• الطفل ماجد مبارك لـ(الجريدة) : اشتغلتا عُدة مرات مع سائق عربة (النفايات) نفسه عامل يومية بمبلغ (500) جُنيه!!
  • الطفل ماجد : شعرتُ بالنعاس ونمتا داخل العربة بسبب الإرهاق والتعب!!
  • مواطن بمنطقة (مايو) : وفاة طفلين احدهما من جنوب السودان دهسًا بعربة نفايات يعملان فيها باليومية!!
  • التقرير الجنائي للشرطة : هناك جرح قطعي في الفخذ الأيسر والساق واليد!!
  • هيئة نظافة مدينة بحري تكفلت بـ(2) مليار و(455) جُنيه قيمة العملية بمستشفى (البراحة)
  • مواطن بمنطقة (مايو) : سائق عربة النفايات يستقطب أطفال المنطقة للعمل معه بمبلغ (1000 إلى 500) جُنيه فقط في اليوم!!
  • المدير التنفيذي لمحلية بحري : تم إيقاف السائق وتشكيل لجنة للتحقيق حول ملابسات الحادثة!!
  • والي الخرطوم المكلف : مستعد أقدم استقالتي اليوم قبل الغد!!
    الجريدة : سلمى عبدالعزيز
    ليلة (الثُلاثاء) الـ15 من فبراير الجاري حبست العاصمة الخرطوم انفاسها لـ 8 ساعات مُتتالية قضاها الطفل ماجد مبارك إبراهيم البالغ من العمر (12) عامًا عالقًا داخل عربة (نفايات) تتبع للهيئة نظافة ولاية الخرطوم؛يعمل فيها عامل يومية بـ(500) جُنيه فقط لاغير.
    *غُرفة رقم 401
    في الغُرفة رقم (401) بمستشفى(البراحة) بمدينة بحري يَغُطُّ الطفل ماجد مبارك إبراهيم ـ 12 سنة ـ في نومًا عميق. والده الجالس على مقربة مِنه نهض مرحبًا بحفواة بينما تُصارع شقيقته النُعاس والرهق .
    يقول والد الطفل الناجي من موتًا محقق مبارك إبراهيم موسى،متحدثًا لـ(الجريدة) إن طفله خرج بمعية رفاقه في حي مربع (5) بمنطقة مايو جنوبي الخرطوم حيث يقطن مع والدته المنفصلة عنه واشقائه الثلاث لتجميع (قوارير المياه الفارغة، اسلاك الحديد، لساتك العربات المهترئة …) وبيعها بمبالغ زهيدة كما المعتاد.
    وفي تمام الساعة السابعة مساءً تلقت الأسرة مكالة من مجموعة اطفال بالحي كانوا برفقته أخبروهم بأنه عالق داخل عربة للنفايات في منطقة (المحطة الوسطى) بمدينة بحري.يقول والده : جاءت شقيقته مسرعة وهرعتُ على الفور إلى هُناك وتفاجأتُ بتجمهر العشرات من المواطنين اضافة لفرق الإنقاذ المختلفة،وشعرتُ بخوف شديد على سلامته خاصة بعد سماعه وهو يصرخ من الألم.
    *شاهد عيان
    يُعد سائق العربة (كريز) يعمل في نقل الركاب من المحطة الوسطى إلى السُوق المركزي أحد شُهود العيان الذين شاء القدر بتواجده في موقع الحادث يقول لـ(الجريدة) : أثناء جلوسي لشُرب القهوة سمعتُ صراخ لطفل بصوت مرتفع فهرعتُ ومجموعة من المتواجدين حيث تقف عربة (نفايات) على مقربة منا. اكتشف سائق عربة النفايات عند تشغيله لـمكنة التكسير بأن هُناك من بداخلها . ويتابع : استغرقت عملية اخراج الطفل 8 ساعات من الساعة الثامنة مساءً وحتى الساعة السابعة صباحًا،ولجأت فرق الانقاذ لقطع الحديد الداخلي للعربة وسحبه منها، ليتم بعدها اسعافه مباشرةً إلى (حوادث بحري) ومنها إلى مستشفى (البراحة).
    *تقرير الفحص الجنائي
    جاء في استمارة الفحص الجنائي التي تحصلت عليها (الجريدة) بتاريخ 15/2 تعرض الطفل ماجد مبارك لجرح قطعي من منتصف الفخذ الأيسر إلى منتصف الساق وتم عمل غسل للجرح وخياطة بـ(38) غرزة ، ويوجد جرح قطعي على اليد اليمنى بطول 2 سم. وتُظهِر صور الأشعة كسور في القدم واليد.
    *تكاليف باهظة
    بغلت تكلفة العملية التي تم اجراءها للطفل ماجد في مستشفى البراحة،واستغرقت قُرابة الـ 8 ساعات حيث تم ادخاله لغرفة العمليات الساعة السابعة صباحًا وأُخرج في الساعة الثالثة ظُهرٍا (2) مليار و455جُنيه تكفلت بها هيئة نظافة مدينة بحري وفقًا لحديث والده.ويعجز “ماجد” عن تحريك (3) اصابع في يده اليمنى ولكن الأطباء المتابعين لحالته أكدوا لوالده بأن وضعه الصحي مستقر.
    *(500) جُنيه
    ونحن نستمع لوالده ؛ ايقظ الألم “ماجد” سألته هل تستطيع التحدث فأجاب : (نعم) وأضاف : “هذه ليست المرة الأولى التي اعمل فيها جامعًا للقمامة مع سائق عربة (النفايات) ده، اشتغلتا معاه باليومية قبل كده وكان بيدفع ليّ 500 جنيه نهاية اليوم”.يقول ايضًا الطفل ماجد متحدثًا عن الواقعة لـ(الجريدة):”يوم الحادث اشتغلتا كتير وكُنتا تعبان شديد ونعسان ونمتا بدون ما أشعر،وأصحابي فاتوا خلوني، وتم رمي الأوساخ بفوق ليّ، وما صحيت إلاّ لما السواق قام شغّل “الكوريك ” ـ آلة تكسير النفايات ـ وضغط عليّ وجرحني في رجلي وصرختا من شدة الوجع”.
    *ليست المرة الأولى
    الطفل ماجد مبارك الذي انقذته العناية الإلهية رغم فداحة ماحدث له “محظوظ” هذا ماقاله المواطن بمنطقة (مايو) في حديثه لـ(الجريدة) وأضاف:خلال فترة وجيزة فقد (2) من اطفال المنطقة حياتهما دهسًا بعربة (نفايات) كانوا يعملون فيها.
    وزاد : قبل (6) أشهر دهست (عربة نفايات) طفل من دولة جنوب السودان يقطن في منطقة (مايو) ويعمل جامعًا للقمامة،الطفل كان يقف خلف العربة مباشرةً عندما رجع السائق إلى الخلف ودهسه ماتسبب في موته على الفور. أمّا الحادثة الثانية فتشبه ماحدث لـ(ماجد) حيث استلقى طفل من ابناء المنطقة ايضًا داخل (عربة النفايات) التي يعمل فيها وتحديدًا في منطقة (الكوريك) ومات متأثرًا بإصابته بجروح متفاوتة لافتًا إلى أن اسرته اعفت الجاني ولم يتم تدوين بلاغات في كِلا الحادثتين. وأشار إلى أنها حدثت قبل (25) يومًا فقط.لافتًا إلى أن سائق عربة (النفايات) الذي تسبب في مقتل الطفلين واصابة (ماجد) معلوم لدى سُكان المنطقة.
    وزاد : درج سائق (عربة النفايات) على استقطاب اطفال جنوب الحِزام للعمل معهم في جمع النفايات مقابل مبالغ زهيدة تتراوح بين الـ(1000 إلى 500) جُنيه فقط.وأشار إلى أنهم عندما منعوا الأطفال من الذهاب معهم يقومون بانتظارهم في شارع رئيسي خارج الحي وشحنهم في العربة للعمل.
    *لجنة تحقيق
    قال المدير التنفيذي لمحلية بحري عابدين سليمان مجذوب إن الهيئة قامت بتوقيف سائق عربة النفايات وفتحت تحقيق حول الحادثة وحضرت منذ الساعة العاشرة والنصف مساءً وحتى الساعة السابعة صباحً اليوم التالي لمتابعة عملية انقاذ الطفل. وأشار “مجذوب” خلال حديثه لبرنامج (كالآتي) بقناة النيل الأزرق إلى أن الهيئة سددت مبلغ 2 مليون و455 ألف جنيه قيمة تكاليف العملية التي أُجريت بمستشفى (البراحة)
    ووجه والي الخرطوم المكلف الطيب محمد خلال زيارته برفقة عضو مجلس السيادة عبدالباقي عبدالقادر بتشكيل لجنة تحقيق حول الحادثة.وقال إن اللجنة ستتقصى لمعرفة ما إذا كانت هيئة النظافة بالولاية هي من تقوم بتشغيل الاطفال لنقل النفايات وفي حال اثبتت اللجنة أن الهيئة وراء ذلك سنقوم بعدها باتخاذ الإجراءات اللازمة ضدها.وقال “عبدالباقي عبدالقادر ” إن الطفل لم يكن من العاملين في مرافق نظافة الولاية وهو أمر غير مقبول .ولوح والي ولاية الخرطوم المكلف بتقديم استقالته في تصريحات صحفية له وقال : مستعد أقدم استقالتي اليوم قبل غد،في وقت وصف فيه الحديث عن إقالته في الوقت الحالي بغير المهم،ورأى بأن المنصب تكليفاً وليس تشريفاً،مشيراً إلى إنهم تحملوا المسوؤلية في ظروف وصفها بالصعبة من أجل قضية الشعب السوداني.

التعليقات