تحتفل سلطنة عُمان يوم الجمعة الـ 18 من نوفمبر بالعيد الوطني الثاني والخمسين المجيد وبما تحقق من بذلٍ وعطاءٍ في نهضتها المتجدّدة وعهدها السعيد بقيادة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق الذي أكد على سعيه الدؤوب لتعزيز مكانة الدولة العصرية والحضارية والاقتصادية وأن يكون الإنسان العُماني شريكًا حقيقيًّا في التنمية الشاملة.
إن استشراف عاهل البلاد المفدّى لمستقبل هذه الأرض الطيبة انعكس إيجابا على تكامل وتناغم عمل المؤسسات والوحدات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني وهو ما ظهرت نتائجه جليًّا من منجزات ماثلة للعيان في مختلف المجالات اجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا.
واهتمّ جلالةُ السّلطانبدراسة آليات صنع القرار الحكومي بهدف تطويرها بما يخدم المصلحة الوطنية العليا، فجاء قرار إعادة هيكلة مجلس الوزراء في الـ16 من يونيو الماضي وهو الثاني منذ تولّي جلالته مقاليد الحكم ليؤكد حرصه السّامي على متابعة الجهود المبذولة في تجويد الأداء الحكومي لوحدات الجهاز الإداري للدولة تحقيقا لرؤية عُمان 2040 بالإضافة إلى إنشاء مجلس
أعلى للقضاء برئاسة جلالتِه تكريسًا لنظام قضائي ناجز وتحقيق أرفع المعايير في العدالة والنزاهة والشفافية وتماشيًا مع أهداف وركائز رؤية عُمان 2040 وتوحيد جهات التقاضي والادعاء العام في منظومة قضائية واحدة.
وشكّل المرسوم السُّلطاني السّامي بشأن تعزيز دور المحافظات أحد الأساليب المهمة في ترسيخ وتحقيق النهج الحديث للإدارة المحلية اللامركزية في عمل محافظات سلطنة عُمان البالغ عددها 11 محافظة من أجل تمكينها وتحديد أولوياتها تنمويًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا والاستفادة من الميزة النسبية بينها، وتبسيط الإجراءات الخدمية للمواطنين، فأكّد عاهلُ البلاد المفدّى خلال ترؤسه مجلس الوزراء في الـ 11 من أكتوبر
الماضي على ضرورة التنسيق وضمان التكامـل بـيـن وحـدات الجهاز الإداري للدولة والمحافظات والإسراع في التحول الإلكتروني والربط بين المحافظات
لتبسيط الإجراءات وتسهيل المعاملات وتطوير الخدمات الحكومية وتحسين مستوى جودتها ومعالجة التحديات القائمة.
ثم جاء قرار إضافة ولايتين جديدتين إلى التقسيم الإداري لسلطنة عُمان، وذلك برفع المستوى الإداري لكل من نيابتي الجبل الأخضر وسناو، لتكون بمستوى ولايتين، وليصبح عدد ولايات سلطنة عُمان (63) ولاية لجذب الاستثمارات إليها وتنمية مواردها والارتقاء بالخدمات والأنشطة فيها.
كما أن مواصلة حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق عقد لقاءات مباشرة مع شيوخ ورشداء وأعيان سلطنة عُمان تحمل دلالات عميقة أبرزها
حرصُه السَّامي على الاستماع المباشر لاحتياجات ولاياتهم ومحافظاتهم رغم وجود مؤسسات وأركان الدولة العصرية مثل مجلس عُمان الذي يضطلع بالجانبين التشريعي والرقابي والمجالس البلدية التي تقوم بأدوار تنموية وخدمية في كل محافظة.
وحملت هذه اللقاءات السَّامية التأكيد على أن تصبح اللامركزية هي التطبيق الإداري في المحافظات في المرحلة المقبلة، ومنح المحافظات الصلاحية
لإدارة شؤونها، والتخطيط والتنفيذ لاحتياجات مواطنيها الداخلية، ما يجعل كل الأمور في المستقبل مرتبطة بالمُحافظة والمُحافظ والمجالس البلدية.
وفي هذا الإطار تشهد سلطنة عُمان في 25 ديسمبر المقبل انتخابات أعضاء المجالس البلدية للفترة الثالثة 2022م وفي 17 ديسمبر للناخبين الموجودين
خارج البلاد ليتماشى عمل هذه المجالس مع الرؤية السامية حول الدور الذي تضطلع به، سيما وأن المرسوم السُّلطاني رقم (38/2022) بتعديل بعض أحكام
قانون المجالس البلدية يسهل تحقيق مهامها بفاعلية في مختلف المحافظات وهو ما أشار إليه جلالتُه /أيّده الله/ في لقاءاته عندما قال: «آن الأوان أن لا تكون هناك مركزية في اتخاذ القرارات المجتمعية، وقد أصبح دور
المحافظين وكذلك دور المجالس البلدية مهمًّا جدًّا وعلى الجميع التفاعل».
كما أن دعوة جلالتِهإلى أهمية هذا التفاعل بين المُحافظ والمجالس البلدية وجهاز الاستثمار العُماني وغرف التجارة والصناعة خاصة مع رفع مخصصات
برنامج تنمية المحافظات إلى 20 مليون ريال عُماني وتنفيذ مشروعات تنموية مضافة إلى المشروعات المعتمدة في الخطة الخمسية العاشرة (2021- 2025) بما يزيد على 650 مليون ريال عُماني ليتم تنفيذها خلال ما تبقى من سنوات الخطة الخمسية الحالية في مختلف القطاعات، ستعزز النمو الاقتصادي وستسهم
في استمرار توفير الخدمات، واستكمال البُنى الأساسية، ودعم أنشطة القطاع الخاص، وتوفير المزيد من فرص العمل للمواطنين.
وقامت سلطنة عُمان في يناير الماضي بتطبيق منظومة الأداء الفردي والإجادة المؤسسية «إجادة» في 57 مؤسّسة حكوميّة، وتشمل قرابة 175 ألف موظف حكومي بهدف إحداث نقلة نوعية في الأداء الحكومي من خلال تعزيز كفاءة رأس المال البشري، وتجويد مستوى تقديم الخدمات الحكومية.
ويعدّ برنامج التحوُّل الرقمي الحكومي أحد البرامج التنفيذية للاقتصاد الرقمي وأحد الممكنات الرئيسة الداعمة لتحقيق أولويات رؤية «عُمان 2040»
من خلال إسهاماتها في إيجاد جهاز حكومي مرن ومبتكر يقوم على مبادئ الحوكمة ويقدِّم أداءً وخدمات حكومية ذكية بجودة عالية.
وتشمل مؤشرات قياس أداء البرنامج رفع أتمتة الخدمات الحكومية من 34 بالمائة في 2020 إلى 80 بالمائة في 2050 حيث يبلغ حجم الاستثمار المتوقع
لتنفيذ البرنامج حوالي 170 مليون ريال عُماني لتحسين الإجراءات وإعادة هندسة الخدمات الحكومية وتحسين البنية الأساسية الرقمية وتمكين الكفاءات
الوطنية في مجال التحوُّل الرقمي.
كما أولت سلطنة عُمان اهتمامًا بالغًا بحماية البيئة والحفاظ على مواردها الطبيعية المختلفة، ويمثّل اعتمادُ حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم
بن طارق عام 2050م موعدًا لتحقيق الحياد الصفري الكربوني، وإعداد خطة
وطنية له، وإنشاء مركز عُمان للاستدامة بناء على مخرجات مختبر إدارة
الكربون، خطوة مهمّة في تقليل آثار التغير المناخي من خلال الإجراءات
المتبعة للحدّ منها وتحقيق التوازن بين التنمية المستدامة والحدّ من
تداعيات تغيّر المناخ، وبناء اقتصاد المعرفة، والاستفادة من التكنولوجيا
النظيفة لتحقيق التنمية المستدامة، وإيجاد مزيج متنوع من مصادر الطاقة.
وما توجيه جلالتِه بالإسراع في دعم وتطوير منظومة الإنذار المبكر وتبني
أفضل منهجيات التخطيط الحضري للحدّ من آثار الأنواء المناخية والكوارث
وانتشار الأوبئة وما يترتب عليها من مخاطر يدفع الإنسان ضريبتها في
المقام الأول إلا تأكيدٌ على الاهتمام السامي بالإنسان العُماني والمُقيم
على أرض عُمان المباركة.
ويأتي إصدار المرسوم السُّلطاني رقم (54/ 2022) بإنشاء محمية المتنزه
الوطني الطبيعي بمحافظة مسندم تحقيقًا للتنمية المستدامة في صون الموارد
الطبيعية من خلال المحافظة على التنوع الأحيائي وحماية الأحياء الفطرية
والثراء الجيولوجي وهي المحمية الأولى في محافظة مسندم والـ 22 في سلطنة
عُمان.
كما أن حضور ووجود المرأة العُمانية في كل الميادين والقطاعات والمجالات
وإسهاماتها الفاعلة في مسيرة التنمية الشاملة التي تعيشها سلطنة عُمان
يحمل دلالاتِ حصادِ وثمراتِ الاهتمام والرعاية اللذين حظيت بهما في سلطنة
عُمان وهو ما أكدت عليه السّيدةُ الجليلةُ حرمُ جلالةِ السُّلطانبمناسبة
يوم المرأة العُمانية الذي يوافق الـ 17 من أكتوبر سنويًّا من خلال
المستوى والإنجازات التي بلغتها وحققتها في القطاعات العلمية والعملية.
كما أكّد صاحبُ السُّمو السّيّد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة
والرياضة والشباب خلال تدشينه شعار وهوية نادي المرأة للرياضة والإبداع
الثقافي على أن المرأة العُمانية أثبتت وباقتدار على مرّ الزمان أنها
شريكة أساسية في مسيرة العطاء والازدهار، كما أراد حضرةُ صاحبِ الجلالةِ
السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظه الله ورعاه/.
وحرصًا من جلالتِه /أعزّه الله/ على قيام جمعيات المرأة العُمانية،
ومراكز التأهيل للأشخاص ذوي الإعاقة الحكومية منها والأهلية في جميع
محافظات سلطنة عُمان بأدوارها الفاعلة، فقد تفضّل جلالتُه /أيّده الله/
وأسدى توجيهاته السامية الكريمة بتقديم الدعم المالي المناسب لها،
والاهتمام بها، وتطويرها ليخرج مختبر تطوير جمعيات المرأة العمانية بـ 19
مبادرة تمكينية واستثمارية بهدف تحقيق نقلة نوعية في أدوار هذه الجمعيات
انطلاقا من ثلاثة مرتكزات وهي الحوكمة والقوانين والتشريعات، والبيئة
الداعمة، والتمويل والاستثمار.
وحرص جلالةُ السُّلطان على متابعته السّامية للجهود المبذولة من قبل
الحكومة للاهتمام بالشباب والتركيز على إبراز إسهاماتهم، كما أنّ صاحبَ
السُّمو السّيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب
أكد بمناسبة يوم الشباب العُماني على «أن الشباب من أهمِّ مرتكزات رؤية
عُمان 2040 التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة والرّخاء لجيل أبنائها اليوم
وأجيال الغد».
وجاءت دعوةُ عاهل البلاد المفدّى لأبناء وبنات الوطن العزيز للتمسك
بمبادئ المجتمع وقيمه والاعتزاز بالهوية العُمانية «جوهر شخصيتنا» إحدى
ركائز تاريخ هذه الأرض الطيبة في ظل آثار تطوّر التكنولوجيا وثورة
المعلومات على العالم من انتشار للأفكار السلبية والعادات الدخيلة،
مشدّدًا على أن الانفتاح على العالم لا بدّ أن يكون «في توازن ووضوح،
ونتفاعل معه بإيجابية، لا تُفقدنا أصالتنا ولا تُنسينا هويتنا».
ولفت إلى أن «تربية الأبناء لا تتمّ عبر شبكات التواصل الاجتماعي…
تربية الأبناء هي جزء من أصل المجتمع العُماني فعندما يتشرب أبناؤنا
بعاداتنا وتقاليدنا ويتمسكون بالأسرة والمجتمع سيكون ذلك سبيل نجاح
المجتمع»…مشيدًا جلالتُه بالدور الفعّال للإعلام العُماني في حفظ
وتوثيق مفردات الثقافة العُمانية.
وأكّد حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارقعلى الدور المحوري
لقطاعي التعليم والتدريب المهني في رفد سوق العمل بالكفاءات الوطنية
الماهرة، حيث وجّه إلى إعداد خطة تنفيذية متكاملة لتطوير هذا القطاع
بالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية، وباستكمال إعداد مسار التعليم التقني
ضمن مخرجات التعليم العام ومواءمة مخرجات التعليم العام (المسار التقني)
مع برامج التعليم والتدريب المهني.
كما تعمل منظومة الابتكار في سلطنة عُمان وبتكامل عددٍ من الجهات أبرزها
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار ووزارة التجارة والصناعة
وترويج الاستثمار ووزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات والبنك
المركزي على تحويل المعرفة المكتسبة إلى تطبيقات مبتكرة تستطيع أن تتحول
إلى مشروع تجاري وتُسجَّل ملكيّةً فكريّةً وتحصل على تمويل جزئي يمكّنها
من خوض مغامرة ريادة الأعمال.
فقد قامت سلطنة عُمان بجهود عديدة لتقليص فترة تسجيل الملكيات الفكرية
وتغيير آلية تسجيلها يتيح للمستفيدين تسجيل ملكيات فكرية عالمية من سلطنة
عُمان بالتزامن مع البرامج الوطنية التي أسهمت في تحويل مشروعات التخرج
إلى شركات ناشئة.
كما برزت جهود سلطنة عُمان في استحداث سبل تمويل للشركات الناشئة بمختلف
أحجامها واحتياجاتها من خلال برامج مختلفة منها التمويل المباشر، وبرامج
مسرعات الأعمال، وبرامج حاضنات الأعمال التي بدأت في تأسيس حاضنات أعمال
في مختلف المحافظات ودمج عدد من المؤسسات لتكوين أكاديمية الابتكار
الصناعي التي تحوّل المعرفة إلى مشروع مبتكر من خلال البرامج المقدمة في
الأكاديمية.
ونتيجة لتلك الجهود، فقد حازت سلطنة عُمان على المرتبة العاشرة عالميًّا
في ركيزة التعليم ضمن نتائج مؤشر الابتكار العالمي ???? متقدمة بـ ??
مرتبة عن العام السابق، وحصلت على المرتبة الـ ?? في مؤشر سياسات ممارسة
الأعمال.
وتتّبع سلطنة عُمان خطّة أرساها حضرةُ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن
طارق بكل عزم لتنفيذ تدابير وإجراءات نظرًا لما شهده العالم من آثار
اقتصادية جراء جائحة كورونا وعددٍ من الأزمات العالمية، وكان على رأس هذه
التدابير خطة التوازن المالي متوسطة المدى (2020-2024) التي أظهرت
نجاعتها من خلال ما حققته من نتائج تدعمها الخطة الخمسية العاشرة
(2021-2025) وفقًا لمرتكزات رؤية عُمان 2040. وقد عبّر جلالتُهعن ارتياحه
تجاه التغيير الإيجابي لمسار الأداء المالي للدولة وقدرة سلطنة عُمان على
الالتزام والوفاء بتعهداتها المالية.
وتمكّنت سلطنة عُمان خلال هذا العام وحتى نهاية أغسطس الماضي من تسديد
قروض واستبدال بعض السندات مرتفعة الكُلفة بأخرى منخفضة بقيمة تزيد على 4
مليارات ريال عُماني، ومن خفض حجم الدّيْن العام بنحو 2.4 مليار ريال
عُماني حتى نهاية أغسطس من العام الجاري ليبلغ 18.4 مليار ريال عُماني
نتيجة لعددٍ من الإجراءات الحكومية المتخذة لدعم التعافي الاقتصادي، إذ
انخفضت نسبة الدَّيْن العام إلى الناتج المحلي الإجمالي حتى 46.5 بالمائة
مما مكّن الحكومة من خفض مخاطر الدَّيْن العام وخفض كُلفة فوائد الدَّيْن
العام الواجب سدادها مستقبلًا بنحو 127 مليون ريال عُماني بجانب تحسين
التصنيف الائتماني وغيرها من المنافع لتعزيز النمو الاقتصادي.
ثمّ إن ارتفاع القيمة المُضافة في الأنشطة النفطية والأنشطة غير النفطية
بنهاية الربع الثاني من العام الجاري، أسهم في نموّ قيمة الناتج المحلي
الإجمالي بالأسعار الجارية بنحو 30.4 بالمائة لتبلغ 20.4 مليار ريال
عُماني، مقارنة بنحو 15.6 مليار ريال عُماني بنهاية الربع المماثل من عام
2021م.
ويأتي توجيه جلالتِه خلال ترؤسه مجلس الوزراء في مارس الماضي لمواكبة
التحولات العالمية في مجال الهيدروجين الأخضر وتخصيص المواقع المناسبة
لإنتاجه مما سيعزز فرص الاستثمار الأجنبي والعمل على توطين هذه التقنية
والاستفادة من استخداماته المتعددة لإنتاج الطاقة الكهربائية وتوفير
الطاقة الحرارية للصناعات المحلية.
ودعمًا لحلول الطاقة النظيفة منخفضة التكلفة اُفتتح مشروع عبري للطاقة
الشمسية في يناير الماضي أول محطة لتوليد الطاقة الشمسية تُربط بشبكة
الكهرباء الرئيسة بهدف تنويع مصادر الطاقة المتجددة وتعظيم إسهام مشروعات
الطاقة النظيفة ودعم الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمار.
وستسهم التوجيهات السامية بإضافة ما يزيد على ??? مليون ريال عُماني في
تنفيذ مشروعات تنموية مضافة إلى المشروعات المعتمدة في الخطة الخمسية
العاشرة ????م – ????م وزيادة السيولة المالية لمخصصات الموازنة
الإنمائية لهذا العام بمبلغ ??? مليون ريال عُماني، في تعزيز النمو
الاقتصادي واستكمال البُنى الأساسية ودعم أنشطة القطاع الخاص وتوفير
المزيد من فرص العمل للمواطنين.
ومما لا شك فيه أن رفع وكالة «فيتش» تصنيفها الائتماني لسلطنة عُمان
وتعديل وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية للسلطنة من
مستقرة إلى إيجابية مع تثبيت معدل التصنيف عند Ba3 يؤكد على التزام
الحكومة بتنفيذ الإجراءات في إطار الخطة المالية متوسطة المدى لضبط
الأوضاع المالية والاستفادة من زيادة ارتفاع أسعار النفط، وهذا يعزّز ثقة
المستثمرين في استقرار المناخ الاستثماري وقدرة سلطنة عُمان على الوفاء
بالتزاماتها ومتانة قطاعها المصرفي.
وفي سياستها الخارجية واصلت سلطنة عُمان تبنّيها أُسسَ حسن الجوار
واحترام سيادة الدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون الإيجابي
والمصالح المتبادلة وإرساء قيم العدل والحوار والإنسانية ودعم السِّلم
والأمن الدوليين مما أهّلها أن تكون شريكًا محليًّا ودوليًّا موثوقًا به.
وما وجود سلطنة عُمان في دوائر حلّ بعض الأزمات الإقليمية وحضورها في
مناسبات أممية عدة متصلة بهذا الشأن إلا ثمرة هذه الأُسس. وقد أكّدت أمام
الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة على أن نهجها السياسي الراسخ
يقوم على رؤية عميقة وثابتة وتجربة ثرية مستخلصة من الموروث الحضاري
والتاريخ الإنساني، وأن ثوابت سياستها الخارجية تتمثل في الوقوف مع الحق
والعدل وتعزيز التعاون الإيجابي وتوثيق روابط التعارف والصداقة والإسهام
في توطيد دعائم الأمن والسلم الدوليين.
كما أن سلطنة عُمان أيقنت من أن «إقامة السلام وصيانته في العالم أمر
ضروري لخير الشعوب، وأنه لا يُمكن الحفاظ عليه إلا إذا كان قائمًا على
قواعد راسخة من العدالة وأسسٍ ثابتة من التعاون والوفاق بين جميع الأمم»
وبهدف المُضي مع مختلف دول العالم برؤية إيجابية لمستقبل واعد للبشرية».
وتتميز نظرةُ عاهل البلاد المفدّى بعينٍ بصيرةٍ، إذ تقوم على استمرار حرص
سلطنة عُمان على التعاون الإيجابي مع الجميع وفي شتى المجالات النافعة
وبما ينمّي المصالح المتبادلة، وقد ظهرت نتائجها من خلال زيارة جلالتِه
عددًا من الدول مثل مملكة البحرين ودولة قطر والمملكة المتحدة وألمانيا
الاتحادية، وقيام عددٍ من قادة الدول بزياراتٍ إلى سلطنة عُمان مثل صاحبِ
السُّموّ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسِ دولة الإمارات العربية
المتحدة وصاحبِ السُّموّ الملكي الأميرِ محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل
سعود وليِّ العهد رئيسِ الوزراء بالمملكة العربية السعودية وجلالةِ
الملكِ عبد الله الثاني ابن الحسين ملكِ المملكة الأردنية الهاشمية
وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيسِ جمهورية مصر العربية وفخامة
الرئيس إبراهيم رئيسي رئيسِ الجمهورية الإسلامية الإيرانية وفخامة
الرئيسة سامية صولوحو حسن رئيسةِ جمهورية تنزانيا ودولة الدكتور حسين علي
مويني رئيسِ زنجبار، تُوّجت جميعُها بعقد شراكات وتوقيع مذكرات تفاهم
وبرامج تنفيذية في مجالات عدة أبرزها المجالات الاستثمارية والتجارية.
كما آثرت سلطنة عُمان في سياستها الخارجية مبدأ الإنسانية، فقامت بدور
فاعل في عدد من القضايا المعاصرة إقليميًّا ودوليًّا أبرزها الهُدنة في
اليمن وتمهيد العودة الآمنة لعدد من المحتجزين إلى بلدانهم، وقد دأبت
سلطنة عُمان على تجديد دعوة المجتمع الدولي إلى بذل المزيد من الجهد
والعمل على إعلاء سُبل الحوار الجاد والفعّال لوقف انتهاكات حقوق الإنسان
مهما كانت دوافعها ومسبباتها وعلى ضرورة تحقيق الاستقرار والرخاء لكلّ
الأمم والشعوب وفق مبدأ العدالة والمساواة.
وفي هذا الإطار ترى سلطنة عُمان أن إرساء سلامٍ عادلٍ وشاملٍ في منطقة
الشرق الأوسط بات يتطلب إقامة دولة فلسطينية على كل أراضيها المحتلة منذ
عام 1967م، مؤكدة على رفضها كل أشكال الانتهاكات الممنهجة والهيمنة
التوسعية والاعتقالات التعسفية للفلسطينيين كافة.
كلمة سعادة علي بن سليمان بن سعيد الدرمكي سفيرسلطنة عمان المعتمد لدى
جمهورية السودان بمناسبة العيد الوطني 52 المجيد لسلطنة عمان …
انه لمن دواعي الغبطة والسرور أن نجدد اللقاء بكم في هذا اليوم الطيب
المبارك ابتهاجا بذكرى مرور اثنان وخمسون عاما على نهضة سلطنة عمان
المباركة التي بدأت مسيرتها في العطاء والنماء عام 1970م، وما تزال
مستمرة بذات الثوابت الراسخة ولكن بعطاء وطموح لاحدود له.
لقد وعد صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم/حفظه الله ورعاه/ وهو
يمضي بعُمان الى نهضة متجدّدة وعهد يُبّشر بالمزيد من الإنجازات أن
سينتقل بعُمان في المرحلة القادمة إلى مستوى الطموح في شتى المجالات
بمشاركة المواطنين مؤكدًا يقينه التام وثقته المطلقة بقدرات أبناء عُمان
المخلصين في التعامل مع مقتضيات هذه المرحلة والمراحل التي تليها، ببصيرة
نافذةٍ وحكمةٍ بالغة وإصرار راسخ وتضحيات جليلة.
تولي جلالة السلطان هيثم بن طارق/ أعزه الله / مقاليد الحكم إثر رحيل
السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه، حيث سّطر العمانيون في الحادي عشر
من شهر يناير من عام 2020 ملحمة وطنية من الوفاء والاخلاص، إذ شهدت سلطنة
عمان خلاله انتقالاً سلساً للحكم، حينما قرر مجلس العائلة المالكة
عرفاناً وامتناناً وتقديراً للسلطان الراحل، وبقناعة راسخة، تثبيت من
أشار إليه لولاية الحكم، إيماناً منهم بحكمته المعهودة ونظرته الواسعة.
وتمكّن جلالة السلطان ، خلال الأشهر العشرة الأولى منذ توليه مقاليد
الحكم في البلاد، من تحقيق ما وعد به شعبه في اول خطاب له بعد توليه
الحكم، من خلال سلسلة من المراسيم المنظمة للعمل الوطني وبما ينسجم مع
الآمال والطموحات التي تتواكب مع «رؤية عُمان 2040»التي شارك في رسم
ملامحها جميع فئات المجتمع، حيث أسهم المشاركون في تحديد توجهاتها
وأهدافها المستقبلية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لمستقبل أكثر
ازدهاراً ونماءً.
ففي العام الأول من حكمه أصدر سلسلة مراسيم قضت بإعادة هيكلة مؤسسات
الدولة ضمن مسارات واضحة، بهدف تسريع وتيرة الأعمال وتحسين الأداء وزيادة
الإنتاج، وخفض الإنفاق، والقضاء على البيروقراطية، تضمنت إلغاء قوانين
وإعادة هيكلة بعض الوزارات واستحداث أخرى وتغيير مسميات بعضها.كما تضمنت
الهيكلة ضخ دماء جديدة في الجهاز الإداري للدولة وتمكين الشباب لتولي
المناصب القيادية والمشاركة في صنع القرار.
وشهد مستهل العام الثاني صدور مراسيم تتعلق بوضع آلية محددة ومستقرة
لانتقال ولاية الحكم في سلطنة عمان، واستحدث منصب ولي العهد لأول مرة في
تاريخ البلاد. إضافة إلى تغييرات أخرى شملت مختلف مناحي الحياة ومختلف
الأجهزة والسلطات وهي تدشن مرحلة جديدة يسطر فيها العمانيون مسيرة نهضتهم
المتجددة نحو مستقبل واعد.
ورغم التحديات التي فرضها انخفاض أسعار النفط العالمية والآثار المترتبة
جراء جائحة كورونا، فإن الإجراءات والخطوات الحكيمة التي أعلن عن تنفيذها
جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم حفظه الله ورعاه على مدار أول عامين
من حكمه، كانت كفيلة بتجاوز تلك الظروف ومواصلة مسيرة النهضة والإنجازات.
ويستقبل العمانيون في مستهل العام القادم عاما جديدا من حكم جلالة
السلطان هيثم بن طارق في وقت تمضي فيه بلادهم قدما لتنفيذ الرؤية
المستقبلية”عُمان 2040?، وسط تفاؤل بمستقبل زاهر، بعد تعديل جميع وكالات
التصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لسلطنة عمان إلى مستقرة
وإيجابية.وتوقع صندوق النقد الدولي في سبتمبر الماضي تعافيَ الأنشطة
الاقتصادية في سلطنة عُمان وتحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي
بنسبة 4.2 بالمائة في عام 2023.
ويحتفي العمانيون بهذه المناسبة وقلوبهم تفيض بمشاعر الحب والامتنان
والتقدير لسلطان البلاد، وهم يلامسون ويشهدون الإنجازات التنموية التي
تحققها بلادهم على مختلف الأصعدة.
السياسة الخارجية:
ترتكز السياسة الخارجية لسلطنة عمان في مفهومها ودلالاتها على مبادئ
وثوابت واضحة وهذه الثوابت مُسّخرة لخدمة قضايا السلام على كافة
المستويات الاقليمية والدولية ملتزمة الوضوح في المواقف والصراحة
والموضوعية والنهج العقلاني في تناول الأمور، وقد وثق النظام الاساسي
للدولة تلك الثوابت، وتنطلق منها سلطنة عمان في تأسيس علاقاتها مع دول
العالم المختلفة وتوكد على «توثيق التعاون وتأكيد أواصر الصداقة مع جميع
الدول والشعوب على أساس من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة وعدم
التدخل في الشؤون الداخلية ومراعاة المواثيق والمعاهدات الدولية
والاقليمية وقواعد القانون الدولي المعترف بها بصورة عامة وبما يؤدي الى
إشاعة السلام والأمن بين الدول والشعوب ، وقد أتت تلك السياسة ثمارها
فأضحت سلطنة عمان تحظى باحترام وتقدير المجتمع الدولي.
العلاقات العمانية السودانية
ان سلطنة عمان وجمهورية السودان ترتبطان بعلاقات ودية وأخوية مبنية على
الاحترام المتبادل منذ عقود، لقد أسهم الاشقاء السودانيون في تنمية عمان
ونهضتها من خلال العلماء والخبراء والمستشارين والأطباء والمهندسين
الذين لعبوا دورا مقدرا في تخطيط المدن وبناء المدارس والمساجد وتشييد
خطوط الكهرباء والهاتف وصولا الى العمل في مجالات الطب والهندسة والقانون
والقضاء والإدارة والمالية والتربية والتعليم، والتعليم العالي والتعليم
التقني وغيرها من المجالات، واستطاع السودانيون ان يجدوا البيئة المحفزة
لهم للإقامة في سلطنة عمان مع اسرهم وهم يحظون بالرعاية والاهتمام من قبل
اشقاءهم في سلطنة عمان.
وفي الوقت ذاته تلقى عددا كبيرا من العمانيين تعليمهم ودراساتهم العليا
في الجامعات والمعاهد السودانية والتحقوا بدورات تدريبية في مؤسساتها
العلمية والمهنية المختلفة على مدى العقود الماضية مما كان له الأثر
الايجابي في تأهيل وتخريج نخبة من الكوادر العمانية المحترفة يسهمون الآن
في نهضة عمان ونموها.
ونود ان نغتم هذه المناسبة لنعرب عن تقديرنا العميق للدور الكبير
والمُّقدّر الذي أسهم به الأشقاء السودانيون في سلطنة عمان في جميع
المجالات.
وفي الوقت ذاته لم تتردد سلطنة عمان في تأييد ومناصرة قضايا السودان
العادلة في المحافل الدولية فكانت على الدوام المنتصر والمؤيد لها.
ويرتبط البلدان بالعديد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم في مجالاتها
الاقتصادية والتجارية المختلفة فضلا عن اللجان المشتركة ذات الصلة
بالتشاور السياسي والتعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري ومن بينها
لجنة التشاور السياسي ومجلس رجال الاعمال السوداني العماني، واتفاقية
تشجيع وحماية الاستثمار، واتفاقية تجنب الازدواج الضريبي والضرائب على
الدخل، وخدمات النقل الجوي، ولتعاون في مجال الزراعة والثروة الحيوانية
وفي المجال الصحي وهذه الاتفاقات تهدف جميعها الى خلق أجواء مناسبة
لاستثمارات حقيقية وتبادل تجاري بين البلدين ينعكس إيجابا على العلاقات
الثنائية ويخلق فرصا ومنافع مشتركة، ونعول كثيرا على نتائج الملتقيات،
ومن بينها الملتقى الاستثماري العماني السوداني الذي عقد في مسقط، ثم
ملتقى المنتجين العمانيين والمستوردين السودانيين الذي عقد في الخرطوم
كترجمة مباشرة لتلك الاتفاقات وبما يعزز من حجم التبادل التجاري بين
البلدين. ونتطلع بثقة الى ان يُسهم رجال الاعمال في البلدين في تعزيز
التعاون الاقتصادي ورفع حجم التبادل التجاري بين البلدين بما ينسجم مع
العلاقات الثنائية التي تربطهما.
لقد أتيحت لي فرصا عديدة خلال الأشهر والأسابيع الماضية للقاء عدد من
أصحاب المعالي الوزراء والمسؤولين وأصحاب السعادة السفراء رؤساء الإدارات
في وزارة الخارجية وقد بحثت معهم ـ في اطار مهامي وواجباتيالدبلوماسية ـ
العديد من ملفات التعاون الثنائي،وتوصلنا الى فهم مشترك الى أهمية تنشيط
بنود الاتفاقات ومذكرات التفاهم الثنائية الموقعة بين البلدين او التي ما
تزال قيد الدراسة بهدف تعزيز التعاون المشترك بين البلدين وبما ينسجم مع
العلاقات الأخوية القائمة بين البلدين والشعبين الشقيقين وسنواصل معهم
هذه الجهود تحقيقا للأهداف والمقاصد المنشودة.
ويسرني بهذه المناسبة أن أتقدم بوافر الشكر وعظيم التقدير الى وزارة
الخارجية الموقرة وعلى رأسهم سعادة السيد الوزير المكلف وكافة منسوبيها
من رؤساء وموظفي الإدارات المختلفة ـ إدارة الشؤون العربية والإدارة
العامة للمراسم على وجه أخص ـ على حسن الرعاية وكريم الاهتمام التي تحظى
بها سفارة سلطنة عمان في الخرطوم من قبلهم في تسهيل عمل ومهام السفارة.
وفي الختام أدعو الله عز وجل أن يحفظ عمان وسلطانها وشعبها وان يديم
عليهم نعمه الظاهرة والباطنة وهم في خير وأمن وسلام وشموخ وسؤدد.
كل عام والجميع بخير.
التعليقات