ظلت بلادنا لسنوات طويلة تعيش في صراع الحروب والتمرد وضعف وفساد الحكومات المتعاقبة، الأمر الذي أثر على الأيادي العاملة وعلى الإنتاج والإنتاجية في العديد من المشاريع الزراعية والصناعية والثروة الحيوانية والسمكية، على رأسها مشروع الجزيرة و مشروع السوكي وطوكر والقاش وغيرها من الثروات الوطنية ، حيث لم يستفد السودان استفادة كاملة من ما يتوفر له من إمكانيات ومشاريع.
وبالرغم من الأوضاع القاسية التي تعيشها البلاد في هذا التوقيت ورغم معاناة المواطنين إلا أن أضواء آخر النفق لم تنقطع، وظلت تسطع من مكان لاخر.
ومابين زخات الرصاص في العاصمة الخرطوم ومدافع الدانات في كردفان ودارفور، كان هنالك مدفع أقوى أضاء عتمة السودان وفتح للأجيال القادمة ضوء نفق جديد ، متمثل في إعادة الإنتاج بمشروع السوكي الزراعي بمساحة تقدر ب 130 ألف فدان، وإنتاج بلغ 100 ألف جوال ذرة في المساحة المزروعة من المساحة الكلية للمشروع حيث تم ري 65 الف فدان  تراوحت الزراعة فيه مابين “ال ذرة والسمسم وال ملوخية والبامية” بمساحة 60 ألف فدان للذرة اثر جهد كبير قامت به مبادرة إعادة تأهيل المشروع التي أطلقت مدفع الإنتاج بعد ثلاث سنوات في وقت اشتعلت فيها مدافع الحرب.
السوكي تاثر في الفترة الأخيرة لما يقارب عن ثلاثة اعوام بسبب مشاكل عديدة أبرزها الري، حيث توقف الانتاج بالمشروع، واستطاعت المبادرة بجهد مشترك اعادة صيانة طرمبتين من أربع طرمبات معطلة.
وللمعلومية يوجد حوالي 136 قرية بالمشروع و12500 مزارع جميعهم يعيشون على خيرات تلك الأرض البكر.
وقفنا على أحوال المزارعين في المشروع وتعرفنا على احتياجاتهم المتمثلة في ضخ المياه وتوسيع التمويل وتوفير التقاوي والاليات الزراعية المتطورة، وهي ليست بالأمر الصعب ويمكن العمل عليها اذا صوبت الدولة سهامها نحو تلك الثروة المتجددة.
بتفعيل مزيد من الشراكات مع البنوك والشركات مثل بنك فيصل، وشركة “سي تي سي” والشركة التعاونية، وآخرون كثر يمتلكون من خبرات وامكانيات يمكن أن تساهم في زيادة معدل الإنتاج.
تحاول المبادرة جاهدة في عمل مضرب في القسم الشمالي من المشروع، الذي يوجد به مضرب رئيسي في الناحية الجنوبية ب80 كيلو يقوم بتوزيع المياه داخل الأرض.
وتسعى المبادرة جاهدة إلى عمل سد في بداية المشروع عند منطقة جليدات للاستفادة من مياه الأمطار، وهي واحدة من التحديات التي يمكن انجازها وتحويل تلك المياه المتدفقة دون فائدة لصالح الأرض والمزارع والوطن.

ويتوقف التمويل بين تلك المشاريع وبين تنفيذها حتى تجد أحلام هؤلاء البسطاء مكان على أرض الواقع وتساهم في إرتفاع معدل الإنتاج.
حاربت المبادرة الفساد الذي تسبب في إدخال العديد من المزارعين السجون بسبب اطماع اخرين
وبالرغم من كل تلك الصعاب والتحديات استطاع المزارعين من تحقيق النجاح بمتوسط إنتاج يتراوح ما بين 15- 20 للمتزارعين الذين لديهم الحد الأدنى من التقانة، فيما بلغ الجزء الثاني من المزارعين الذين لم يملكوا التقانة متوسط انتاج 8- 10 جوال
ليرسلوا بذلك رسالة إلى الدولة والمستثمرين بأن سلاح الزراعة اليوم هو الثروة الأكبر للبلاد والعالم.

مخرج :

مبادرة مشروع السوكي الزراعي هي المبادرات التي تحتاجها بلادنا وهي مبادرة “التعمير” وليس “التدمير”!

كم من مشروع يحتاج إلى مثل تلك المبادرات لننهض، ونضع مكان “الدانة” شتلة، ومكان “الطلقة” بذرة… فهل نستنفر في الزراعة كما استنفر الناس في الحرب؟ !

التعليقات