في دولة الحرية تنفضح ظواهر مستفزة جداً وتنكشف الكثير من الأسئلة والتحديات التي تتطلب إدارتها إتفاقاً بين المكونات الوطنية بوعي ومسئولية ووفق المصالح الوطنية في درجاتها الأعلى، وكتابة ذلك وتوثيقه فيما يعرف بنظام العقد الإجتماعي الذي يجب ان يضمن القانون والدستور. وهو النظام الضابط لكل الشعب والذي يحدد حدود حرية الفرد والجماعة والمكونات الثقافية والسياسية والدينية  وينظم نشاطهم وحريتهم بما لا يتعارض مع مصالح الفرد والمجتمع. ويحفظ التوازن بين هذه الثنائيات المهمة جداً في حياة اي فرد واي مجتمع واي دولة علي وجه الأرض.
والسؤال الأهم والجوهري في هذه اللحظة هو: هل نحن شعب واحد أو بالفعل نريد أن نكون شعب واحد ودولة واحدة؟؟ إن كنا كذلك ونحن كذلك بالفعل. إذن يجب علينا أن ننظم علاقاتنا وندير حريتنا وكل شئوننا الأخرى وفق عقود تنظم حياتنا في جميع اوجهها. وهذا بالضرورة يتطلب تنازلات من الفرد لصالح الجماعة وتنازلات من الجماعات لصالح الدولة. حتي نكون وطن وشعب له مشتركات تمثل وجهه ولونه وسماته بين الامم والشعوب وتصون صفاته وتحميها.
وإلا فلا داعي للوطن الواحد والشعب الواحد. اما ان نتفق او نسلم أرضنا ومجتمعاتنا لغيرنا ونتفرق علي دول العالم ونتلاشي ونعيش تحت سطوة وقيم الاخرين وننسي تاريخنا وحضاراتنا ومستقبلنا لأننا فشلنا وبالتالي لا نستحق أن نكون شعب واحد ودولة موحدة.
المحافظة علي الأوطان وبناء النظم التي تحفظ مصالح وعلاقات الشعوب هي مسئولية الافراد وكل مكونات الشعب الاجتماعية وقواه السياسية والفكرية والدينية غيرها، كلهم من هو في داخل وخارج الحكم.
وبدل ان نبدد الجهد والطاقات في المتاجرة بمشاكل المواطن والوطن اليومية والمتكررة ونغرق في الصراع السياسي علينا ان نجتهد في بذل الجهد في بناء مقومات الدولة والشعب الواحد. ونجتهد لتاطيرها فكراً ووعياً بها وتنظمها ووضع الحلول لها وفق حوارات وطنية شاملة ومتسعة لا تستثني أحد ولا يهيمن عليها أحد وبمسئولية تامة وبلا انتهازية. فاذا نجحنا في التوافق علي الدولة ومشتركات الشعب والنظام الذي يدير شئوننا والديمقراطية التي تدير الحكم وتداول السلطة عندها تصبح احتياجات المواطن ممكنة الحل لأن الموارد بعد ذلك ستذهب كلها لصالح المواطن.
ومن تلك الثنائيات مثلاً:
الحرية والحقوق الخاصة والعامة: نحتاج أن نكون أحراراً حرية تامة فوق أرضنا وتحت سماءنا ولكن وفق قيم نتوافق عليها ونلتزم بها، تحفظ علاقاتنا وحقوقنا وممتلكاتنا وعروضنا وتحافظ علي الذوق العام وتنكر المنكرات وتجرمها حتي نعيش في اطمئنان علي حيواتنا واملاكنا ورؤسنا عالية وشرفنا مصان. لأننا نحن الشعب السوداني وليس شعب الواق واق.
السلام والوحدة الوطنية: السلام مهم ولكن تماسك الوطن أهم. أي سلام لا يستهدف وحدة الوطن ليس سلاماً، وليس مقبولاً ولا من المسئولية التاريخية أن افاوضك وأنت لا تؤمن بالوحدة والمصير المشترك بل يجب أن أقاتلك.
الإصلاح الإقتصادي وسيادتنا: الاقتصاد مهم جداً وكرامة شعبنا وسيادة الوطن أهم. ولذلك يجب أن يكون الهدف هو الاعتماد علي أنفسنا داخل وطننا وعدم ارتهان إرادتنا لغيرنا أو التنازل عن سيادتنا وبيعها باي ثمن مهما غلي.
العلاقات مع أمريكا مهمة وتمثل أحد مفاتيح العلاقات والتعاون مع العالم ولكن سيادتنا هي الأهم لتماسك شعبنا ووحدة ترابنا ومن اجل اجيالنا القدامة وتميزنا بين الأمم.
نحتاج جداً لنتجاوز كل مشاكلنا ولكن مهم أن نفعل ذلك بأيدينا واراداتنا الحرة وليس بارادة الآخرين حتي نضمن نجاح الحلول ورعايتها وحتي يؤدي ذلك لتقوية الثقة في علاقاتنا البينية وحتي يبقي الوطن قوياً ومتماسكاً.
نحتاج ونريد تقدم الوطن وتطويره بأعجل ما يمكن ولكن يجب أن ننجز ذلك بصورة تجعله تطور متصاعد ومتين وتجعله وطناً كريماً عظيماً ذو كبرياء وعزة نحبه وتحبه وتفتخر به الأجيال الحاضرة والقادمة وتواصل في بنائه والمحفاظة عليه وتحميه بالمهج والأرواح.

التعليقات