه في المرحلة القادمة من عمر الحكومة الإنتقالية

التعليقات