ما شاء الله عليهم..
هكذا صحنا – فرحاً – عند رؤيتهم يلجون القصر الرئاسي على متن حافلة لأداء القسم..
وقارنا بينهم وبين من سبقوهم..
وقلنا إن هذا هو ما نريده – بالضبط – ممن يتسنمون السلطة في بلادنا من بعد الشبقين..
ونقصد بالشبقين قادة الإنقاذ طبعاً..
وهم – للعلم – كانوا قد استهلوا تمكينهم بإظهار للزهد أيضاً ؛ وقالوا إنهم الصحابة الجدد..
وما زلنا نذكر حديث بعضهم عن عدم مغادرتهم بيوتهم..
و(تمسكن) أحدهم – أمام الكاميرا – وهو يدمدم (بيتي المتواضع دا مش ح أخرج منه)..
وتمسكن آخرون مثله إلى أن تمكنوا..
ونسوا عبارة ثاني كبيرهم ( لو شفتونا بنينا العمارات وامتلكنا الفارهات أعرفونا فسدنا)..
وعرفناهم ؛ بعد أن رأينا العمارات…والفارهات…والحسناوات..
عرفاهم جيداً ؛ وعرفنا حقيقة زهدهم…وورعهم…واستقامتهم…وشعاراتهم…وحتى دينهم..
نعم ؛ حتى دينهم الذي لا يشبه دين الله الذي نعرفه..
ولكن تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ؛ وجاءت بعدها أمة الثورة ذات الدماء..
وهي أمة كانت تلعن التي سلفت…جراء كل الذي ذكرنا..
وحين دخل الذين انبروا لتمثيلها القصر بالحافلة قلنا : هذا هو الزهد يا أهل الإنقاذ فتعلموا..
سيما وإنهم انبثقوا من وسط دماء…وتضحيات…وعذابات الناس..
ولكن ؛ لو كنا نعلم الغيب لاستكثرنا من نقيضهم ولما مسنا السوء…اقتباساً من الآية الكريمة..
فقد بدأ مسلسل الخذلان منذ فضيحة الفارهات المشبوهة..
ثم ما فتئت الفضائح تترى ؛ النثريات…الصيانات…المخصصات…السفريات… والاخفاقات..
وكل يوم نُرذل إلى أن بلغنا – الآن – حافة الانهيار..
ورغم ذلك هنالك من يعيب علينا النقد من منصة فرحة يوم الحافلة الذي انخدعنا به..
انخدعنا بالحافلة…واليوم…ومظاهر الزهد..
فإذا بهم لا يختلفون عن الأمة التي خلت إلا بوجوه تخلو من اللحى…والزبيبة…و الخمار..
بل ازدادوا سوءاً ؛ بفشل بيِّن في إدارة الدولة..
ثم بفشل – أشد سوءاً – في مجرد الإحساس بمعاناة الشع ؛ انفصاماً كاملاً عن الواقع..
وكنا سنصبر على الفشل إن خلا من شبق السلطة..
سنصبر صبراً جميلاً والله كنا لو فقط غالبوا شهوات النفس إزاء شهوة السلطة ومغرياتها..
ولكنا رددنا معهم تبريرهم ذاته عن دولة (الكيزان) العميقة..
ولكن ما الذي يجعلنا نمسك أقلامنا – وألسنتنا – عن النقد الآن ونحن نرى نسخة من الإنقاذ؟..
نسخة أسوأ…وأفشل…وأعمق انفصاماً عن الشعب..
وتأبى المصائب أن تأتي فرادى ؛ علينا نحن طبعاً – المصابينا – لا هم أس المصائب..
فهاو جانبٌ من التاريخ يعيد نفسه بأعجل مما نتوقع..
فاللاحقون – في السيادي – يُعيدون تكرار مشهد السابقين ذاته فيما يلي الفارهات الرئاسية..
رغم ترديدهم عبارت الزهد المحفوظة نفسها ؛ بادئ الأمر..
فهكذا هم جميعاً ؛ من لدن (ما لدنيا قد عملنا)…وحتى (ما لأداء القسم نذهب بالفارهات)..
والآن اللاحقون يصرون على مثل فارهات سابقيهم..
والشعب – والذي أوصلتهم ثورته إلى القصر – يعز عليه صحن فول…و قيمة دواء..
وأجرة التي خدعونا بها…فانخدعنا..
الحافلة !!.