الخرطوم :تارا نيوز

خريف المشارب كان سخياً كعادته كل عام وفي هذا العام، وهو يقدم بالأمس مبدعا وشخصا عزيزا، غيمات مُسافرة كانت تسبق المشاهدين إلى هناك حيث جلس النجم زهير بانقا ليعلن عن حضور أشواق طالما اجتاحت الناس وهم يبحثون عن ذلك (العزيز جداً) في تفاصيل (البُعاد الطال). مفردات احمد البلال فضل المولي الغارقة في الحنين، والموغلة في تباريح الهوي كانت تنساب من علي شاشة قناة الخرطوم إلى مَسَامع الناس مرة بصوته ومرات بأصوات المبدعين الذين اعجبوا بفنه الرفيع وكتاباته الماتعه وانشدوها الحانا خالدة افرادا وجماعات..
ها هو المطر الذي ينبهنا احمد البلال إلى وقعه القاسي على ذاكرة تابي إلاّ أنّ تكون مزدحمة بكثير من المواقف والذكريات الحميمة، هو ذا الخريف يرش عطره على ود نعمان الوادعة ، وذات الغيم يجمل أهداب القرية بدعاش اللحظات الندية، وزهير بانقا (ابن العم والمنطقة ) في انتظاره على مشارف اللهفة وسرمدية اللحظة العبقرية التي جمعتهم بعد طول غياب..
عيونه الذكية وملامحه المسكونة ببريق العذوبة كانتا أول ما رأي المشاهدين وهم يستقبلونه انتظاراً للحظة (عناق) تطفئ نار الشوق التي لازمتهم منذ أن باعدت بين الناس المسافات وطالت الايام.
كان هميماً وصدوقاً، يُجَمِّله وقارٌ لا ينتهي، وتُميِّزه مروءة لا تغيب تحت كل الظروف،كان نقياً وصاحب ضمير لا ينام ولا يمل من تنبيهه الى عظة هنا وعِبرة هناك، عاش باراً بأهله، سنداً للقبيلة وابناً لكل الناس، (أخو إخوان)، صاحب حديث عذب والتقاطات ذكية ونظرة عامرة بالخير والجمال واشعار الغرام وعشق البلد..
اصطحب ود بانقا كل هذه الصفات وهو يهرول باتجاه أحضانه المشرعة والعيون تَتَوسّل – ببقايا دمعات للحظة تتوقف فيها عقارب الزمن، ..! كان لسان حال ود البلال يقول (ومن شدة الشوق العلينا) تعاهدنا ألا نفترق، وظللنا على ذات الميثاق، لأن (العزيز زهير) من قلائل تشتهي الا يغيبون عن عالمك- يضيفون إليك الكثير، وكذلك كان احمد البلال خارقاً لكثير من العادات حتى يُخيّل إليك انه ليس من البشر، امتاز بلسان عفيف وقلب شفيف، أدب جم، صوت خافت لا تخفضه الأزمات ولا تزيده الانفعالات، صاحب مزاج معتدل في كل الظروف والمناخات، جسور تسكنه حكمة بائنة، وودود يمنحك ابتسامة صافية في كل الأحوال، لا تسمعه منفعلاً ولا تراه خائراً، وهو آخر من ينهار..
يبكي سراً ليمنحك القدرة على التماسك في أصعب الأوقات..! ولأن نفسه عزيزة وهمته أكبر من الواقع، لم يراهن على علاقاته بالصفوة الثقافية في الخرطوم ، كان يعشق التراب ويهوى الزراعة، فعاش يأكل من عرق جبينه وكد يده، كان اهل ود نعمان يودعونه وهو في طريقه إلى الخرطوم ويتوسلون اليه أن يبقى بينهم، لأن البلد بدونه (مسيخة)، كان يبتسم إليهم ويوعدهم بأن اللقاء سيكون قريباً، فلا احد يستطيع إثناءه عن عشق التراب والطورية..!
هي دعوة للدخول الي عوالم احمد البلال فضل المولي بمصاحبة زهير الطيب بانقا في (مشارب الجمال)..

التعليقات