وليس هذا غزلاً.. سيما ونحن في مستهل شهر رمضان.. وليس في خاطري مقطع أغنية نجم الدين الفاضل (قالوا قطعة سكر).. وما أحب السكر – أصلاً – رغم إن الله عافاني من داء السكر.. ولا أحب – كذلك – شعر الغزل إن كان فيه خنوع…وضعف…ومذلة.. ومن أبيات الغزل التي أعجبتني تلك المنسوبة إلى يزيد.. فقد أحب يزيد بن معاوية فتاة… فقال فيها : طرقتك زينب والركاب مناخة…بحطيم مكة والندى يتصببُ.. بثنية العلمين وهناً بعدما….خفق الســماك وجاوزته العقربُ.. فتحيةٌ وكرامة لخيالها ….ومع التحية والكرامة….. مرحبُ .. ثم يمضي قائلاً وقد علم بتمنعها جراء رفض أسرتها له : وزعمتِ أهلك يمنعونك رغبةً عني…فقومي بي أضنُّ وأرغبُ.. يأبى وجدّكِ أن ألين للوعةٍ…عقل أعيش به……….وقلبٌ قُلَّبُ.. المهم ؛ إنني لا أحب السكر…ولا الغزل الذي من شاكلة : يا سكر.. ولكنني أحببته عصر يوم من أيام رمضان… أحببت السكر – وقد كنت صائما – وأنا طفلٌ ؛ لم ألج سوح الدراسة بعد.. ولم أستمع لنصيحة الكبار ( يا ولد إنت لسه صغير).. وكان دافعهم إلى الإشفاق عليّ – بخلاف العمر – سخونة أجواء ذلكم الشهر.. سخونة (طردت) الناس إلى ظلال النخيل…ومياه النيل.. وطردت النوم من أعين النساء – ظهراً – إلا أن يتغطين بمبلول الثياب.. وطردت من عقل كاتب هذه السطور – وقتذاك – حسن التقدير.. بل إن سوء التقدير جعله لا يميز أي شيء أفضل لجسده الذي أنهكه العطش.. فبدلاً من أن يسعفه بجرعة ماء…أغاثه بقطعة سكر.. فقد أعجبه سكرمتكوِّر رأى جدته – ابنة ساتي فقير – تخرجه من فترينتها عصراً.. فأخرج قطعة منه – عقب خروجها – وأخفاها داخل فمه.. فخرجت فعلته إلى أهل بيته – رغم محاولته سترها – قبل أن يخرج من الغرفة.. وكانت مادةً (حلوة) لسمرهم الرمضاني في عامهم ذاك.. ليس لأنه (قطع) صيامه وقد كان صغيراً ؛ وإنما لأسباب تستوجب الضحك.. وأول هذه الأسباب أنه (قطعه) بشيء تافه…لا يستحق.. وثانيها أنه – ما دام فاعلاً – كان من الأجدى له جرعة ماء ؛ لا قطعة سكر.. وثالثها ؛ أنه لم يكن قد تبقى لموعد الإفطار سوى نحو ساعة.. وطوال أيام رمضان ظل يسمع السؤال الساخر (قطع صيامه بشنو؟).. فيجئ الرد الضاحك (قالوا قطعة سكر بس).. ويقارنون بيني وبين صغيرٍ آخر (قطعه) ببلحة من تمر القنديلة الذي لا يُقاوم.. فهو – في نظرهم – يفضلني من حيث حسن الاختيار.. أو بمقدار ما في البلحة من مقدار الحلاوة…والحجم…والقيمة الغذائية.. والآن إذ أجتر هذه الذكرى الرمضانية أتساءل بفضول: يا تُرى بماذا كانوا (يقطعون) صيامهم خلسةً – وهم صغار – تماسيح الإنقاذ.. أي حين كانوا أورالاً ؛ جمع ورل.. وبماذا كانوا يقطعونه ضباب – جمع ضب – فترتنا (الانتقامية) هذه؟.. وهل كانوا يطبقون – حرفياً – مقولة (صيام الضب)؟.. فالضب كل ما يجده يهجم عليه (كب) ؛ هكذا يقولون.. أم صاروا ضباباً الآن فقط – في رمضان وغيره – بعد أن فُتنوا بشهوات السلطة؟.. إن الفرق بينهم وأولئك كبيرٌ…بالطبع.. مثل الفرق بين حفنة سكر وحبة بلحة عند قطع الصيام في نهار رمضان.. ولكن إن لم (يكبروا) – ضميرياً – فكل شيء جائز.. وربما نراهم – عما قريب – وقد حذوا حذوهم حتى في الهجوم (كب) على الحسناوات.. فيضيف الواحد منهم إلى زوجته من تعجبه من الصغيرات.. من تحرك بداخله شهوةً تماثل التي تجذبه نحو النثريات…والفارهات…و الامتيازات.. من تكاد تجعله يغمغم : بلحة قنديلة.. وسكر بس !!.