لا أستبعد ان تكون هناك مؤامرة وراء فتح أبواب سد مروي وتفريغ البحيرة دفعة واحدة، ما أدى لإغراق الأراضي الزرعية والقرى أمام السد فالأمر ابدا لم يتم بصورة عادية إذ أن المعتد ان يبدأ التفريغ من أواخر يوليو ويستمر حتى بداية سبتمبر ليبدأ موسم التخزين الجديد مع الحفاظ على سريان نسبة مقدرة من المياه القادمة لتمرير نسبة كبيرة من الطمي خشية ان يترسب في قاع البحيرة.
ما حدث هذا العام ان التفريغ بدأ بغتة دون أى انزار في يوم 4 اغسطس وفتحت ابواب السد على اوسع مصارعها فكانت المياه الخارجة اكبر من قدرة حوض النهر رغم ارتفاعه لنحو 5 امتار واجتازت الجسور الواقية التي يقارب ارتفاعها المترين وغمرت المياه جميع الأراضي الزراعية ودمرت المنازل وكل ذلك تم في 5 أيام فقط.
أشك في كون الأمر مؤامرة خبيثة لان ضربة كهذه ستصيب عدة أهداف مرة واحدة.. فعلاوة على غرق الأراضي الزراعية واتلاف المحاصيل ودمار محصول البلح وقتل الأشجار الصغيرة سيرتب الفيضان واقع بيئي يساعد في تفشي أمراض الكلى والملاريا والكوليرا وغيرها من الأمراض المنقولة بالمياه على اعتبار أن الفيضان يعطل محطات مياه الشرب المقامة على النيل لاستحالة الوصول اليها ما يجعل المواطن يتجه لاسغلال المياه الآثنة.
ثم لا استبعد المؤامرة لأن القاصي والداني في كل العالم يعلم ان منسوب النيل هذا العام سيكون أقل من سابقه على اعتبار أن أثيوبيا حجزت جزء من المياه في سد النهضة .. وبالتالي فإن تفريغ البحيرة بالكامل اتظارا للمياه الجديدة اشبه بحال الأغنية “دفقت مويتي على الرهاب” إذ كيف ضمن القائمون على أمر السد ان تكفي المياه القادمة لملء البحيرة وهي التي فشل فيضان كامل في عام مضى في ملئها… اللهم الا ان يكون القائمون على امر السد ارادوا ان يخلقوا أزمة لوزارة الكهرباء الموسم المقبل فعملوا على عدم تخزين المياه….
وكذلك ستكون المياه غير كافية للزراعة في موسم الجفاف فتخرج الولاية الشمالية كلها من الموسم الشتوي العام المقبل وهي الولاية التي بدأ التعويل عليها في التوسع في زراعة القمح لتقليل قاتورة الاستيراد
أرى ان الفيضان الذي حدث رغم عن كونه أزمة آنية تحتاج لحلول عاجلة في توفير المعينات للمواطنين المتضررين وتعويضهم عن اغراق مزارعهم ومنازلهم الذي تم بفعل فاعل.. الا ان آثاره ستكون وخيمة العام المقبل ولذا فعلى مجلس الوزراء ان يكون لجنة تحقيق عاجلة لمعرفة المتسبب في هذه الكارثة لا ان يصمت عنها صمت القبور كما يحدث الآن.
اخشى ما اخشاه ان يكون الأمر حلقة في مسلسل استفزاز مواطن الشمالية المستمر من سقوط النظام كمكافأة لخروجه على نظام الإنقاذ البائد وقيادة الثورة المجيدة.

التعليقات