كان الموكب في قلب الخرطوم مهيباً، وكانت المناسبة يوم (الرجال السودانيين) ومن قلبِ الموكب أطل علينا رجلا خطيباً كان صاحب سمرة رائقة ووجه مليح ولحية غير مفاضة، كان في أعينه بريق وعليه سماحة وجلال قال في صوت نديٍ اخترق كل الاذان فصمت الجميع
وبعد التحيات الزاكيات والصلاة على المصطفى حيا الموكب بلغة فصيحة زاهية وقال متسائلاً:

  • هل أتى أحدكم بعد أن حصد مزرعته؟ فلم يجبه أحد
  • هل أتى أحدكم من بستانه بعد أن جمع ثماره؟ صمت الجميع ولم يجبه أحد
  • هل أتى أحدكم من مرعاه بعد أن ملأ آنيته بالحليب؟ لم يجبه أحد
  • هل أتى أحدكم من منحله بعد أن ملأ القناني بالعسل؟ لم يجبه أحد
  • هل أتى أحدكم من مصنعه بعد أن ملأ مخازنه بالانتاج؟ لم يجيه أحد
  • هل أتى أحدكم من مركز أبحاثه بعد أن أعد بحثا ينفع الانسان؟ لم يجيه أحد
  • هل عاد أحدكم من منظمته التي ترعى المشردين والأرامل والأيتام؟ لم يجيه أحد
    وظل يسأل طويلاً عن مكارم الأفعال حتى تمنينا أن يصمت، فقال منهيا خطبته المتسائلة عودوا إلى ثكناتكم فأنتم محض موكبٌ من (الذكور)، وقد ظننت أنني أخطاب موكباً من الرجال.
    غاب الرجل الذي لم يعرفه منا أحد فجأة كأنما انشقت عنه الأرض، فصاح من وسط الموكب آخر قائلا: أعرفتم من هذا الخطيب؟ قلنا مهمهمين لا
    قال: هذا هو الشيخ الحكيم فرح ود تكتوك جاء يعلم السودانيين أمور دنياهم. وبعدها انفض الموكب في هدوء، فشمس ذلك اليوم قد آذنت بالرحيل.

التعليقات