الأول من مايو 2025
في لحظة تاريخيه فارقة تعبر عن تقدير وامتنان العالم للجهود العظيمة التي تقوم بها غرف الطوارئ السودانية الطوعية وسط الحرب في السودان منذ اندلاعها في 15 ابريل 2023م قامت بعثة الاتحاد الأوربي بمنح جائزة حقوق الانسان الاوربية للعام 2025 لغرف الطوارئ السودانية اعترافا وتكريما لها عن دورها الحيوي والحاسم خلال الحرب في السودان .
هذا التكريم يعد اعترافا أوروبيا وعالميا للمجهودات والدور الكبيرين اللذان تؤدياه غرف الطوارئ في انقاذ السودانيين وحفظ الكرامة الإنسانية في السودان .
كما نعلم ان غرف الطوارئ تأسست كمبادرة مجتمعية شعبية لتعزيز العون التضامني لدى السودانيين خلال فترة الحرب وذلك بمشاركة الموارد والخبرات والتجارب توسعت هذه الشبكة الى ان صارت شبكة وطنية ضخمة تضم الاف المتطوعين يوجدون في كل ركن من اركان السودان يعملون دون كلل او ملل وبتناغم كامل داخل الاحياء ومراكز الايواء ومعسكرات النازحيين القديمة وذلك لتوفير الاحتياجات الأساسية لملايين السودانيين وبشكل خاص الأطفال، النساء، كبار السن ، أصحاب ذوى الإعاقة داخل القرى والفرقان والمدن الكبيرة .
من خلال تقديم الطعام والماء، والإمدادات الصحية، وترميم المراكز الصحية، وتنظيم عمليات الإجلاء، أثبتت غرف الطوارئ قدرتها الفائقة على الوصول إلى مناطق نائية وخطرة، حيث يعجز غيرها عن الوصول.
وامتازت كذلك باستدامة عملها عبر شراكات مرنة ومتجذرة: قاعديًا مع المتطوعين، ودوليًا مع المانحين والشركاء الإنسانيين.
ما يجعل هذه الجائزة ذات دلالة خاصة هو أنها تمنح عادة للمدافعين عن حقوق الإنسان والمؤسسات التي تلعب دورًا فاعلًا في إنقاذ الأرواح وتعزيز الكرامة في أصعب الظروف.
تُعد جائزة حقوق الإنسان الأوروبية من أرفع الجوائز الحقوقية في العالم، وتمنح سنويًا من قبل البرلمان الأوروبي أو عبر بعثاته الخارجية، لتكريم الأفراد أو الجماعات الذين أظهروا شجاعة استثنائية في الدفاع عن حقوق الإنسان في أوضاع النزاع أو القمع. من بين الحاصلين على الجائزة سابقًا:
• منظمة الخوذ البيضاء في سوريا، التي أنقذت آلاف الأرواح خلال الحرب.
• أليسيا غارزا وإلى جانبها نشطاء حركة “حياة السود مهمة” في الولايات المتحدة.
• منظمات نسوية أفغانية استمرت في تقديم التعليم والرعاية رغم سيطرة طالبان.
وغرف الطوارئ السودانية اليوم تقف ضمن هذا الصف، عن جدارة واستحقاق.
لقد دفعت هذه الغرف ثمن التزامها غاليًا؛ فسقط من متطوعيها شهداء وهم يؤدون واجبهم الإنساني في مناطق القتال، وماتوا وهم يحملون الطعام، أو يجلون المرضى، أو يرممون مراكز الإيواء. هؤلاء الشهداء يجب أن يُذكروا كرموز وطنية لا تقل أهمية عن أبطال الجبهات.
ورغم التقدير الأوروبي، يبقى السؤال المطروح:
أين الاعتراف السوداني الرسمي والشعبي؟
غرف الطوارئ تستحق أن يُحتفى بها بوسام الدولة، وتُذكر في المناهج المدرسية، ويُخلد دورها في السردية الوطنية. هذا أقل ما يُمكن أن يُقدم لمن حملوا السودان على أكتافهم وهم يُنقذون الأرواح في زمن الخراب.
إن من يستحق جائزة نوبل للسلام اليوم هم أولئك المتطوعون، أولئك “المجهولون” الذين اختاروا أن يكونوا طوق نجاة في بحار الدماء.
كل التقدير والاعتزاز لغرف الطوارئ السودانية.
إنه انتصار للأمل، وإنسانية تتحدى الموت.

التعليقات