:: ما لم تهدر الحكومة والشعب الفرص الذهبية، فمن ملامح الغد المشرق بإذن الله، ما تحدّث عنه وزير الزراعة المكلف عبد القادر تركاوي، يوم أمس الأول.. فالبلاد على موعدٍ مع وفد أمريكي رفيع المستوى، منتصف الأسبوع القادم.. وأعضاء الوفد ليسوا من السياسيين، أو كما تعوّدنا على ذلك، بل هم من المُستثمرين في قطاع الزراعة، هكذا يُبشرنا تركاوي..!!

:: ومنذ الإعلان عن رفع اسم بلادنا من قائمة الإرهاب، كثيرة هي الشركات الأجنبية التي (تجس النبض)، وتتلمس الخطى، بحثاً عن موطئ استثمار.. والكرة في ملعب الحكومة والمجتمع.. نعم، بما أن مناخ الاستثمار في بلادنا يُلفت أنظار وعقول المستثمرين، كما كان حال مناخ حكومة نيفاشا الذي شهد أكبر توافد للمستثمرين في تاريخ السودان، يجب معالجة الأزمات التي تعيق الاستثمار حتى لا نعيد سيناريو تشريد المستثمرين..!!

:: وكما ذكرت في ذات زاوية، رفع اسم بلادنا بمثابة مدخل للمستثمرين إلى بلادنا، وأن مسؤولية استقبالهم وتهيئة المناخ لاستثماراتهم، مسؤولية جماعية، تتقاسمها الحكومة والمجتمع والإعلام.. وعلينا أن نتعظ، ونستغل هذه الفرصة، وقد تكون الأخيرة، لإزالة كل معيقات الاستثمار في بلادنا، وما أكثرها.. ولكن أعظمها هي (عقبة الأرض).. فالأرض في بلادنا شاسعة، ولكن بعجزنا عن إدارتها تحولت إلى (عقبة)..!!

:: وقبل أسابيع، رصدت خطاباً لوزير العدل نصر الدين عبد الباري، بورشة تقييم تجربة قسمة السلطات بشأن الغابات والموارد الطبيعية بوزارة العدل، تحدث فيه عن وجود قضايا بين المركز والولايات في عدد من الاختصاصات المقيدة في الدساتير السابقة، وعلى رأسها قضية إدارة الأرض واستغلالها.. وقد صدق مولانا نصر الدين في تشريح الأزمة، إذ هذه إحدى مآسي بلادنا منذ الاستقلال وإلى هذا اليوم..!!

:: وما لم نتجاوز (عقبة الأرض)، لن تنهض البلاد حتى ولو توافد إلينا مستثمرو العالم بكل رؤوس أموالهم.. فالأرض في بلادنا لا تملكها الدولة، كما تنص الدساتير، بل تملكها القبائل والمجتمعات بوضع اليد، وامتلاك القبائل للأرض أكبر معيقات الاستثمار والتخطيط.. لقد طورت الدول من حولنا علاقة الإنسان بالأرض ثم نظمت هذه العلاقة بالقوانين التي لا تظلم المجتمعات ولا تعطل الاستثمارات..!!

:: ولكن عجزنا عن سَن قوانين تطور علاقة الإنسان بالأرض، وتنظمها بحيث تكون الأرض لمصالح الشعب، وليست للقبائل والمجتمعات بلا مصالح.. وما لم تتجاوز علاقة المواطن بالأرض هذه العلاقة (التقليدية المتخلفة)، فلن تهنأ البلاد بالاستثمار الأمريكي وغيره.. ومولانا نصر الدين يعلم بأن كل أقاليم بلادنا مقسمة إلى (حواكير)، ولكل قبيلة (حاكورة)، ممنوع الاقتراب منها بأمر القبيلة، وليست الدولة..!!

:: ثم بضعف القوانين، صارت الأرض في بلادنا (سلعة)، وليست مصدر إنتاج واستقرار.. وهناك وسائل ناجعة لمُكافحة تجارة الأراضي، ومنها فرض رسوم باهظة – 25% من قيمتها، على الأقل – على الأرض غير المشيدة، كما تفعل السعودية ودول أخرى.. هذا مع استثناء ملاك القطعة الواحدة، وهم الشريحة العاجزة عن تشييدها، وتركها لحين تحسن ظروفها الاقتصادية..!!

:: ومع فرض الرسوم على (الأرض البيضاء)، وهي غير المستغلة، يجب نزع الأراضي التي تم توزيعها لمن أسموا أنفسهم بالمستثمرين، ولكنهم بدلاً من استثمارها (يُسَمْسِرُون فيها) أو تركوها (بوراً).. وعليه، لتحسين مناخ الاستثمار، فبقوة القانون، فلنجعل الأرض لمن (يسكنها أو يفلحها)، وليس لمن يتاجر بها أو يُخزّنها – لأجل غير مسمى – رغم حاجة الناس والبلاد إليها..!!