الخرطوم : تارا نيوز
على الطريق إلى التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تشكيل حكومة مدنية في السودان، يقف الاتفاق الإطاري “عاجزًا” أمام حل قضايا عالقة أخرى.
على الطريق إلى التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن تشكيل حكومة مدنية في السودان، يقف “الاتفاق الإطاري” عاجزًا أمام حل قضايا عالقة أخرى.
تلك القضايا “الشائكة” لم تتطرق إليها بنود الاتفاق الإطاري مثل العدالة الانتقالية وإصلاح قطاع الأمن واتفاق سلام تم توقيعه في عام 2020 والتوتر في شرق السودان.
إلا أن تلك القضايا وغيرها كانت بمثابة “خنجر” في ظهر الاتفاق الإطاري، الذي بدأت هوة الاختلاف حوله تتسع شيئًا فشيئا، فيما انفضت قوى سياسية من حوله، معتبرة إياه لا يمثل الجميع.
ووقعت الأحزاب اتفاقا إطاريا مع الجيش الشهر الماضي لبدء مرحلة انتقال سياسي جديدة تنتهي بإجراء انتخابات، إلا أن الاتفاق ترك قضايا خلافية لمحادثات أخرى.
فأين يقف الاتفاق الإطاري الآن؟
بدأت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري مؤخرا، مؤتمرات لمناقشة القضايا الخلافية، والتي من بينها تفكيك نظام الثلاثين من يونيو، فيما من المرتقب أن تبدأ خلال أيام ورشة لمناقشة اتفاق سلام جوبا يعقبها نقاش حول قضية الشرق ثم تليها مؤتمرات لنقاش قضايا العدالة الانتقالية ومن ثم الإصلاح الأمني والعسكري.
إلا أن تلك الفعاليات المرتقبة خلال أيام، والتي من شأن الاتفاق عليها التمهيد لتوقيع اتفاق نهائي ينقل السلطة للمدنيين بشكل كامل، تواجهها الكثير من العقبات؛ أولها اعتذار فصائل مسلحة عن المشاركة فيها.
وقال نائب الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة محمد زكريا، إن الحركة اعتذرت عن الدعوة التي وجهها إليها رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس، لأسباب عدة؛ بينها أن الورشة تعقد بناء على مخرجات الاتفاق الإطاري الذي ترفضه الحركة.
وكانت حركتا العدل والمساواة وتحربر السودان قاطعتا الاتفاق الإطاري الذي وقعه قادة الجيش مع نحو 52 من القوى السياسية والواجهات المهنية في الخامس من ديسمبر/كانون الأول الماضي، فيما تطالبان بتوسيعه ليشمل قوى أخرى وهو ما يرفضه ائتلاف الحرية والتغيير، باعتبار أن تلك الخطوة تمثل “إغراقا للاتفاق بقوى لا تؤمن بالديمقراطية”.
الفصائل المسلحة
في السياق نفسه، قال نائب المُتحدث باسم حركة العدل والمساواة السودانية حسن إبراهيم فضل، إن الورش التي تعتزم القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري تنظيمها في الحادي والثلاثين من الشهر الجاري لا تعنيهم في شيء؛ لكونهم رفضوا الاتفاق الإطاري برمته، ما ينعكس على أية أنشطة أو مخرجات عنه.
ذلك الرفض وما أثير بشأن مقاطعة المكون العسكري للورش الخمس، اعتبره رئيس حزب الأمة السوداني مبارك الفاضل المهدي، بأنه مؤشر على “انهيار” الاتفاق الإطاري.
وأضاف المهدي في تغريدة عبر حسابه بـ”تويتر”، أن “إعلان البرهان رفضه خوض السياسيين في أوضاع الجيش يعني مقاطعة ورشة الإصلاح الأمني والعسكري”.
والإصلاح الأمني والعسكري أحد الملفات العالقة التي جرى تأخير الاتفاق عليها بين الجيش وقوى الحرية والتغيير وأجسام أخرى كانت وقعت على الاتفاق الإطاري.
وكان البرهان أكد في 15 يناير/كانون الثاني 2023، أهمية أن يكون الجيش قوة مهنيّة محترفة بعيدة عن السياسة وتنظيماتها ليس به عناصر تحمل ولاءات لتيارات يمينية ولا يسارية، مضيفًا: نقول للسياسيين الذين يتحدثون في شأن الجيش اذهبوا وتحدثوا في سياستكم، ودعونا فنحن قادرون على وضع الجيش في الطريق الصحيح حتى يصبح جيشاً مهنياً ديمقراطياً”.
موقف الجيش
ورغم تلك التصريحات، إلا أن متحدثا باسم قوى الحرية والتغيير أكد مشاركة العسكريين في مؤتمر الإصلاح الأمني والعسكري، وقال شهاب الطيب في تصريحات لـ”سودان تربيون”، إنه لا يوجد ما يمنع مشاركة العسكريين بالمؤتمر، كونهم الجهة المعنيّة بتلك القضية بالأساس.
السياسي السوداني أشار إلى أن العسكريين لم يظهروا حتى اللحظة أي نوع من التمنع حول هذه القضية، مؤكدًا أن الجميع يتفق على المضي قدمًا في تنفيذ الاتفاق الإطاري.
وقال القيادي في قوى الحرية والتغيير عروة الصادق، إن العسكريين لم يبدوا أي تحفظات أو اعتراضات على عقد مؤتمر الإصلاح الأمني والعسكري، مشيرًا إلى أن الشرط الوحيد الذي وضعه العسكر هو أن يكون مؤتمر الإصلاح الأمني والعسكري سودانياً خالصاً دون تدخلات خارجية، وأن يعقد داخل واحدة من المؤسسات الأمنية.
في السياق نفسه، أكد المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية السودانية وعضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر السوداني خالد عمر يوسف، أن الاتفاق الإطاري هو القاعدة التي يمكن البناء عليها والانطلاق منها من أجل الفترة الانتقالية، وما يليها من استقرار الأوضاع، مشيرًا إلى أنه يشكل أساسا لوضع إطار مناسب وملائم لحل الإشكاليات الرئيسية التي تواجهها السودان.
ماذا يقول المعارضون؟
من جهة أخرى، اعتبر رئيس حركة جيش تحرير السودان منى آركو مناوي، أن الاتفاق الإطاري ليس المحطة الأخيرة، مشيرًا إلى أن الاتفاق لم يشاور الآخرين.
وزعم السياسي السوداني، أن “الاتفاق الإطاري حاول تقزيم وتقسيم الآراء.. إنه عملية سياسية منقوصة.. نحن نطرق الأبواب من أجل الحوار ولكن هم من يرفضون”.
ودعا السياسي السوداني إلى مؤتمر دستوري تأسيسي يشارك به الشعب كله، يضع الأساس وإصلاح المؤسسات، ومن ثم يعطي جدولا زمنيا لتغيير وتأسيس إصلاح هذه المؤسسات سواء المدنية أو العسكرية، وفقًا لجدول زمني.
وفيما يقول الأكاديمي السوداني النور حمد إن الإتفاق الإطارى بمثابة طوق النجاة وفرصة للقوة السودانية للخروج من الأزمة السياسية من خلال الدخول في مفاوضات جادة، أكد أن “انقسامات الحرية والتغيير فتحت أبواباً لعودة لنظام البائد”.
ودعا الأكاديمي السوداني إلى التصدي للتدخلات الخارجية في الشأن السوداني، والتي “ستعمل على إعاقة التحول الديمقراطي، عبر الغطاء الجماهيري واستغلاله في قالب ديمقراطي زائف”.
التعليقات