الحدود الأرترية عقيق: أحمد جبارة
إن معاناة إنسان شرق السودان، تتجسد في الوصول إلى مدينة بورتسودان، من محلية عقيق، وقراها “عقيتاي ومارفيت وقرورة وعدوبا وعرريب وعيتريا ” بالحدود الإريترية، حيث يمضي المواطن صالح عشرات الساعات في الطريق الوعر ذات التضاريس “الخشنة” مستغلاً في ذات الوقت (اللوري) والجلوس على جنباته تحت أشعة شمس حارقة، يقيها بلفافة عمامته، عند أرض حجرية قاحلة، وذلك لقطع مسافات تمتد لآخر اليوم، يقضيها بين عثر الطريق المتقطع، والوقوع في “حفره الكثيرة” على طول المسافة، وويلات خور بركة، الذي باتت بركته منزوعة، ويقول صالح إن معاناته ووصوله لبورتسودان تأتي في سبيل تلقي العلاج، وضروريات العيش اليومية، والذي يرى أن عدم تعبيد الطريق تسببت فيه الحكومة السابقة، حيث بحسب صالح فإن الشركات المنفذة “المصرية” للطريق غير مؤهلة لرصف الطريق لجهة أنها تخدع وتماطل حكومة السودان في إكمال الطريق.
مطالبات الأهالي
يعد صالح واحداً من بين عدد كبير من مواطنين عقيتاي وقرورة الذين يشتكون من طريق عقيق بورتسودان ، كما إنه ومن خلال الجولة التي قام الوفد الاعلامي لمحلية عقيق فإن طرق المحلية طرق وعرة وتفتقر للبنية التحتية وهو ذات الامر الذي طالب به الاهالي في حديثهم (للجريدة) حيث طالبو بضرورة تعبيد الطريق الرئيسي الذي يربطهم ببورتسودان، بجانب الطرق التي تربطهم بالقرى الفرعية والمجاورة لهم ، وطالب المواطنون كذلك بضرورة تشييد الكباري والجسور ، محملين حكومة النظام السابق سبب عدم قيام الطريق الرئيسي لجهة أنها كانت تماطل في تشييده منذ أمد بعيد. نقص في المياه عطفا على تعبيد الطرق فإن منطقة عقيتاي تعاني من نقص في المياه وذلك بسبب السيول التي جرفت الآبار وهنا يطالب مواطنو عقيتاي حكومة الولاية بضرورة حفر آبار جديدة لهم، بجانب إنشاء سدود لتوفير المياه للشرب والزراعة ، مؤكدين أن بعض محطات المياه قد تعطلت.
أمراض فتاكة
وأشتكى مواطنو عقيتاي من ضعف الخدمات الصحية والتعليمية في المنطقة، مشيرين إلى أنهم يواجهون صعوبات في التنقل بين القرى ومدينة بورتسودان لجهة أن الطريق الرابط بينهم وبين مدينة بورتسودان لم يكتمل بعد، بجانب إنه طريق وعر وشاق لا سيما في فصل الخريف، وكشفت (الجريدة) في جولة لها في المنطقة عن ارتفاع عدد من الامراض في مقدمتها الملاريا والانيميا، بجانب شح في الدواء لاسيما أمصال “العقارب” وقال أطباء ومعلمون في المنطقة إن المنطقة تشهد ارتفاعاً في معدلات الفقر ، بجانب غياب كامل عن دور الحكومة في تقديم الخدمات للمنطقة ، وكشف عدد من المواطنين لـ( الجريدة) عن عدم وجود ابسط مقومات الحياة الصحية والتعليمية حيث يعانون نقصاً في الكوادر التعليمية والاجلاس ، بجانب الكوادر الصحية ، كما اشتكى آخرون من كثرة إنتشار حشائش المسكيت في الزراعة ، فضلا عن تضررهم من الجرافات المصرية في البحر الأحمر لجهة أنها يفترض أن تقوم على عقود في اماكن محددة، بجانب أنها تجرف الحياة السمكية ، وترجع الاسماك النافقة.
وضع مأساوي
فيما رسم مدير المركز الصحي بعقيتاي محمد عبدالله صورة مأساوية للوضع الصحي في المنطقة إذ قال إن المركز في المنطقة به عنبر واحد لستة الف مواطن ، وزاد: لا نملك معملاً حتى لفحص” الملاريا” كما أن كل المحلية بها عربية اسعاف واحدة، مطالباً في ذات الوقت حكومة الولاية بتوسيع المركز، بجانب زيادة عدد الاطباء فيه ، فضلاً على أن يكون به مكتب إحصاء وصيدلية ، وأردف: حتى الآن لم يزورنا مسؤول من الولاية ، محملا في ذات الوقت الحكومة ما يجري من تدهور للخدمات في المنطقة لجهة أنها ظلت متجاهلة قضايا مواطني عقيتاي، وحول سؤال عن أكثر الأمراض المنتشرة في المنطقة قال مدير المركز الصحي إن أكثر الامراض هي الانيميا لجهة إنه يوجد مفهوم خاطئ للمرض حيث أن بعض الحوامل من النساء يتخيلن أن الطفل الذي في بطونهن بعد الحمل سيكبر لوحده لذلك بمجرد أنها تشعر بالحمل لا تأخذ الوجبات الدسمة وفي ذات الوقت لا تملك الوجبات التي تنمي بها الطفل لذلك يقل جسمها وتصاب بالأنيميا، وزاد: كذلك مع الانيميا منتشرة امراض الاطفال كالحصبة والشلل والملاريا ، واستدرك ، لكن بعض الخيرين في الولاية وبعض المنظمات وفرت لنا العلاج ، وأردف: الطفل بعد العلاج وتعافيه يعود لنا مرة أخرى لجهة أن الغذاء الذي يتناوله في المنزل فقير ويجعله عرضة للمرض مرة أخرى ، قاطعاً بأنه لايوجد علاج لمرض الانيميا ، داعياً حكومة الولاية لتوفيره ، كاشفاً عن أن وزارة الصحة بالولاية تماطل في توفر الدواء لهم بحجة أن القرية يفترض أن تدفع ميزانية محددة ولم تدفعها، راهنة توفر العلاج بسداد الديون التي على القرية.
حالة طوارئ
ممثل لجان مقاومة عقيتاي علي همد ضرار تحدث للإعلاميين عن دور لجان المقاومة قائلا ” شكل لجان المقامة في المنطقة هي عبارة عن اجسام ثورية تعمل على ضغط حكومة الولاية وتراقب أدائها وبعدها تذهب إلى مرحلة البناء ” وتابع “بالنسبة لفيضانات عقيق بدأت يوم٢٥/٧ وأول جسم اتحرك لها كان لجان المقاومة في عقيق ككل واتواصلنا مع لجنة طوارئ الخريف بالولاية حيث واجهتنا تحديات كثيرة أبرزها لم يكن للإدارات في الولاية اي دور في مساعدة المتضررين في المنطقة الامر الذي جعلنا نجلس مع الشركات المصرية التي تعمل في الطريق وبالرغم من ذلك ظلت تماطل في مساعدتنا ” وأرجع سبب الفيضان إلى عدم تشييد الطرق في وقتها المحدد له ، بجانب سوء إلإدارة في المحلية حيث بحسب ممثل لجان المقاومة فإنها تدار من بورتسودان ، مطالبين بأن تكون الادارة في المحلية لجهة أن الادارة عن قرب ستساعد المسؤولين في الوقوف على احتياجات المواطن وتتلمس مشاكله ، مؤكداً وجود مدراء المحليات يوفر كثيراً من الخدمات ، وشكى من نقص حاد في الكادر التعليمي وإجلاس الطالب ، وزاد ، هنالك كثير من المعلمين المعينين بيد أنهم لم يقوموا بواجبهم ، محملا في ذات الوقت حكومة الولاية المسؤولية لجهة أنها لم تراقبهم ، كاشفاً عن أن المنطقة تنتشر بها الالغام ، حيث بحسب ممثل لجان المقاومة فإن منطقة عقيتاي فقدت أرواح عديدة بسببها ، وأرجع ذلك لعدم وجود معرفة لمكان الالغام من الجهات المختصة ، وقال همد إن المنطقة مازالت تعيش في حالة الطوارئ ، بجانب أنها تنتشر فيها السكنات العسكرية لكن عاد ليؤكد أن الاجهزة الامنية تتعامل معهم بصورة طبيعية ، فيما ارجع عضو آخر بلجان المقاومة استمرار حالة الطوارئ في المنطقة إلى ما أسماه بالتقديرات الامنية التي تراها حكومة الولاية باعتبارها منطقة حدودية ، ولا يستبعد أن يكون هدف الحكومة من الطوارئ هو عدم تفعيل حركة النشاط التجاري والاستثماري في المنطقة .
مطالبات مشروعة
وطالب أهالي قرورة بتفعيل وحدة الجمارك والتي كانت معطلة منذ تسعينات القرن الماضي لجهة إنهم يريدون أن ينظموا حركة التجارة ويمنعوا التهريب ، فضلاً عن ازدهار التجارة في المنطقة ، لكن رئيس قسم شرطة قرورة النقيب محمد إيلا يقول إن وحدة الجمارك “شغالة” بيد أن الحدود مقفولة ، متعهداً حال تم فتح الحدود مع ارتيريا ستفعل وحدة الجمارك وستكون وحدة جمارك قرورة مثلها ومثل المعابر والمنافذ في السودان، وكشف عن أن سكان المنطقة في قرورة يميلون للعرف الاجتماعي والترابط مستشهدا بعدم تدوين بلاغات كثيرة تتعلق بجرائم السرقة والاذى الجسيم ،وأردف “خلال السنتين الماضية لم يدن سوى ٦بلاغات كلها كانت بلاغات عادية ولم تكن بلاغات للسرقة او القتل ” وبدوره هو أيضاً رسم صورة مأساوية لقسم شرطة قرورة حيث يقول إن القسم يفتقد لمقاعد جلوس الضيوف ، بجانب إنه يملك عربة واحدة يستغلها رئيس الوحدة ، داعيا حكومة الولاية إلى حل مشاكلهم في القسم ، وقال إن منطقة قرورة منطقة عسكرية وهنالك بعض المتفجرات ظهرت فيها ومازالت تشكل عقبة لهم ، وكشف عن المناطق التي تتواجد فيها المتفجرات وبحسب النقيب هي منطقة “قادم قفريت” داعياً إلى تفتيشها من تيم متخصص من سلاح المهندسين لجهة أنها متوقع أن يكون بها متفجرات ، كذلك منطقة “شابري ” والتي تقع في الخط الحدودي ، بجانب منطقة “علدليبة “ومنطقة حلفا “حامية قرورة القديمة” فضلاً عن جبال حلشتو في عينتربا .
وكشف إيلا عن مناطق سياحية في المنطقة أبرزها منطقة السلسلة الجبلية والتي تبدأ من منطقة “خضراء” جنوب عيد ، بجانب منطقة إسمها “فدديت” والتي تقع في جبال قنت ، مؤكداً أن كل هذه المناطق منسية بالرغم من توفر فيها مقاومات الحياة.
قافلة الأمل
ولأن منطقة عقتيتاي وقروروه جرفتها السيول وتشهد نقصاً في الخدمات الصحية والتعليمية ، كان لزاماً على قافلة ” سَئيَت” والتي هي احدى القوافل الخيرية بالولاية والتي تتكون من قروب ظلال اكوبام و منظمة عوفيام الطبية و منتدى اكوبام الثقافي وجمعية نورة الخيرية _ أن تتقدم وتتجه صوب عقيتاي وقرورة ، وبالفعل قدمت أيام صحية وعلاجية بالمنطقتين، بجانب أنها قدمت برامج رياضية وثقافية بمناسبة عيد الاستقلال، وقدمت كذلك القافلة مواد غذائية وملبوسات وأواني منزلية للمتضررين من السيول، وكانت المنطقة قد شهدت فيضانات في شهر ديسمبر الماضي وهو الامر الذي تسبب في جرف ثلاثة أحياء وأحدث الضرر الكامل والجزئي لعدد ١١٥ منزلاً بعقيتاي، بجانب نفوخ الماشية بالمنطقة وجرف آبار كل المياه ، فضلاً عن وفاة شخصين بمنطقة عدارات نتيجة لصاعقة رعدية.
التعليقات