كتبت احداهن قائلة ان اختها تطلقت لسبب غريب ..فقد اعادها زوجها الى بيت اهلها لانها تضحك كثيرا ..وقال عنها انها غير جادة في حياتها ..سألوه هل هي مقصرة في بيتها ؟ واجباتها تجاهك او تجاه اطفالها ؟ قال لا ..بل هي مجتهدة جدا في بيتها وتربية اطفالها ..طيب ما هي المشكلة ؟ المشكلة انه لا يستطيع الحياة مع انسانة تضحك طوال الوقت ولا تحمل هما في رأسها ..تعليقات القراء كانت متفاوتة ..لكن الطف تعليق كان ما كتبته احداهن (اصلو الراجل بكون همه كلو يعمل تغيير في زوجته .. يستلموهم مفرفشات وضاحكات ..ويحولوهن لي نكديات ونقناقات ..يشيلوا نورن ويخلوا قنبورن) ..التعليق اضحكني بشدة ..خاصة الفقرة الاخيرة .
لكن الذي استوقفني حقيقة ..هي عبارة ان الرجل عموما ينشد تغيير المرأة التي تزوجها ..لازم يضع بصمته على شخصيتها ..هنا وجدت اجابة لاسئلة كثيرة وعلامات تعجب اكثر كانت تتردد بلا توقف في عقلي ..اذ تجد احدهم قد بلغ من الثقافة والعلم مبلغا ..عندما يريد الزواج ..يترك من تقاربه في الفكر والعلم ..ويذهب ليتزوج واحده اختارت بملء ارادتها ترك الدراسة ..ومن ثم تجده بعد ذلك حزينا لعدم استجابة زوجته لنداءاته لاكمال التعليم ..وتراه يشكو لطوب الأرض من الفارق الفكري والثقافي بينه وبين ام العيال ..دا اسمو شنو دا ؟ ..
نموذج آخر ..احدهم اختار درب الالتزام الديني وتفقه في المذاهب الأربعة ..تجده عند الزواج يبحث عن مواصفات في الشكل واللون ولا يتوقف عند القناعات الفكرية ..ومن ثم يدخل في صراعات لاقناع الخطيبة بالنقاب وترك المصافحة ..وقد كان له متسع في الاختيار بين فتيات اخترن النقاب والالتزام الديني ..والامثلة كثيرة حول اؤلئك الذين لايقفون عند نقاط الاتفاق وتجذبهم اضواء الاختلاف من على البعد …
كنت استغرب هكذا مواقف حتى قرأت التعليق اعلاه ..ان الرجل عموما يحس انه حقق نصرا مؤزرا اذا احدث تغييرا جذريا في طباع وافكار زوجته ..ويسعده ان هذا التغيير حدث لاجل ارضائه اولا واخيرا ..لذلك يغامر باختيار فتاة مختلفة عنه …ومن ثم يجتهد لادخالها في القالب المصنوع سلفا في ذهنه.. ..
والسؤال هو هل يجب ان يحدث التغيير مهما كان حتى لو كان صفة محبوبة الى صفة مذمومة ؟ لاحظ ان عكس الضحك هو النكد ..واغلب حملة الواي كروموسوم يتذمرون من نكد الزوجات وكثرة النقة ..فاذا صادف احدهم ان كانت زوجته مرحة ومبتسمة طوال الوقت ..لا يحمد الله على ذلك وانما يعيدها الى المصنع لاعادة الضبط ..
يا بني ..عند اختيارك رفيقة الدرب ..ابحث عمن تشاركك الافكار والقناعات اولا ..لان هذه الاشياء هي التي تبقى بعد زوال الغشاوة وفرحة الايام الأولى ..ابحث عمن تستطيع احتمال سلوكها وتصرفاتها طوال العمر ..فان كانت انسانة اجتماعية كثيرة الصداقات والحركة ..وانت من ذلك النوع (الكنباوي) الذي يلازم الكنبة ويتابع المسلسلات التركية.. .فابشر بقصر سلامة ..وانك ستكون قد فتحت برميل العسل بالمقلوب ..و ان كنت قارئا نهما ..تمتلك مكتبة وتعتبر ان الكتب هم اصدقاءك الاقربين ..ابحث عن تلك التي تسمعك دون ملل عندما تحكي لها عن ديستوفسكي ..وتشارلز ديكنز ..وبركة ساكن ونجيب محفوظ ..اما ان كنت مشجعا للكرة ..ومدمن مشاهدة ..فتزوج بابنة عمك لانها مجبورة عليك ..فلن تجد امراة تشاركك هذا النوع من الهوايات شافاك الله وعافاك …
تزوج بمن تشابهك فكرا وعقلا واعتقادا وسلوكا ..ودعوا عنكم قصة التغيير هذه فهي لم تنجح حتى مع ناس الحكومة…اما صاحبة القصة الاصلية ..فاضحكي يا صغيرة ..وقابلي الدنيا بابتسامة عريضة ..فالضحك هو دواء الاسقام ..وهو مفتاح القلوب ..وكم من ابتسامة كانت الضوء في ظلام الكآبة ..وكم من ضحكة كسرت الجمود وزرعت الامل في النفوس ..اضحكي على حد قول عركي (اضحكي ..تضحك الدنيا وتطيب )

التعليقات