*انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي أمس خبر يبدو من مضمونه وصياغته أنه مفبرك وغير صحيح، مثل كثير من الأخبار والمواد التي ينشط البعض في فبركتها ونشرها خاصة على (الفيس بوك) لنشر الفوضى وتسميم الأفكار وارباك المواطنين، خاصة الفئات الهشة فكرياً وثقافياً ــ وهي الغالبية ــ التي تصدق كل ما ينشر وتتعامل معه وتروج له على انه حقيقة!
- جاء في الخبر الذي نسب لوزيرة التربية والتعليم المكلفة الاستاذة (تماضر الطريفي) ــ وانشره بأخطائه ــ : “يبدا تصحيح امتحانات الشهادة السودانية بعد عيد الأضحى المبارك وسوف يتم الاعلان عنها في منتصف سبتمبر المقبل، أي شهر 9 ولأول مرة منذ سنة 1987 . ويتم قبول الطلاب بنظام البوكسل (أي المواد الاساسية عربي، انجليزى، رياضيات، المادة الاختيارية +الفيزياء او الكيمياء للعلمين ام الادبين الجغرافيا او التاريخ حسب الدرجة الكبيره.
وسوف يتم تنويركم بهذا النظام فى الايام المقبلة.
(ادارة الاعلام، وزارة التربية والتعليم)” انتهى الخبر
*يمكن لأي شخص يتمتع بالقليل من الثقافة والمعلومات أن يكتشف ركاكة الخبر والاخطاء الكثيرة التي اشتمل عليها سواء من الناحية اللغوية أو الفنية وغيرها، بالإضافة الى الخلط بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي، ما يؤكد مفبرك ومن فبركه شخص (جاهل)، غير ان الخبر خدع الكثيرين فصدقوه وروجوا له نقلا عن ثلاثة مواقع على الفيس بوك، هي مجموعة (كشف امتحانات الشهادة السودانية ) ومجموعة (مدارسنا في السودان) و(شبكة أيمان الاخبارية) ــ أيمان (الهمزة على الألف) التي يبدو من نوع الاخبار التي تنشرها انها تتبع لجهات معادية للدولة ويشرف عليها بعض الجهلاء، غير أن عضويتها الضخمة تؤدى لانتشار أخبارها بسرعة كبيرة، بالإضافة الى استهدافها للطلاب والشباب مما يجعلها شديدة الخطورة ويتطلب حسمها بشكل عاجل بالتعاون مع إدارة الفيس بوك!
*بإعادة قراءة الخبر سنكتشف الاخطاء مثل استخدام حرف الهاء بدلاً عن التاء المربوطة في كلمة (الكبيرة)، وكتابة (العلمين والادبين) بدلا عن (العلميين والادبيين) وكتابة أما بدلاً عن (ام) وركاكة الصياغة كما أسلفت، وعلى سبيل المثال المحاولة المضحكة للتعريف بأن شهر سبتمبر هو شهر 9 ، بالإضافة الى الخلط بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ، إذ ان تحديد مواد القبول من اختصاص وزارة التعليم العالي، وليس وزارة التربية والتعليم !
*كما احتوى الخبر على خطأ فاحش يشير الى ان كاتبه لا يعرف ما يتحدث عنه عندما أشار الى ان القبول سيتم بنظام (البوكسل) والصحيح نظام (البوكسنق) وهو مجموع المواد المؤهلة للقبول في الكليات المختلفة حسب طبيعتها (أدبية أو علمية)، حسب النظام القديم الذي كانت تتبعه الجامعات السودانية ومكتب القبول الموحد لقبول الطلاب بدلاً عن نظام (النسبة المئوية العامة) الذي اختاره النظام البائد وفرض الكثير من القرارات المجحفة في حق الطلاب ومستواهم الاكاديمي مثل التعريب والمواد الاضافية التي اطلق عليها اسم (مطلوبات الجامعة) التي تبدد الجهد والوقت والمال والامكانيات فيما لا ينفع، فضلاً عن اعتماد نظام النسبة المئوية العامة للقبول التي لا تفرق بين تخصص وتخصص وطالب علمي وطالب أدبي، وتقحم مواد مثل العربي والتربية الاسلامية للقبول في كليات لا علاقة لها بالعربي والتربية الاسلامية مثل الطب والهندسة وغيرهما !
*لم أكن أتوقع ان ينتشر خبر ركيك يمتلئ بالاخطاء والمعلومات الخاطئة، بهذه السرعة والكثافة، ما يدل على الدمار الهائل الذي أحدثه النظام البائد في التعليم والبنية التعليمية والثقافية للشعب الامر الذي يجب ان يجد الاولوية في المعالجة، واجراء تغيير جوهري في التعليم والمناهج على كافة المستويات، وعلينا أن نعرف أنه بدون اصلاح نظام التعليم، فلن يتغير حالنا وسنظل جهلاء وأميين حتى لو توفر لنا كل شيء وصرنا أغنى اغنياء العالم .. وأتمنى أن يحل (البوكسنق) بالفعل محل النسبة المئوية العامة في القبول، فليس من المعقول ان يدخل طالب كلية الطب او الهندسة لإحرازه درجات عالية في مواد ليس لها علاقة بدراسته!