إنعكاسات ذاتية من خلال زجاج عين النفس.. ترسم ألواناً من الإضطرابات، لتكون خطاها على خشب الروح..
في 71 صفحة استطاع إبراهيم حافظ أن يلفت الإنتباه ويصرخ بصوت عال لتسكن حروفه المدى كأغنية حُفرت في جدران الزمن، وكتب لها الخلود بين الألحان أن تكون فناً يصارع الأمكنة ليحجز مكانه في وثير من البراحات
ويجد له موطأ قدم في طريق يعج بالمبدعين الأفذاذ.
أثار قضية مجتمعية لها أبعادها النفسية وبهذه الدراسة يكون قد ولج من باب مختلف للأدب وسيكون في مضماره يعزف قيثارة السرد بلغة النثر الرفيعة..
قضية اللغة واللهجة التي تميز بعض الناس عن بعضهم البعض قد تجعل منهم موضع سخرية واستهجان.
فقد يجبرهم المجتمع على تغير اللكنة واللهجة ليس تصنعاً ولكن تفادياً لإثارة البُغض والكره للذين يعلقون دائما على الأحاديث دون معرفة ودون علم بهذا الكائن العائد من قديم الحضارات أن له إرث قد يسمو إختلافا، له أحاسيس تخصه بمكان من الروح وله وجدان تسكنه الهجرة والإغتراب.
“إلى كل عالق بين هويتين
ولمن اجتمعت فيهم سمة الوعاء
في إحتواء مزيج الثقافات”..
إذا اعتبرنا الإهداء مدخلاً بلون تلكم الهويات حتماً سيقودنا إلى لوحة فيها سمات مغايرة وأنفس متداخلة
ومشاكسات تعبر عن هويات محفورة في جدران القلب نقوشاً تجيب عنها إنعكاسات واختلاجات النفس لتعبر عن مدلولات واضحة وأخري خلف أسراب الهروب السحيقة التي ظلت تلاحق ظمأ الروح في فيافي الحضور بين ضفاف غياب قسري فرضه واقع معاش.
ثم يزيل الإهداء بإهداء خاص ينم عن محاصرة واقعية لشخصين ابدعا في تشكيل هوية هجينة تحمل صفات كل منهما بلون الوعي والإدراك الثقافي والإنتماء الوجداني،
وأن هناك ثمة معالجة جوهرية لقضية مجتمعية واقعية.
بحجارة المعرفة قام الكاتب بإثارة براكينها التي تكاد تكون راكدة ليطرق باباً لم يكن موصداً من قبل بل سبقه إليه الكثير من المهتمين في هذا الشأن لتسطير أدب يخص الواقعية بمكان الأحداث في أزمانها المعتبرة، لولاهم لكانت القضية في غياهب النسيان تغط في نومها الأبدي.
ذهب إلي نقاشات النفس وصراعاتها الوجودية كما ذهب قبله الأديب والفيلسوف الفرنسي الهوية واللبناني الهوي في كتابه الذي لخص مفهوم الهوية بصورة دقيقة وصراعاتها المشتعبة من النفسية واشكالاتها الشائكة.
الأديب أمين معلوف
في مقاربة نقدية إلى محاولة تطبيق استراتيجية النقد الثقافي لكتابين الأول الهويات القاتلة للأديب أمين معلوف والثاني كتاب متشكاسان
للكاتب إبراهيم حافظ متمنياً له التوفيق والنجاح ومزيداً من الإصدارات.
تعريفات النفس البشرية التي يخشى الإنسان فقدانها على الرغم من إنها جزئية مهمة من جزئيات الوعي واللاوعي، الغموض والوضوح والدقة والتبريح والوجد والشوق والإضطرابات والإنزلاقات ونزيف المحبة في بيات وقتها العصيب. لا يتناول الكتاب صراع الخير والشر في النفس في عالمنا بل يدارس قضية الصراع بين الشخصيات المكونة بداخل كل منا وأبعد من ذلك اضطراب الهوية وإنفصام الشخصية وشكل تشكاس كل من حمل في روحه ثقافة وجنسية بلدين.
سيظل يحمل هم كل من البلدين ويتصارع بداخله لإظهار حبه وبغضه للبلدين وإلى أي بلد يكون الإنتماء، بل سوف لا ينكر أنه هجين يحمل في طيات نفسه هموم وقضايا تعصف به ردحاً من الزمان.
لم يستقصى من صراعات الهويات المجتمعية القائم بين أفراد المجتمع الواحد وشكل النزاعات القبلية ومشكلات المعتقدات والتعقديات النفسية من وضع التوازن إلي وضع الصراع الدموي..
لكنه ناقش بصورة أدق واوضح، الصراعات النفسية والتعامد مع الذات وكيفية ادارة الحوار بين الأنا وصراعات قلبية، يحملها شخص واحد، وتجده يحمل أيضاً تناقضات وتضاد في شكل مباهج حوارية ونقاط محورية ترتكز عليها قضيته الخاصة..
صراع الخير والشر في النفس يجعل منها نفساً متشاكسة داخلياً، إلى أن ترسو على ضفة يمكن لها أن تلوح لأسراب الحرائق التي تقودها بمجداف النزاعات ، تلهث ملء جفونها وهي تراقب ملاحقة الإرهاصات خلفها.
بهذه العقلية المتفتحة ناقش الكتاب صراعاً يعيشه الشخص الذي يحمل مختلفاً من الجنسيات والثقافات في جوفه وعميق روحه المشتعلة،
ولا يمكن أن نقول صراع ديني أو طائفي أوعقدي كما ذهب إليه بعض المهتمون بقضية الهوية في أحيان كثيرة ومثيرة للإهتمام. إذ ناقش قضية الخليط (الذين ينحدرون من أم وأب) بصفات مختلفة وبيئات مختلفة أيضاً لكنهم يحملون ذات الصفات المتوارثة إليهم من قبل الوالدين، فتجدهم يحملون هم القضايا حتى على سبيل الأوطان يكنون حباً يجعل العين سابحة خلف بحارها الهتون.
وإذ أردنا أن نوصف حالة الهويات المتصارعة فى حالة التوازن فيمكن لنا أن نبدأ بالصراع الأساسى بين النزاعات النفسية أي التي تسكن النفس وتدير حواراتها وتجوب أزقتها الشائكة.
بهذا يمكن لنا توصيف امزجتها وخيالاتها الصامتة والثائرة في وعاء واحد يضج أشواقاً ومشاعراً دفينة.
هكذا ناقش الكتاب التشاكس القائم بين الشخوص الذين يسكنون النفس وكيف يتعاملون.
يجدر بهم التحليق والسباحة والتطواف في كل العوالم التي تشكل بيئاتهم.
كل التوفيق للكاتب الشاب
إبراهيم حافظ واتمني له مزيداً من الأبداع ومزيداً من الإصدارات.
حجازي سليمان
07/12/2021
التعليقات