:: يوليو 2020، عندما تم الإعلان عن اختيار الولاة بالمحاصصات الحزبية، كتبت فيما كتبت بالنص: (ليس في المُحاصصات المُعلنة ما يُعيب لو أحسنت الأحزاب الاختيار ونجحت في امتحان الولايات.. فالشاهد أن الولايات هي أخطر امتحان لزعماء قِوى الحرية.. نجاح الولاة في تنمية الولايات، وبسط الأمن، وتحسين الخدمات، يعني نجاح الثورة وإعادة ثقة الشعب في الأحزاب، وفشل الولاة يعني بحث الشعب عن وسائل حكم أُخرى غير الأحزاب..!!
:: ولذلك، بجانب الكفاءة والأمانة، فمن يشغل هذه المناصب – القريبة من قضايا الناس – يجب أن يتميز بالحيوية والقدرة على الإبداع.. وتخطئ قِوى الحرية في حق الثورة لو تجاهلت الكفاءات بتوزيع المهرجين السياسيين على مقاعد الولاة ووزراء الولايات.. فالكفاءة هي التي تدير شؤون الناس بوعي ونزاهة ومهنية، وبالمؤسسية التي تصنع وترسخ أهداف الثورة.. أما المهرج، فهذا لا يصنع غير الأزمات وأسباب الانقلابات العسكرية).
:: هكذا كانت الأسطر الناصحة للحاضنة السياسية السابقة (قوى الحرية).. ويبدو أن تلك الحاضنة لم تعمل بالنصائح في كل الولايات، أي هناك ولايات تم فيها توزيع النُشطاء المهرجين، والعاجزين عن الإبداع، وما والي شمال كردفان إلا نموذج لسوء الاختيار.. آخر أخبار شمال كردفان، بعد أحداث العنف التي شهدتها عاصمتها، خرج واليها خالد مصطفى لوسائل الإعلام متهماً النظام البائد بالوقوف وراء الأحداث.. وليته اكتفى بهذا الاتهام وسكت..!!
:: لم يخبئ والي شمال كردفان فشله وضيق خياله وخطل أفكاره بالسكوت، بل أعلن في حوار – يوم أمس بالحراك السياسي – عن إنشاء ما أسماه بمصنع ضخم لعواسة الكِسرة بشمال كردفان، وذلك بعد استيراد أعداد كبيرة من الصاجات، واختيار نساء خبيرات في عواسة الكِسرة، وقد تم توفير جميع متطلبات العواسة، على أن يباع الإنتاج – الكِسرة – للموظفين والمواطنين بالسعر المدعوم، حسب قوله..!!
:: لم يتم افتتاح هذا المصنع الضخم، ولكن قال سيادته (قريباً)، فأنصحوه – بالله عليكم – بالكف عن هذه الترهات وعدم إهدار المال العام في الصاجات والعواسات، باعتبار أنّ هذا النشاط من أنشطة أفراد المجتمع، وليس (شغل حكومة).. فالحكومة بصدد التخلص من شركاتها ومصانعها، بما فيها التي (تهز وترز)، فما بال هذا الوالي يسبح عكس تيار حكومته لحد التفكير في استيراد الصاجات وتأسيس مصنع حكومي لإنتاج الكسرة..؟؟
:: وبما أن دراسة الجدوى التي أعدها هذا الوالي – لمصنع الكسرة – تُشير إلى بيع الإنتاج للمواطنين بالسعر المدعوم، فأخبروه بأن الحكومة في طريقها للخروج من دعم الرغيف، فكيف تدعم الكسرة؟.. ثم أن الثقافة الغذائية للأهل بكردفان تتراوح ما بين الرغيف في المدينة والعصيدة في الريف، فمن أوحى لواليهم بالكسرة، وأن توفيرها بحاجة إلى استيراد وتركيب صاجات..؟؟
:: على كلٍّ، إن كان هذا مستوى تفكير والي ولاية، فيجب أن يغادر المنصب، ويعود إلى حيث كان (يلقِّط التبش)، أو كما قال يوم تعيينه لتأكيد تواضعه.. وهو فعلاً متواضع.. أما لو بقي في منصبه، ولا بد من مصنع ضخم، فليكن المصنع لإنتاج العصيدة وليس الكسرة.. وبدلاً من استيراد مصنع للعصيدة، يمكن الاستفادة من خلاطات الأسمنت غير المستخدمة لعجزه عن رصف الطرق وصيانة الشوارع، وذلك بعد تعديلها، بحيث تخلط وتنتج العصيدة المدعومة..!!