دخلت الحرب شهرها الرابع، وتؤكد في كل يوم ما هو مؤكد منذ البداية. لا حلول عسكرية للأزمة السودانية، واستمرار الحرب يوماً واحداً يعني زيادة معاناة الناس ووضع البلاد كلها على شفا حفرة من الانهيار، وزيادة احتماليات التفريط في وحدتها وسيادتها وتمزيق نسيجها الاجتماعي.

رغم ضجيج قارعي طبول الحرب واكاذيبهم التي لا تنتهي الا اننا نظل متمسكين بخيار الحل السياسي السلمي الشامل، وهذا هو جوهر عملنا اليومي. اطلق البعض اكاذيب عن زياراتنا الاخيرة بالحديث عن نقاشنا لتكوين حكومة منفى وغيرها من الخزعبلات، وهو ما لم نتطرق له بتاتاً، وتركز كل نقاشنا حول كيفية الوصول لوقف دائم لاطلاق النار، واطلاق عملية سياسية شاملة، والتعاطي العاجل مع الأزمة الانسانية الخانقة التي تعصف ببلادنا وشعبها.

هنالك بعض المؤشرات التي ترجح خيار الحل السياسي الآن، بداية من التصريحات الايجابية التي صدرت مؤخراً من قادة القوات المسلحة والدعم السريع حول تفضيلهم خيار التفاوض، والموقف الدولي والاقليمي الذي عبرت عنه قمم الاتحاد الافريقي والايقاد ودول الجوار، إضافة لاستعداد المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الاميركية لاستئناف منبر جدة في القريب العاجل.

الحل السياسي نفسه ليس نزهة ولن يكون ميسوراً، وقد زادت الحرب من تعقيد القضايا التي تواجه البلاد وعصفت باستقرارها وامنها في العقود الماضية. أي حل سياسي يجب أن يجاوب على الاسئلة التالية:

١- كيف يمكن إنهاء وضعية تعدد الجيوش والوصول لجيش واحد مهني وقومي ينأى كلياً على السياسة، ولا يسمح فيه بأي تواجد حزبي لجهة، ويعبر عن تعدد وتنوع السودان، ويحتكر العنف الشرعي ولا يسمح ولا يقوم بإنشاء او تسليح أي جهات أخرى خارجه على أي أساس من الأسس، ويخضع للسلطة المدنية ولحكم القانون وحقوق الانسان؟

٢- كيف يمكن تأسيس نموذج شامل للعدالة ينصف ضحايا الجرائم المركبة التي ارتكبت ضد مواطني ومواطنات هذه البلاد في عقود متعددة واخرها حرب ١٥ ابريل، وكيف يمكن محاسبة الجناة وانصاف الضحايا وجبر الضرر عن كل ما اصاب الناس من مكروه مادي او معنوي؟

٣- كيف يمكن التوافق حول قواعد للتداول السلمي للسلطة دون هيمنة أو اقصاء؟ والتراضي على قواعد دستورية تؤسس لحكم مدني ديمقراطي مستدام؟

٤- كيف يمكن ادارة العلاقة بين المركز والاقاليم بصورة عادلة تنهي كافة اشكال التهميش التي اقعدت ببلادنا وضاعفت من المظالم وراكمتها منذ الاستقلال وحتى الان؟

٥- كيف يمكن إعادة إعمار ما دمرته الحرب، واتباع سياسات اقتصادية تشجع الانتاج وتوفر الرعاية والحماية للناس بصورة منصفة وعادلة؟

٦- كيف يمكن اعادة بناء مؤسسات الدولة بطريقة تضمن تحريرها من قبضة اي حزب او جهة وتجعل منها فعالة ومنصفة وتعبر عن تنوع البلاد وتعدده؟

هذه اسئلة مفتاحية بالاجابة عليها وأسئلة أخرى يمكن الوصول لحل مستدام ومنصف يضمن أن تكون هذه الحرب اخر حروب السودان، وان يعود السودان افضل مما كان. هذه الاسئلة صعبة وليست سهلة ولكن أليس من الأوفق أن نبذل جهداً فكرياً وسياسياً وعملياً في الاجابة عليها بجدية ودون تبسيط مخل؟

حبذا لو بذلنا بعض الجهد في هذا الاتجاه عوضاً عن الاستغراق في غوغائيات “بل وجغم”، والاستماع لأكاذيب دعايات مروجي الحرب التي ترمي لتغييب العقل تماماً. يمكن أن نصل لإجابات شافية وكافية متى ما كنا “شوية كده معقولين وموضوعيين” .. ممكن جداً جداً.

لا_للحرب

التعليقات