جميعنا نتابع الإنتاج الوفير في هذا العام لمنتج المانجو في جنوب كردفان على وجه الخصوص منطقة (ابوجبيهة) ، حيث أنتجت المزارع الملايين من ثمار المانجو ، ولكن للأسف الإنتاج الوفير الذي حدث بدل ما يتحول لنعمة اتحول إلى أزمة لاصحاب المزارع .
والسبب في ذلك هو ان المزارع الذي يكافح ويعيش على هذا الرزق لم يستطع البيع بأسعار تضمن لهم دخل مناسب يسد حوجتم ويجعلهم يحافظون على المزارع ، وذلك بسبب الأسعار المتدنية جدآ ، نتيجة لانخفاض الطلب ، وبسبب أن المزارعين لايستطيعون تصدير المنقة خارج أبو جبيهة .

ويرجع ذلك لعدم وجود البنية التحتية المتمثلة في عدم وجود الطرق المسفلتة الناقلة لمناطق الاستهلالك ونتيجة لعدم توفر السيارات المبردة الناقلة للمنتج .
وهذه الاساسيات الغير متوفرة جعلت الجميع يشاهدون كميات كبيرة من المانجو متعفنة على طرقات المزارع وداخلها .
ولم تكن منطقة ابو جبيهة وحدها وقد رأينا في الجزيرة منتجات مثل الطماطم متدفقة بكميات كبيرة ، بسبب عدم وجود أسواق بديلة .
المزارعين ليس لديهم قدرة يصلوا لاسواق جديدة ولا يمتلكون القدرة على إمكانية تصنيع صلصة الطماطم اومعجون الطماطم ، ولا توجد حتى مصانع صغييرة .

ويفتقد المزارعين امكانيات التدريب على تصنيع المعجون منزليا .

في منطقة جبل مرة ، والتي تقع في غرب السودان ، وتشهد المنطقة اكبر مزارع البرتقال نجده ايضا يتعفن في بعض والمناطق وفي كل المواسم لنفس الاسباب المتمثلة في ضعف البنية والتحتية ، وضعف الترحيل والتصنيع وعدم قدرة المزارعين للوصول لاسواق جديدة خارج المنطقة .

في المناطق الشمالية من السودان ، نجد منتوج البلح يتم تصديره كخام ولا يتم تحويله الى منتجات ، وهو مايعني أن يتم بيعه باسعار منخفضة مقارنة مع ما يتم تصنعيه او تعليبه بشكل افضل ، وكثير من مناطق الانتاج سوف نقوم بالحديث عنها .
في ظل الانتاج الوفير الذي يقدمه المزارعين ، يجب تطوير زراعه المانجو وتوفير الامكانيات اللازمة من اجل تصديره والمنافسة به عالميا وضرورة العمل المستمر على تحسين الأصناف الموجودة وجلب أصناف جديدة تصلح للسوق العالمى من اجل تنويع الأصناف المصدرة ، وأيضا ضرورة تطوير عملية التغليف والتعبئة والاهتمام بجودة المنتج عبر كافة مراحل الزراعة .

أآمل أن يساهم الزراعييين بخبرتهم الواسعة، في وضع استراتيجية وطنية متكاملة لتطوير الزراعة والصناعات التحويلية في السودان.

وما لم يتم بناء خطة وطنية متكاملة تشمل الزراعة والتصنيع والتصدير، سيظل السودان يفقد جزءاً كبيراً من ثرواته الزراعية كل موسم، في مشهد يتكرر من أبو جبيهة مرورا الجزيرة إلى جبل مرة والشمالية.
الاستثمار في البنية التحتية والقوانين والكوادر هو الطريق الحقيقي لتحويل وفرة الإنتاج إلى رخاء اقتصادي.

الظروف الموضوعية المطلوبة للنهوض بقطاع التصدير والتصنيع الزراعي:
• البنية التحتية:
o إنشاء شبكات طرق مؤهلة تربط مناطق الإنتاج بالأسواق المحلية والموانئ.
o بناء مخازن مبردة ومعامل فرز وتعبئة في مناطق الإنتاج.
o توفير وسائل نقل مبردة لضمان جودة المنتجات خلال مراحل النقل.
• الإطار القانوني:
o سن تشريعات محفزة للاستثمار في قطاع الصناعات الزراعية التحويلية.
o وضع معايير وطنية للصادرات الزراعية تضمن الجودة والسلامة الغذائية.
o تسهيل الإجراءات الجمركية واللوجستية لتصدير المنتجات الزراعية المصنعة.
• الكوادر البشرية:
o تدريب مهندسين زراعيين وفنيين في مجالات التخزين والتبريد والتصنيع الغذائي.
o تأهيل مسوقين ومصدرين محترفين لفهم متطلبات الأسواق الإقليمية والعالمية.
o تطوير قدرات المزارعين عبر الإرشاد الزراعي وبرامج التوعية بأهمية التصنيع.

التعليقات