انتبه لكلمتنا هذه..
ثم انتبه لأيما صورة تاريخية لجماعة من البشر…من بعد اكتشاف كاميرات التصوير..
وما قبل ذلك حاول أن تنتبه له تخيلاً..
ولكن ما تحصل عليه من الصور هذه – خبط عشواء – انتبه لأي شخصٍ من شخوصها..
ثم اسأل نفسك : هل كان يمكن أن أكون أنا؟..
أم أن حظك كده؟…سواء كان من السماء – كما يقولون – أو من تحت طقاطيق الأرض؟..
وبالمناسبة ؛ كلمة طقاطيق عربية فصحى..
ومفردتها طقطوقة…وهي صوت الحجارة عند وقوع بعضها على بعض جراء سببٍ ما..
وقد يكون زلزالاً…أو بركاناً…أو انهياراً أرضياً..
فيكون حظك المزعوم – من ثم – مطقطقاً مثل طقاطيق الأرض…أو لا يسوى ثمن طقطوقة..
وأقول المزعوم لأنه شيءٌ من بنات أوهامنا..
وأيَّاً ما كان السبب فهو تشبيه غير مستحب للحظ…بعكس أن يُشبه حظك بأنه من السماء..
بمعنى أنك شخصٌ محظوظ..
والحظ هذا له ابنة عم هي الصدفة…وهي ابنة عمه – كذلك – من حيث اللا وجود وجوداً..
فليس الحظ – إذن – ما كان يمكن أن يجعلك شخصاً آخر..
شخصاً غير الذي أنت عليه الآن…كأن تكون أحد من تراهم في صورة تاريخية قديمة..
أو أن تكون أحد قوم نوح ؛ سواءً الناجين منهم…أو الغارقين..
وليس بالضرورة أن تتخيل كونك إنساناً ؛ فلم لا تكون كلب أهل الكهف…على سبيل المثال..
أو هدهد سليمان…أو حمار عزير…أو حوت موسى..
بل وليس بالضرورة أن تكون ذا روح – أصلاً – تحل في جسد مخلوق…أي مخلوق..
بشراً كان…أو طيراً…أو حيواناً..
فقد كان يمكن أن تكون ذرة رمل…أو قطرة ماء…أو شرارة نار…أو شهاباً في السماء..
فلماذا لم تكن أيَّاً من ذلكم؟..
وكنت – فقط – ما أنت كائنٌ عليه الآن ؛ برسمك…وطبعك…وبصمتك…وأحلامك..
وينسحب السؤال نفسه على من ليس موجوداً الآن..
على من يُقدر له أن يقرأ كلمتنا هذه بعد مئة عام…فلماذا لم تكن قبل ألف سنة مثلاً؟..
لماذا لم تكن ديناصوراً؟…أو ماموثاً…أو عفريتاً من الجن؟..
بل ولماذا لم تكن وردةً في حقل؟…أو شجرة في غابة؟…أو دودة في باطن الأرض؟..
أو أن تكون أي شيء – أو أي أحد – بخلاف كونك أنت؟..
بخلاف ما صرت إليه – وعليه – بعد المئة عامٍ هذه ؛ ولا تقل لي إنه الحظ…أو الصدفة..
ولا تقل – أنت الذي تقرأ كلمتنا هذه الآن – الشيء ذاته..
طيب ماذا تقول؟…أو يقول هو؟…….لا أدري…ولا أنت تدري…ولا هو يدري…
وما السائل بأعلم من المسؤول..
ولكن ما أعلمه – منطقاً – أنه ما من قوة غيبية اسمها الحظ ؛ تبت…وتقرر…وتُوجد..
فأنت إذن موجود في ظرفي زمان – ومكان – محددين..
وهذا أمر لا يد لك فيه ؛ ولا أن تكون طويلاً أو قصيرا…أسمر أو أبيض…وسيماً أو دميما..
وما دون ذلك – أو فوقه – راجعٌ كله إليك..
إليك وحدك ؛ لا حظ…لا بخت…لا صدفة…..ولا أي عامل آخر لا سيطرة لك عليه..
وكلمتي هذه اليوم ليست صدفة..
وإنما أوحى إلي بفكرتها – أمس – صديق قحتاوي…حمدوكي…هبويوي ؛ من هبة..
وذلك في سياق حديث – أليم – عن الراهن..
والقاسم المشترك الأحزن بين الانتساب الثلاثي هذا هو الحظ…أو بالأحرى لعن الحظ..
ولا تسلني عن موقع هبة من الإعراب النقاشي هنا..
فهو أقحمه من زاوية شخصية ؛ وأنا أقحمه – الآن – من زاوية سياسية…اقتصادية..
وخلاصة نقاشي معه أنه ما من شيء اسمه الحظ..
فهؤلاء لم يهبطوا على كراسيهم هذه من السماء…وإنما نحن من رفعناهم مكاناً عليا..
ثم أجلسناهم عليها…بكامل إرداتنا…أو بكامل غبائنا..
فبدلاً من أن يرفعونا نحن بآمالنا…وأحلامنا…وواقعنا ؛ رفعوا الدعم..
ثم رفعوا أنفسهم إلى السماء وهم يهمهمون بلسان الحل السعيد : حظنا من السماء..
أما نحن فقد خبطوا بنا الأرض..
صوب طقاطيقها !!