رؤي

في ظل الأزمة المدلهمة التي ألمت بالعاصمة القومية الخرطوم ودارفور ، بسبب الحرب التي يدور رحاها بين مليشيات الدعم السريع وقوات الشعب المسلحة الباسلة ، تدافعت جموع أهل الخرطوم الي الولايات طلباً للنجاة ، ودفعاً لضريبة الحرب الباهظة ، بعد تركهم لكل ماملكوه خلفهم من ممتلكات وأموال ، خرجوا جميعا وقلوبهم شتي وجراحاتهم تنزف دون طبيب يداوي ، والطرقات تحكي عن أوجاعهم ، ومآسيهم ، خرج الجميع وكل يحمل قصة من الألم والحزن ، حتي الصغار تحسبهم شيابا من هول ماشاهدوه في معركة الكرامة ، لتتلقفهم ولاية الجزيرة التي إحتضنت العدد الأكبر منهم حتي فاضت بهم الطرقات وإمتلئت معسكرات الإيواء ومنازل الأسر ، وبيوت الإيجارات ، كل ذلك يحدث والحرب تدخل شهرها الرابع وقد تكون بإذن الله في خواتمها ، يحدث كل ذلك دون أن تضع الولاية خطة طموحة تستفيد من قدرات الوافدين وخبراتهم وأطروحاتهم في لقاء جامع لتنمية وتطوير الولاية التي تحتاج الي كثير من الجهد والعمل ، سيما وأن الوافدين فيهم الكثير من أصحاب الكفاءات والخبرات والثروات والأموال ، ويبقي السؤال ماذا فعلت ولاية الجزيرة للإستفادة من كل هذه القدرات البشرية والثروات القومية التي أضحي جلها معطلة وخاملة ؟ ، لو كنت ناصحة لوالي الولاية لنصحته بعد إستقرار اللجنة العليا لطوارئ الحرب التي أدت دورها علي الوجه الأكمل في إمتصاص الصدمة وتخفيف وطأة الكارثة ، ويظهر ذلك جليا في الإستقرار التام للوافدين إلا من بعض الهنات التي تُصاحب أي عمل ، لنصحته بتكوين لجنة طوارئ ثانية بعضوية وزير التخطيط العمراني وآلياته ، مع إستصحاب الخبرات الهندسية من الوافدين ، ومهمتهم إنشاء جسور أهمها جسر يربط بين جزيرة الفيل والعريباب ليربط منطقة الشرق حتي أم القري ، وجسر آخر يربط مابين منطقة الدناقلة شرق حتي الشكابات ، وجسر يربط منطقة فداسي وماجاورها ، حيث تُشكل هذه الجسور بوابات لدخول الوافدين علي بقية الولاية لفك الإكتظاظ عن حاضرة الولاية ، وبالتالي يسُهل التنقل مابين محليات الولاية في سهولة ويسر ، ومع هطول فصول الخريف حيث تتحول العديد من المناطق الي جزر معزولة حتي إنتهاء الخريف ، ومن ثم توزيع الخبرات والكفاءات العملية والعملية والرأسمالية وفق قاعدة بيانات يفترض تواجدها لدي لجان الإيواء ، ولتكن البدايات من الكوادر الطبية والتخصصية بعمل أيام علاجية وعيادات تُبني عليها قاعدة حقيقية للصحة في الولاية عامة ، ويمكن إعتمادها لتكون نقطة الإنطلاق الحقيقية ، في خاطري مدي أبعد من ذلك وهو إحياء مشروع الجزيرة من خلال شركة مساهمة عامة لروؤس الأموال التي عقدت مؤتمرا سابقا في الولاية ، حيث جاءت المخرجات تقتضي ضرورة الإستثمار في عدة مشاريع وبرامج ، ولكن نقولها وبعلو الصوت أن الجزيرة لايشبها إلا عودة العافية الي بدن مشروع الجزيرة الذي أحسبه المنقذ الحقيقي للإقتصاد السوداني وإسهامه في رفع عجلة الإنتاج ، وإزالة الغبار المتراكم عبر السنوات عن محالجه ومصانعه وآلياته ، وبما أن الرؤية القادمة التي تستوجب أن تُبني علي ثوابت وبنيات حقيقية لتمزيق فواتير الإستيراد الخارجي ، والعمل علي دعم الناتج المحلي لمزاحمة الآسواق العالمية ، فهذه النكبة والكارثة التي حلت بالسودان عموما وليس الخرطوم ودارفور يجب أن تُعد بمثابة إعادة التوزان الفعلي للوطن وفق رؤية وسياسة إنتاجية بعيدا عن الإعانات والإعتماد علي الأخرين في مواردهم ، ولهذا فالأمل المنشود هي ولاية الجزيرة أن تحقق الإستقرار الفعلي والحقيقي للسودان في مرحلته القادمة والتي نريدها كما قال الشاعر المخضرم الفيتوري في قصيدته إفريقيا طوت الظلام وودعت حقباً عجافاُ لاتعي لاتنطق ، ولهذا علي والي الجزيرة ( أن يكرب قاشه ) لقيادة رسن الإقتصاد السوداني ، وإنطلاق ثورة البناء والتعمير والنهضة الحقيقية والفعلية للسودان القادم ، وأن يترك الجيش لقيادة معركة الكرامة ، فالسودان يجب ان يستفيد من مصابه لينهض من كبوته وهو أقوي .
فهل يفك والي الجزيرة اللجام عن الولاية لتبدأ السباق الوطني الكبير في ظل معركة الكرامة التي تعني وطن جديد ملئه الشجاعة والإنتاج ؟؟ .

رؤي أخيرة

من أرض المحنة من قلب الجزيرة
يجينا خيرها دافق ينسينا الزخيرة

التعليقات