ضل الدليب

منذ حضور السيد الدكتور عبدالله حمدوك وآداءه القسم أمام رئيس مجلس السيادة رئيسا للوزراء وإعلانه الصريح انه رئيسا لوزراء كل السودانيين في اللقاء التلفزيوني الشهير مع الإعلامي آنذاك ووزير الإعلام الآن الأستاذ فيصل محمد صالح برز واضحا للعيان أن هذا الرجل يملك افقا واسعا وفكرا ليقود البلاد الي بر الأمان وينقلها نقلة اقتصادية مذهلة وفقا لخطط متكاملة في شتي المجالات وعلي رأسها نظام القيمة المضافة علي المنتجات والتي يري انها يمكن أن تشكل دعما إضافيا للصادرات السودانية وضرب مثلا وقتها بالثروة الحيوانية فبدلا من أن تصدر حية يجب انشاء مسالخ لها بالداخل والاستفادة من بقية مخلفاتها كالجلود وتوفير عمالة كبيرة في هذا المجال..
لم تمضي ايام علي هذا الخطاب إلا وتفاجا سيادته بسحب كل الصلاحيات منه من قبل مركزية قوي الحرية والتغيير وذلك بالتدخل في اختيار بعض الوزراء بعيدا عن نظام التنكنوقراط الذي كان يخطط له ..وازدادت التدخلات في عمل الوزراء أنفسهم وعلي رأسهم الدكتور ابراهيم البدوي والذي جاء هو الآخر بخطط واضحه لاصلاح الانهيار الاقتصادي فوضع موازنته وفقا لجدول زمني يبدأ بفترة المائتي يوم ..هذا البرنامج وضعه بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وأسسوا ما يسمي بمجموعة المانحين أو أصدقاء السودان يعتمد هذا البرنامج في الأساس علي الرفع التدريجي للدعم وتوجيهه للفقراء والشرائح الضعيفة..ويتم عقد اجتماع ربع سنوي للتقيم ووضع اسس للمرحلة الجديدة مع تقديم دعم مالي مقدر وفقا لاحتياجات المرحلة بلغ ٤٦٠ مليون يورو في اجتماع باريس الأخير ويتوقع أن يذيد تدريجيا في اجتماع برلين هذا الاسبوع ليصل الي مبلغ ملياري…
اما قوي الحرية والتغيير فقد عمدت الي محاربة سياسات هذا الخبير الاقتصادي وعطلت اجازة الموازنة الي حين انعقاد موتمر اقتصادي في شهر مارس المنصرم لم يتثني عقده حتي الان والسنه المالية دخلت في الربع الثالث..
ولعل كل ماكان يقلق قوي الحرية والتغيير هو خوف ردة الشارع من رفع الدعم وهو الخطأ الاستراتيجي الذي وقعت فيه لأنها تعاملت كجسم سياسي يخاف زوال سلطته وتناست انها جاءت من رحم هذا الشارع الثائر الذي هو بطبيعة الحال يدرك مآلات إسقاطه للنظام السابق وقادر علي المذيد من الصبر والتحمل وبذل المزيد من التضحيات نظير عدم العودة بعقاب الساعة الي الخلف..
أصبحت القطيعه علنية بين مكون الحرية والتغيير والسيد وزير المالية ذهب حد المطالبة باقالته من المنصب..
هذا الاختلال في الأوضاع لم يترك للسيد رئيس الوزراء خيارا وهو الخبير الاقتصادي المحنك والذي تشهد له التجارب بإصلاح العديد من اقتصاديات دول كانت في وضع أكثر أنهيارا من وضع السودان الاقتصادي فلم يبق أمامه سوي العمل بثنائية تكنوقراط حقيقيه مع الدكتور البدوي والتشبث به. رغم حجم الضغوطات التي تواجههم ..فتحملا معا المخاطرة برفع الدعم وتبعاته فإن فشل فالوزر عليهما وان نجح كالزيادة الدراماتيكية في مرتبات الشرائح الضعيفة فالنجاح آباؤه كثر…
هذه الثنائيه حققت نجاحات كبيره ومازالت موعوده بالكثير. بعد وصول الدعم الاجتماعي علي مستوي الأفراد والانتقال مع أصدقاء السودان من مرحلة الدعم بالتقسيط الي مراحل دعم مشاريع البوت ودعم المشاريع التنموية الكبرى كمشروع الجزيرة وغيرها وذلك بنظام القروض الحسنة طويلة الأجل والمنح واعفاء الديون ..
اما الثنائية الآخري وهي أيضا تدل علي ذكاء هذا الرجل ونظرته البعيدة فهي المرحلة الثانية من المعالجات الاقتصادية بتكوين آلية الطواري الاقتصادية والتي تمخضت عن ثنائية مع السيد نائب رئيس المجلس السيادي السيد الفريق أول محمد حمدان دقلو والتي تمخضت عن أداء قسم ثنائي علي المصحف المكتوب بخط اليد تلزم بالعمل المخلص لاصلاح الاقتصاد والذي يلعب فيه السيد الفريق دقلو دورا بارزا بحكم سيطرته علي قطاع كبير من شركات الذهب وامكانيات الرجل الخارجيه باعتباره مفتاحا للعلاقة مع قوة اقتصاديه كبري لا يستهان بها وهي الإمارات والسعودية…..
ولعل أبرز نتائج هذا الحلف الثنائي ما طفأ علي السطح موخرا من الزيارة التي من المفترض أن تكون سرية والتي قام بها السيد الفريق دقلو الي دولة إثيوبيا ومن الواضح انها بتنسيق تام السيد الدكتور حمدوك باعتبارها منطقة نفوذ مغلق له يصعب اختراقها..وفي الجانب الآخر ماتم من اختراق في المحور الإماراتي وذلك بالاتصال الهاتفي الذي أجراه السيد حمدوك بولي عهد الإمارات وامير دبي السيد محمد بن زايد آل نهيان ورغم قصر المكالمه وتفاصيلها المعلن عنها الإعلام لكن مما لاشك فيه أن هنالك اختراق حقيقي قد حدث علي المحورين وسينعكس مردود ذلك علي كثير من الملفات في القريب العاجل سيما الملف الاقتصادي…
خلاصة القول أن السيد رئيس الوزراء يسير بخطي ثابته..ولعل الإجراءات الاقتصادية الاخيره في قطاع الذهب والمصارف والموانئ. ومحاربة الدولار خطوات في الدرب الصحيح وشاهد علي ثبات الخطي.. برغم المعوقات ولكن الأمر يتطلب الوقوف الي جانب الرجل دون وضع المعوقات والمتاريس فيه طريقه ..مع ترك حرية التصرف المطلق له لأنه رئيس وزراء السودان .وموهل لذلك ويجد قبولا واسعا فلا
( تريسوه وتتيسوه )… وحتما سيعبر.
والله الموفق

التعليقات